بعد تأجيل «بريكست»... لندن تغلي سياسياً لكن بروكسل هادئة

ترمب يصب الزيت على النار ويغضب «صديقه» جونسون

صورة لترمب مع زعيم حزب «بريكست» نايجل فاراج عندما التقاه في أغسطس 2016 (رويترز)
صورة لترمب مع زعيم حزب «بريكست» نايجل فاراج عندما التقاه في أغسطس 2016 (رويترز)
TT

بعد تأجيل «بريكست»... لندن تغلي سياسياً لكن بروكسل هادئة

صورة لترمب مع زعيم حزب «بريكست» نايجل فاراج عندما التقاه في أغسطس 2016 (رويترز)
صورة لترمب مع زعيم حزب «بريكست» نايجل فاراج عندما التقاه في أغسطس 2016 (رويترز)

شعر المدافعون عن الاتحاد الأوروبي وقادة عالم المال والأعمال بالارتياح جراء تجنّب بريطانيا الخروج المفاجئ من التكتل الأوروبي (بريكست) من دون اتفاق بعد عضوية استمرت 46 عاماً. تأجيل موعد الخروج، بالاتفاق بين لندن وبروكسل، أشعل الحراك السياسي إلى درجة الغليان في بريطانيا، التي بدأت تستعد لانتخابات تشريعية في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث فرضت عملية الخروج من الاتحاد نفسها بقوة على برامج الأحزاب المتنافسة. وبعد أكثر من 3 سنوات على الاستفتاء في 23 يونيو (حزيران)، ما زالت تداعيات «بريكست» السياسية وما سينتج عنها من تشكيلات سياسية داخل برلمان ويستمنستر غير واضحة المعالم، وبسببها قد لا يفوز أي من الأحزاب السياسية الرئيسية بأكثرية، كما يعتقد كثير من المراقبين، وتعيد كرة «بريكست» إلى المربع الأول مرة ثانية. الموعد النهائي الجديد لخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي (بريكست) هو الثالث خلال عدة سنوات، والآن هو 31 يناير (كانون الثاني)، بعد الموافقة على طلب بريطانيا بتمديد أجل الانسحاب.
كان من المفترض أن يمثل الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) تغييراً كلياً في بروكسل، لكن بدلاً من ذلك بدا أمس (الجمعة)، يوم عمل عادياً، بعد أن أجلت بريطانيا انسحابها من الاتحاد، وبقاء الإدارة الجديدة للمفوضية الأوروبية كما هي عليه إلى أن تتم الموافقة على فريق أوروزولا فون دير لاين، المفوضية الجديدة.
جان كلود يونكر، هو حالياً الرئيس المؤقت للمفوضية الأوروبية حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، إلى أن تتسلم فون دير لاين القيادة منه. وسيبقى يونكر، بالإضافة إلى 27 مفوضاً بالاتحاد الأوروبي في المنصب حتى تنجح فون دير لاين في تعيين أعضاء فريقها. ولا تزال فون دير لاين تنتظر رومانيا لكي تعين بديلاً مناسباً، بعد أن رفض البرلمان الأوروبي 3 من مرشحيها في المفوضية الأوروبية. وطُلب من بريطانيا أيضاً ترشيح مفوض لها الآن، حيث إنه تم تأجيل موعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. غير أن التأجيل لن يعرقل عمل المفوضية وموظفيها الـ32 ألفاً، طبقاً لما ذكرته المتحدثة باسم المفوضية، مينا أندريفا.
وما زاد الطين بلة هو دخول الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خط «بريكست» الذي عدّ تدخلاً في الشؤون الداخلية البريطانية. وقال ترمب إن الاتفاق الأخير الذي توصل إليه رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون مع بروكسل، سيجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق تجاري بين لندن وواشنطن بعد إتمام عملية الانسحاب. ووفقاً لما أوردته وكالة أنباء «بلومبرغ» أمس (الجمعة)، أضاف ترمب في مقابلة مع نايجل فاراج، رئيس «حزب بريكست» البريطاني، أن البلدين يستطيعان «تحقيق أرقام أكبر بكثير» حال توصل جونسون إلى صيغة أوضح للانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وقال ترمب: «نريد إجراء معاملات تجارية مع المملكة المتحدة، وهم يريدون التجارة معنا... في ظل جوانب بعينها في اتفاق (بريكست)، لا يستطيع المرء أن يفعل ذلك؛ لا يمكنه القيام بأعمال تجارية، ولا نستطيع التوصل إلى اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة. نحن مستبعدون في ظل وجود بعض الجوانب، إنه أمر سخيف». ووفقاً لـ«بلومبرغ»، يمثل ما ذكره الرئيس الأميركي أنباء سيئة لجونسون، الذي يُروِّج لفرص تجارية سريعة ومربحة مع الولايات المتحدة، كإحدى أهم الجوائز الكبرى التي تنتظر بلاده بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي. وتحذيرات ترمب تشير إلى أنه حتى في حال تمكن جونسون في نهاية المطاف من الحصول على الموافقة على اتفاق «بريكست»، بعد 3 سنوات من الجدل السياسي الموجع، لن يكون الأمر كما تمناه رئيس الوزراء، أي إبرام اتفاق تجاري «رائع» مع أكبر اقتصاد في العالم.
ودافع مكتب جونسون عن اتفاقه بعد تحذيرات ترمب. وقال إن الاتفاق سيسمح للندن بإبرام «اتفاقيات التجارة الحرّة الخاصة بنا حول العالم التي ستستفيد منها كل أنحاء بريطانيا».
وبدت تصريحات ترمب متعارضة مع تعهده السابق في سبتمبر (أيلول)، عندما قال إنه يعمل عن قرب مع جونسون لإبرام «اتفاق تجاري رائع» فور خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما شنّ ترمب هجوماً لاذعاً على زعيم حزب العمال المعارض الرئيسي في البلاد جريمي كوربن، وحض جونسون على التوحّد مع نايجل فاراج المناهض بشدّة للاتحاد الأوروبي، الذي كان شخصية أساسية في استفتاء 2016 على عضوية الاتحاد الأوروبي. وقال الرئيس الأميركي لفاراج خلال اتصال هاتفي تم بثه على برنامجه عبر إذاعة «إل بي سي» البريطانية إن «كوربن سيكون سيئاً للغاية بالنسبة لبلدك». وأضاف: «سيقودكم بطريقة سيئة للغاية وباتجاه سيئ للغاية». وأوضح: «أود أن أراك وبوريس تتعاونان (...) أعتقد أن ذلك سيكون أمراً عظيماً». وسبق أن حض فاراج، الذي يدعو حزبه «حزب بريكست» لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، جونسون على تشكيل تحالف انتخابي لكن دون جدوى.
وفي غضون عدة دقائق من إذاعة المقابلة، ردّ كوربن عبر «تويتر» بالقول إن «ترمب يحاول التدخل في الانتخابات البريطانية ليساعد صديقه بوريس جونسون على الفوز». وقال جونسون خلال تجمع انتخابي الخميس: «إذا صوتّم لنا وتمكّنا من تمرير برنامجنا، وهو أمر سنقوم به (...) فسنخرج (من الاتحاد الأوروبي) في مهلة أقصاها يناير العام المقبل».
ويتصدّر زعيم الحزب المحافظ نتائج استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات التي ستكون الثالثة التي تجري في بريطانيا في غضون 4 سنوات. لكنه يواجه خطر التعرّض لانتقادات على خلفية تعهده القاطع الذي لم يُنفّذ بإنجاز «بريكست» بحلول 31 أكتوبر (تشرين الأول). ويبدو أنه خاطر مجدداً عبر التعهد بإخراج بريطانيا من التكتل بحلول المهلة المقبلة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».