المغرب يحتفي بمتحفه للفن الحديث والمعاصر

افتتحه الملك محمد السادس في حضور شخصيات ثقافية وفنية مغربية وأجنبية

الملك محمد السادس خلال اطلاعه على الأعمال الفنية المعروضة  في المتحف الذي يحمل اسمه في الرباط (ماب)
الملك محمد السادس خلال اطلاعه على الأعمال الفنية المعروضة في المتحف الذي يحمل اسمه في الرباط (ماب)
TT

المغرب يحتفي بمتحفه للفن الحديث والمعاصر

الملك محمد السادس خلال اطلاعه على الأعمال الفنية المعروضة  في المتحف الذي يحمل اسمه في الرباط (ماب)
الملك محمد السادس خلال اطلاعه على الأعمال الفنية المعروضة في المتحف الذي يحمل اسمه في الرباط (ماب)

أصبح للمغرب متحف للفن الحديث والمعاصر قام بافتتاحه الملك محمد السادس، أول من أمس بالرباط، مرفوقا بالأمير مولاي إسماعيل.
ويعد المتحف الذي يحمل اسم «متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر» مشروعا ثقافيا رائدا سيسهم في صيانة وإشعاع موروث المملكة المغربية الفني والحضاري. وقال الفنان التشكيلي مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، إن إنجاز هذا المشروع يعكس حرص العاهل المغربي على جعل الثقافة رافعة حقيقية للتنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، وعزمه على تمكين المغرب من بنيات ثقافية عالية المستوى تحفز الإبداع وتكرس مبادئ الدمقرطة الثقافية.
وأوضح قطبي أن متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، الذي تطلب إنجازه استثمارات بقيمة 200 مليون درهم (الدولار يساوي 8.40 درهم)، يعد أول مؤسسة متحفية في المغرب مخصصة برمتها للفن الحديث والمعاصر، وتستجيب للمعايير المتحفية الدولية.
وأنجز متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر ليكون ليس فقط مخصصا لحفظ التحف، لكنه يهدف، أيضا، لتشجيع وتعريف الجمهور على الإبداع الفني المعاصر، والمساهمة في الحياة الثقافية للبلاد عبر تحفيز التفاعل بين الجمهور والفنانين والانفتاح على عالم الإبداع الدولي ومختلف تمثلاته.
المتحف شيد على ثلاثة طوابق تشتمل على قاعة للندوات وفضاءات للعرض أُطلق عليها أسماء فنانين مغاربة كبار (الشعيبية طلال، جيلالي الغرباوي، مريم مزيان، أحمد الشرقاوي، فريد بلكاهية، حسن الكلاوي، آندري الباز، محمد القاسمي)، وورشة بيداغوجية (تربوية)، ومختبر لترميم التحف الفنية، ومكتبة، وقاعة شرفية، وإدارة، ومقصف، وقاعة للتمريض، ومرأب.
وبمناسبة تدشينه، يحتضن المتحف معرضا تحت عنوان «1914 - 2014: 100 سنة من الإبداع»، والذي يعرض لمختلف مراحل تطور الفن بالمغرب.
وبمناسبة الافتتاح ترأس الملك محمد السادس حفل التوقيع على ثلاث اتفاقيات، الأولى هي اتفاقية للشراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وقعها كل من رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، والمهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف. ووقعت الثانية، وهي اتفاقية شراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف والاتحاد العام لمقاولات المغرب، مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ورئيسة المؤسسة الوطنية للمتاحف. أما الاتفاقية الثالثة، وهي اتفاقية شراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ومؤسسة «سميثسونيان»، فوقعتها مولي فانون مديرة مكتب العلاقات الدولية والبرامج بمؤسسة «سميثسونيان»، ورئيسة المؤسسة الوطنية للمتاحف.
وفي غضون ذلك، وقع العاهل المغربي في الكتاب الذهبي لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر. وإثر ذلك، قام العاهل المغربي بتوشيح بعض الشخصيات المغربية والأجنبية بأوسمة رفيعة، من ضمنهم جاك لانغ وزير الثقافة الفرنسي الأسبق ورئيس معهد العالم العربي بباريس، وفانيسا برانسون مؤسسة بينالي مراكش، ومديرة الوثائق الملكية بهيجة سيمو، وعبد الله شهيد الكاتب العام (وكيل) لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وعبد العزيز الإدريسي مدير المتحف، والفنانون التشكيليون: عبد الكريم الوزاني، ومحمد الطبال، وسعد بنسفاج، وأندري الباز.
من جهة أخرى، أشرف الملك محمد السادس، أمس أيضا، على إطلاق أعمال تشييد المسرح الكبير للرباط، الذي سيشيد في قلب ضفة نهر أبي رقراق. ويروم المسرح الذي سيشكل فضاء ذا بعد اجتماعي - ثقافي بامتياز، والذي سيتطلب استثمارا إجماليا قدره مليار و677 مليون درهم، تمكين مدينة الرباط والجهة برمتها من قطب مخصص للتنشيط الفني والترفيه، من شأنه احتضان التظاهرات الفنية الوطنية والدولية الكبرى وتحفيز بروز المواهب، لا سيما في أوساط الشباب.
ويتكامل هذا المشروع الذي يشكل جزءا من البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط 2014 - 2018 «الرباط مدينة الأنوار.. عاصمة المغرب الثقافية»، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في مايو (أيار) الماضي، مع بنية حضرية تضم إنجازات متنوعة تشمل وحدات سكنية وفندقية وتجارية ومكاتب.
من جهتها، ترأست الأميرة للا سلمى، قرينة الملك محمد السادس، الليلة قبل الماضية بالرباط، حفل عشاء أقامه العاهل المغربي بمناسبة تدشين متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».