على وقع عشرات الخروق الحوثية اليومية للهدنة الأممية في شتى خطوط التماس في محافظة الحديدة اليمنية (غرب)، حذر عسكريون يمنيون من مغبة انهيار اتفاق نقاط المراقبة الخمس في محيط المدينة التي يقع فيها ثاني أكبر الموانئ في البلاد.
وفي هذا السياق، أفاد لـ«الشرق الأوسط» المتحدث باسم القوات المشتركة لتحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، بأن الميليشيات الحوثية استحدثت منذ إنشاء نقاط المراقبة الخمس 19 خندقاً بالقرب من هذه النقاط التي كان قد أشرف على إنشائها الشهر الماضي رئيس البعثة الأممية في الحديدة كبير المراقبين الجنرال الهندي أبهجيت جوها.
وقال الدبيش إن قيام الميليشيات بهذا العمل الخطير الذي يهدد بنسف الاتفاق ليس بالغريب على الميليشيات، لكن المستغرب هو تجاهل البعثة الأممية الموجودة على متن السفينة الأممية مع الفريق المشترك لمثل هذه الأعمال الحوثية العدائية.
ودعا الدبيش البعثة الأممية إلى النزول الميداني، وإدانة هذه الأعمال الحوثية، حتى لا يصبح صمتها إشارة جديدة للميليشيات من أجل ارتكاب المزيد من الخروق المهددة لنسف اتفاق السويد برمته.
وكشف المتحدث العسكري أن القوات المشتركة التابعة للحكومة قدمت رسالة إلى البعثة الأممية، غير أنه لم يتم تلقي أي رد، إذ لا يزال الجنرال الهندي جوها في صنعاء للقاء قيادات في الجماعة الحوثية، بينما لم يقم المسؤولون الآخرون في البعثة بأي تحرك أو استجابة، بحسب تعبيره.
وقال الدبيش: «إذا استمر عدم الرد، واستمرت الميليشيات الحوثية في استحداث الخنادق والأنفاق في محيط نقاط المراقبة، فإننا سنعمل على إلغاء نقاط المراقبة كافة، بوصفها أصبحت غطاء للأعمال العدائية الحوثية».
وفي حين زود العقيد الدبيش «الشرق الأوسط» بعدد من الصور الجوية التي تكشف عن الخنادق الحوثية في محيط نقاط المراقبة، أكد بيان رسمي للجيش اليمني أن الميليشيات الحوثية «تواصل التصعيد الميداني، واستحداث مواقع جديدة، وحفر خنادق وأنفاق داخل المدينة، ومن ذلك قيامها بحفر 19 خندقاً عقب نشر نقاط مراقبة وقف إطلاق النار».
وعد البيان ذلك «خرقاً صارخاً لكل الاتفاقيات والتفاهمات بشأن انسحابها من مدينة وموانئ الحديدة، وفقاً لاتفاق ستوكهولم»، مشيراً إلى أن قوات الجيش تقوم يومياً بـ«إبلاغ فريق المراقبين الأممي عن الاستحداثات والخروق التي ترتكبها الميليشيات في مدينة ومديريات الحديدة».
وحذر البيان من استمرار تصعيد الميليشيات الحوثية التي قال إنها «تهدد بنسف اتفاق التهدئة، وتدفع باتجاه التصعيد عسكرياً»، مؤكداً في الوقت نفسه أن قوات الجيش المشتركة «ترصد بدقة كل تحركات الميليشيات»، وأنها «جاهزة لردع ميليشيات الحوثي».
إلى ذلك، أفادت مصادر الإعلام العسكري الحكومي بأن الميليشيات الحوثية ارتكبت خلال الـ24 ساعة الماضية 44 خرقاً وانتهاكاً ضد مواقع القوات المشتركة، في عدد من مناطق ومديريات محافظة الحديدة.
ووثقت المصادر جميع الخروق والانتهاكات التي قامت بها ميليشيات الحوثي على مواقع متفرقة للقوات المشتركة في مديريات الدريهمي، وحيس، وبيت الفقيه، والتحيتا، الواقعة جنوب مدينة الحديدة.
واتهمت المصادر الجماعة الموالية لإيران بأنها استخدمت الأسلحة المتوسطة والثقيلة والرشاشة وقذائف مدفعية الهاون بشكل عنيف، كما شنت قصفاً عنيفاً عشوائياً على الأحياء السكنية في مدينة حيس، جنوب محافظة الحديدة.
وفي السياق نفسه، ذكرت المصادر الحوثية الرسمية أن الجنرال الأممي جوها التقى في صنعاء وزير الجماعة في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها زكريا الشامي، وناقش معه، خلال اللقاء الذي حضره الممثل المقيم للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بصنعاء أوكي لوتسما، ومسؤولة الشؤون السياسية للفريق الأممي أميرة خضير، خطة تطوير ميناء الحديدة.
وزعمت المصادر الحوثية أن الميليشيات «ملتزمة ببنود اتفاقية استوكهولم، وتقديم التسهيلات للمراقبين والمفتشين الدوليين، في مقابل امتناع الطرف الآخر (الحكومي) عن تقديم أي تنازلات، وتنفيذ ما جاء في اتفاقية استوكهولم».
وكان رئيس البعثة الأممية في محافظة الحديدة اليمنية رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار كبير المراقبين الجنرال الهندي أبهجيت جوها قد نجح في الإشراف على إنشاء خامس نقطة لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة في23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وصرح العميد الركن أحمد الكوكباني، نائب رئيس فريق الحكومة اليمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» بأن إنشاء هذه النقاط يضع آلية وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة في صورة أفضل.
وأضاف: «إذا نجحت هذه الخطوة في وضع النقاط الأربع بمدينة الحديدة، بمشاركة الطرفين (الشرعية والحوثيين)، يمكن للطرف الثالث (الأمم المتحدة) النزول لمراقبة تثبيت وقف إطلاق النار من قبل الطرفين: الحكومة الشرعية، والحوثيين».
ولم يخل تثبيت نقاط المراقبة الخمس من العراقيل الحوثية، وإطلاق النار، غير أن مراقبين يرون في نجاح الجنرال الهندي في إنشاء النقاط بداية لتنفيذ ما بقي من خطوات إعادة الانتشار بموجب اتفاق استوكهولم.
وكانت لجنة إعادة الانتشار المشتركة برئاسة الأمم المتحدة في الحديدة قد استطاعت أن تجمع الطرفين خلال ست جولات من اللقاءات من أجل تنفيذ الاتفاق، غير أنها لم تقطع أي شوط يعتد به، باستثناء الهدنة الهشة التي رافقها آلاف الخروق منذ سريانها في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأعلنت الأمم المتحدة الشهر الماضي تعيين الجنرال الهندي في المنصب، بعد انتهاء فترة الدنماركي لوليسغارد، أملاً في أن ينجح في استكمال تنفيذ الاتفاق، وتثبيت وقف إطلاق النار، وإنجاز المرحلة الثانية من إعادة الانتشار، وصولاً إلى تحقيق اختراق في الملفات الأكثر تعقيداً، وهي الأمن والموارد والسلطة المحلية.
ورغم مزاعم الميليشيات الحوثية أنها أنهت أكثر من 90 في المائة من التزاماتها المتعلقة باتفاق الحديدة، فيما يخص إعادة الانتشار في المرحلة الأولى، فإن الحكومة الشرعية تؤكد أن انسحاب الجماعة من موانئ الحديدة الثلاثة المعلن عنه كان صورياً فقط، نظرا لأن الجماعة قامت بتسليم الموانئ لعناصرها أنفسهم، بعد أن ألبستهم زي قوات خفر السواحل.
وتمثل ملفات السلطة المحلية، وقوات الأمن المحلية، وموارد الموانئ، أبرز النقاط التي حالت حتى الآن دون تحقيق أي تقدم ملموس لتنفيذ اتفاق الحديدة المتعثر منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتأمل الأمم المتحدة في أن تقود خبرة الجنرال الهندي جوها، البالغة نحو 39 عاماً من العمل العسكري على المستوى الوطني في بلاده والدولي، إلى المساعدة في تفكيك عقد الملف الشائك في اليمن.
وفي الوقت الذي تتهم فيه الحكومة الشرعية الجماعة الحوثية بالاستمرار في التصعيد الميداني في جبهات الحديدة كافة، يسوق الحوثيون اتهامات مماثلة، مع مزاعم بأنهم انسحبوا من موانئ الحديدة.
خنادق للميليشيات قرب نقاط مراقبة الحديدة
خنادق للميليشيات قرب نقاط مراقبة الحديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة