كيف لفنان أن يستنطق الخشب، ولآخر أن يسبح بحروفه بين ضفتي لوحة تموج بالألوان فينتجا أعمالاً ثرية بالتفاصيل، وملئ بالصنعة؟ فكلاهما تمكنا من تحويل النص المحفوظ إلى عالم لا متناه من الروعة والاندهاش... شيء من ذلك وأكثر شهده «بيت إسكندر» للفنون في معرض للخط بالمدينة القديمة في طرابلس الليبية.
فعلى مدار ثلاثة أيام تفاعل ليبيون في مناطق بـ«غرب البلاد» مع معرض أقامته مؤسسة «دواية» لفن الحروفيات في نسخته الرابعة، بالشراكة مع ألمانيا، وبمساهمة 11 فناناً من تونس والجزائر والمغرب، بالإضافة إلى ليبيا، فأنتجوا 30 عملاً في فن الخط ومهاراته.
جزء من هذا الإبهار استوقف قطاعاً كبيراً من جمهور المعرض، خاصة أمام أعمال الفنان التونسي محمد سحنون، التي قدمها في ثوب قرآني، التي نحتها بطريقة مغايرة على الخشب واختار لها لوناً أبيض ناصعاً، ولم تختلف أعمال سحنون عن لوحات الفنانين الجزائري يزيد خلوفي، والمغربي الزاهرة عبد الفتاح بلالي، من حيث الإتقان، لكن الأخيرين قدما أعمالاً مغايرة مضمونها نصوصاً تراثية ممزوجة بالتأثيرات اللونية التي تنقلت بسلاسة بين الظل والضوء، والفراغ والكتلة.
ورأى الفنان العارف حسان، عضو بمؤسسة «دواية» أن المعرض أعاد صياغة فن الحروفيات وأكسبه تفرداً، خرج به عن حدود الاعتياد إلى آفاق الاندهاش، وأسبغ عليه أثواب الحسن والتجديد فظهر سنة إثر أخرى مختلفاً في الرؤية بليغاً في المعنى أنيقاً في محضره صادقاً في جوهره وماتعاً للعين والروح، يطاول سماء الإبداع فيكاد يحتويها بتشكيلاته اللونية ومعانيه الغنية».
وزاد حسان من قراءته، فقال إن المعرض «كشف عن مشاهد ذاب فيها الحب ولهاً في اللون، حيث رسمت الريشة رقصة عشقهما بصمت يصرخ بالجمال الذي يأسر الألباب»، متابعاً: «ربما لأجل هذا يستمر الناس بالعودة إلى هذا البراح الفني الساحر والذي حين يغادرون فضاءاته يبقى لسان حالهم يقول إلى (دواية) آخر جديد متجدد في العام المقبل».
وفسّر حسان سبب الإقبال الكبير للجمهور على المعرض، وأرجعه، إلى أن «ذلك الجمال الباهر للأعمال المُقدمة، هو ما جعل آخر أيام المعرض كأوله، من حيث الازدحام والحضور الكثيف من الجمهور من مختلف الأعمار، الذي توافد للاستمتاع بالأجواء الفنية التي تغمر المكان».
ورغم الأوضاع المتوترة في العاصمة الليبية، بسبب الحرب، فإن أعمال الفنانين الليبيين، شكلت حالة من المتعة البصرية لجمهور المعرض، من بين هؤلاء أحمد البارودي وأشرف سويسي وروان المنتصر وصبري سلطان ومحمد الخروبي ومحمد القاضي وهيثم الغول ووائل الرعوبي.
ومعرض «دواية»، الذي أقيمت نسخته الأولى في عام 2016. يستعد حالياً لإقامة نسخته الخامسة في التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في ألمانيا.
وقال السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «قام فنانون وعشاق الفن بتقديم أعمالهم في دار إسكندر للفنون بطرابلس، وكذلك مناقشة دور الفن في فترات النزاع، والاستماع بلحظات من السلام... فخورون بكوننا شريكاً موثوقاً به من قبل مؤسسة دواية للفنون في تنظيم هذا الحدث».
فنانون من 4 دول يغزلون حروفهم بمعرض «دواية» للخط في ليبيا
يستعدون لإقامة نسخة جديدة بألمانيا نهاية نوفمبر
فنانون من 4 دول يغزلون حروفهم بمعرض «دواية» للخط في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة