تونس: «النهضة» تدرس خياراتها بعد بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة الجديدة

TT

تونس: «النهضة» تدرس خياراتها بعد بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة الجديدة

في انتظار إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، اليوم (الخميس)، عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التونسية، بعد بت المحكمة الإدارية بصفة نهائية في الطعون المقدمة من قبل بعض الأحزاب، يبدأ العد التنازلي لموعد تشكيل الحكومة الجديدة، التي تتزعمها حركة النهضة، خصوصاً أنه لن يتبقى أمامها وفق الآجال الدستورية سوى أسبوع واحد لاختيار رئيس للحكومة، وترشيحه رسمياً ليكلف من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بتشكيل الحكومة المنبثقة عن نتائج الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في السادس من الشهر الماضي.
وتدرك حركة النهضة (إسلامية)، الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، أنها ستظل تواجه «معضلة» التشاور مع شركائها في الائتلاف الحاكم، وأنها ستصطدم بمجموعة من الشروط المجحفة التي قدمتها بعض الأحزاب شرطاً لمشاركتها الحكم، وفي مقدمتها حركة «تحيا تونس» التي يقودها يوسف الشاهد، حيث اشترطت تنازل «النهضة» عن الرئاسة للمشاركة في هذه الحكومة، وهو ما قوض مبكراً إمكانية انضمام «تحيا تونس» للائتلاف الحكومي الذي تقوده حركة النهضة دون شروط.
لكن حزب «تحيا تونس» ليس الوحيد الذي قدم شروطاً، اعتبرتها حركة النهضة «تعجيزية»، بحسب تعبير بعض قادتها، فهناك أحزاب سياسية وازنة أخرى اشترطت بدورها تخلي «النهضة» عن رئاسة الحكومة، ومن أهمها حزب «حركة الشعب» (قومي)، وحزب «قلب تونس» (ليبرالي)، إضافة إلى مجموعة من الأحزاب المنبثقة عن حزب «النداء»، الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وفي ظل هذه الشروط والعقبات، تطرح خيارات عدة أمام حركة النهضة خلال الأسبوع المحدد لتشكيل الحكومة، ومن بينها تأكيد تحالف سياسي بين النهضة (راشد الغنوشي) والتيار الديمقراطي (محمد عبو) وائتلاف الكرامة (سيف الدين مخلوف)، وهو تحالف يضم أكثر من 90 نائباً، إضافة إلى تصويت نواب من كتل أخرى لصالح حكومة الائتلاف، مثل نواب «تحيا تونس» (14 نائباً)، ونواب «قلب تونس» (38 نائباً)، وفي هذا السياق هناك تسريبات تشير إلى وجود توافق حول هذا السيناريو، وتفضيله من قبل أحزاب عدة ممثلة في البرلمان.
أما الخيار الثاني، بحسب عدد من المتتبعين للشأن السياسي المحلي، فيقوم على توسيع قاعدة الأحزاب المشاركة لضمان حزام واسع للحكومة، وهذا يندرج في خانة «حكومة وحدة وطنية»، وهو ما سيزيد الضغط على حركة النهضة التي ستجد مبررات لتتحالف مع «قلب تونس»، بعد أن اتهمته بعض قياداته في السابق بالفساد.
ومن المنتظر أن تعقد حركة النهضة اجتماعاً لمجلس الشورى نهاية الأسبوع الحالي، يخصص لعرض المستجدات حول المشاورات التي قادتها بهدف تشكيل الحكومة، ويبدو أن القرار النهائي لمجلس الشورى سيكون بإقرار تفويض المكتب التنفيذي لقيادة المشاورات السياسية مع المرشحين للانضمام إلى الائتلاف الحاكم.
وبهذا الخصوص، قال محمد بن سالم، قيادي حركة النهضة، إن الحزب طرح أسماء أخرى لرئاسة الحكومة، إضافة إلى الرئيس راشد الغنوشي. وتتضمن القائمة كلاً من سمير ديلو، وعبد اللطيف المكي، وعبد الحميد الجلاصي. لكنه نفى وجود صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة المقبلة، مشدداً على أن «النهضة» تنشد الحصول على حزام سياسي داعم للحكومة، وأن تحظى بأكبر عدد ممكن من الأصوات الداعمة لها في البرلمان.
كما أشار بن سالم إلى إمكانية إيجاد شخصية وطنية محلّ توافق بين الأحزاب الراغبة في المشاركة في الحكومة، مبيناً أن هناك هدفاً مشتركاً بين «النهضة» وعدد من الأحزاب، وفي مقدمتها مكافحة الفساد، وتحقيق أهداف الثورة، على حد تعبيره.
لكن بعد مرور نحو شهر على انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة، دون التوصل إلى نتائج ملموسة، فإن حركة النهضة ستجد نفسها في مرمى الضغوط والانتقادات المتباينة، وأولها مسألة تحديد اسم المرشح لرئاسة الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، خصوصاً أن بعضها طالب بوزارات بعينها، مثل حزب التيار الديمقراطي، الذي اشترط الحصول على وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، في ظل مخاوف من العودة إلى المحاصصة الحزبية، التي طالما كانت محل انتقاد عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها يوسف الشاهد منذ 2016.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.