انطلاق النسخة 23 من مهرجان البحرين الدولي للموسيقى

تشارك فيه كل من بريطانيا والبرتغال والنّمسا وألمانيا والمغرب وسويسرا والأردن

أوركسترا فيينّا وبرلين  -  نجمة الغناء الصّوفيّ الفنّانة عائشة رضوان
أوركسترا فيينّا وبرلين - نجمة الغناء الصّوفيّ الفنّانة عائشة رضوان
TT

انطلاق النسخة 23 من مهرجان البحرين الدولي للموسيقى

أوركسترا فيينّا وبرلين  -  نجمة الغناء الصّوفيّ الفنّانة عائشة رضوان
أوركسترا فيينّا وبرلين - نجمة الغناء الصّوفيّ الفنّانة عائشة رضوان

اللّغة الكونية تتداخلُ بفنونها في الموسم السّنوي خلال مهرجان البحرين الدّولي للموسيقى، الذي ينطلق اليوم ويستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل بنسخته الـ23.
وتوضّب الموسيقى أصواتها في سياق برنامجٍ متكامل، تتناوبُ فيه الأوطان على اختلافِ ثقافاتها وجغرافيّاتها لتقدّم أروع الأغنيات والأوركسترات والألحان، وفي موسمِ هذا العام، تعلنُ وزارة الثّقافة عن تجارب متعدّدة، تشاركُ للمرّة الأولى في البحرين، قادمة من بريطانيا، والبرتغال، والنّمسا، وألمانيا، والمغرب، وسويسرا، والأردن، بألوانٍ موسيقيّة متنوّعة، ترافق الجمهور البحريني وزوّار المملكة.
وبهذه المناسبة، أوضحت وزيرة الثّقافة البحرينية، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: «البحرين، مرفأ الفرح والجمال، هذا ما تؤكّده كلّ المواسم التي نفعل، وكلّ التفاصيل التي تحدث. موسمنا للموسيقى هذه المرّة يعبرُ العالم من أجل أن يقدّم روائع هذه الإنسانيّات وما لديها من موسيقى وفرح وأمل»، مضيفة: «نكرّس لهذه اللّغة بكلّ ما تحمل من جمال، فمثل هذا الفعل الثّقافي لا يمكن إلا أن يكون ملهما. نحن اليوم نقترب من ربعِ قرنٍ من مهرجان الموسيقى، وتُقاسمنا هذه الرّؤية مختلف الأوطان التي تشاركنا كلّ عامٍ. اليوم العالمي للموسيقى، برنامج الفنّ عامنا، المنامة مدينة السّياحة الآسيويّة؛ جميعها تجعلنا نرغب في تقديمِ الأفضل والتواصل مع الشّعوب بأسمى اللّغات الحسّيّة والسّماعيّة».
البداية الأولى لمهرجان البحرين الدّولي الـ23 للموسيقى، ستكون مع موسيقى البوب برفقة الفنّانة البريطانيّة ليونا لويس التي تقف على مسرح البحرين الوطني في 9 أكتوبر (تشرين الأول)، وتقدّم روائعها الغنائيّة وأسلوبها الاستثنائي الذي جعل منها خلال سنواتٍ قليلة نجمة عالميّة بجوائز متعدّدة ومبيعات تُعدّ الأعلى على مستوى العالم. وقد وجّه المنظّمون بوزارة الثّقافة دعوتهم للرّاغبين في حضور هذا الحفل لحجز تذاكرهم من محلات فيرجين ميغاستور أو عبر الموقع الإلكترونيّ.
ومن المملكة المتّحدة إلى البرتغال، وتحديدا مع فنّ الفادو الذي تقدّمه المغنيّة البرتغاليّة كارمينيو، التي تعد واحدة من ألمع النّجوم البرتغاليين، في أمسية يوم الجمعة على خشبة الصّالة الثّقافيّة.
ويتابع مهرجان البحرين الدّولي للموسيقى الـ23 جولته في أنحاء أوروبا؛ حيث يجيء إلى البحرين برفقة أوركسترا الحجرة لفيينا وبرلين، وخلال هذه الأمسية التي تقام يوم السبت، يجتمع مركزا الموسيقى الغربيّة. يقود هذا الحوار الإبداعي الفريد القائد النّمساوي الشّهير راينر هونك، وتؤدي فيه الفرقة أجمل مقطوعات مشاهير الموسيقى مثل موزارت، وهايدن، ودفوراك، وغيرهم.
أمّا اليوم التالي، وفي رابع حفلات المهرجان، تنعطف الأغنيات باتّجاه المملكة المغربيّة، وتحديدا للغناء الصّوفي مع الفنّانة اللّامعة عائشة رضوان، إذ تحيي حفلها في الصّالة الثّقافيّة بمعيّة الفنّان الفرنسي ذي الأصول اللّبنانيّة حبيب، في رحلة موسيقيّة روحانيّة تكرّس أغنياتها لروائع الشّعر الصّوفي الأصيل، التي وضعا ألحانها طبقا لأسلوب مقامات الموسيقى الشّرقيّة التقليديّة.
وعودة مرّة أخرى إلى أوروبّا، وتحديدا سويسرا، للفنّان باستيان بايكر الذي سيقدّم وصلاتٍ لموسيقى البوب والروك؛ إذ يشهد مساء الاثنين ما قبل الأخير للمهرجان حفلا للفنّان الشّاب بايكر يتضمن أشهر أغانيه، التي تعاون فيها مع نخبة من الموسيقيين والمنتجين من أوروبا وأميركا الشّماليّة، مستحضرا فيها تجربته وخبراته الإنسانيّة.
وفي نهاية مشوار الموسم لهذا العام، ترافق الفنّانة الأردنيّة مكادي نحّاس الجمهور بصوتها وأسلوبها في رحلة غنائيّة جميلة تستكشف الألوان الكلاسيكيّة والتقليديّة التي تستشعر عبق تراث الموسيقى العربيّة، وتحيي الثّقافة العربيّة الأصيلة في الأمسية الختاميّة الموسيقيّة التي توافق يوم الثلاثاء المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».