قلق وتخوين وتنكر... تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة البغدادي

الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
TT

قلق وتخوين وتنكر... تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة البغدادي

الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)

كشفت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» الأميركية بعض التفاصيل حول الأيام الأخيرة في حياة زعيم تنظيم «داعش» السابق أبو بكر البغدادي، الذي قُتل في غارة عسكرية أميركية شمال غربي سوريا، أواخر الشهر الماضي.
وقالت الوكالة إنه في الأشهر الأخيرة من هروبه، كان البغدادي «مضطرباً، خائفاً من الخونة، يعتمد دائماً على دائرة من المقربين يتقلص عددها باستمرار، يتنكر في بعض الأحيان كراعٍ للغنم، ويختبئ أحياناً تحت الأرض».
وحسب «أسوشييتد برس» فقد كان البغدادي في آخر أيامه رجلاً مهوساً بأمنه، وكان يحاول إيجاد الأمان في البلدات والصحاري في شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، مع انهيار كل مناطق سيطرة التنظيم المتطرف.
ولعدة أشهر كان يحتفظ البغدادي بمراهقة إيزيدية كـ«جارية»، وأبلغت الأخيرة «أسوشييتد برس» أن البغدادي كان يتحرك دائماً مع مجموعة ثابتة مكونة من سبعة من المقربين له، وأنه منذ أشهر قام بتفويض معظم صلاحياته إلى نائب كبير له، ومن المرجح أن يكون هو الرجل نفسه الذي أعلنه «داعش» زعيماً جديداً له.
المراهقة الإيزيدية التي تم إطلاق سراحها في غارة بقيادة الولايات المتحدة في شهر مايو (أيار) الماضي، قالت إن البغدادي حاول أولاً الفرار إلى محافظة إدلب السورية في أواخر عام 2017، وبعد أن وصلت قافلته إلى طريق رئيسي قريب، استدار خوفاً من التعرض لهجوم على ما يبدو.
وتنقل البغدادي بعد ذلك من مكان إلى آخر في شرق سوريا خلال عام 2018؛ حيث كانت معاقل «داعش» تسقط، الواحد تلو الآخر في أيدي القوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة، قبل أن يتوجه إلى إدلب مرة أخرى في ربيع 2018.
وقالت الفتاة إن البغدادي كان يغتصبها ويضربها بشكل متكرر؛ لكنه أرسل لها قطعة من المجوهرات كهدية في إحدى المرات، وكان يتحرك ليلاً فقط، ويرتدي أحذية رياضية، ويغطي وجهه دائماً.
ويقول مصدر آخر، وهو محمد علي ساجيت، الذي كان متزوجاً من إحدى بنات الزبيعي (والد زوجة البغدادي) إنه شاهد البغدادي مرات كثيرة على مدار 18 شهراً، وآخر مرة كانت في المناطق الصحراوية على طول الحدود السورية العراقية، قبل فترة من القبض على ساجيت نفسه، في يونيو (حزيران) الماضي.
وأكد ساجيت أن تحركات البغدادي كانت مقيدة بشدة في الآونة الأخيرة، مع فقد مزيد من أراضي «داعش»، وكان يرتدي دائماً حزاماً ناسفاً، وينام مع أحد بالقرب منه، وجعل مساعديه أيضاً يرتدون الأحزمة الناسفة، ولم يكن يستخدم الهاتف الجوال أبداً.
وأشار ساجيت إلى أن الإجهاد الذي تعرض له البغدادي ساهم في تفاقم مرض السكري عنده؛ حيث كان يلجأ في كثير من الأحيان إلى جرعات الإنسولين، وفي شهر رمضان الأخير لم يكن صائماً، كما أنه أجبر مساعديه على عدم الصوم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن، يوم الأحد الموافق 27 أكتوبر (تشرين الأول)، أن البغدادي فجَّر حزاماً ناسفاً ليقتل نفسه، عندما اقتربت منه القوات الأميركية خلال عملية عسكرية أميركية شمال غربي سوريا. وقال مسؤول أميركي لوكالة «رويترز» للأنباء: «دُفن رفات البغدادي في البحر، وفقاً للشريعة الإٍسلامية».
وقال الجيران الذين كانوا يسكنون بالقرب من المجمع الذي هاجمته الغارة الأميركية، إن 10 طائرات مروحية حلَّقت فوق قريتهم قبل الساعة 11 مساءً، ليلة العملية التي قادتها الولايات المتحدة، وأشاروا إلى أنهم خرجوا إلى الشرفات ليروا ماذا يحدث، وشاهدوا عناصر يطلقون النار من بنادق آلية، فقاموا بالاختباء داخل منازلهم.
ولفتوا إلى أن الأميركيين حذروا السكان من الاقتراب من منزل البغدادي، وقال أحد الجيران: «لم يتوقع أحد حقاً أن يكون البغدادي هنا»، حسب وكالة «أسوشييتد برس».
وأكد تنظيم «داعش» مطلع الشهر الجاري مقتل البغدادي، وأعلن تعيين خلف له، وتعهد بـ«الثأر».
وقال المتحدث الرسمي الجديد باسم التنظيم، أبو حمزة القرشي، في تسجيل صوتي بثته وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم: «ننعى إليكم (...) أبا بكر البغدادي، والمتحدث الرسمي أبا الحسن المهاجر، اللذين قُتِلا في الأيام الماضية».
وأعلن المتحدث في التسجيل أن «مجلس الشورى» بايع أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيماً جديداً.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.