الدول الغربية تحضّ على الإسراع بتشكيل حكومة تكنوقراط

TT

الدول الغربية تحضّ على الإسراع بتشكيل حكومة تكنوقراط

لم يعد سراً أن الدول الكبرى مهتمة جداً بالحراك الشعبي، الممتد منذ 17 من الشهر الماضي، كالولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، دبلوماسياً وإعلامياً وميدانياً.
ولم يتوقف الاهتمام عند المجالات الثلاثة، بل ركزت بلسان وزراء خارجيتها على مطالبتها بالتعجيل في تأليف الحكومة، وفي الوقت نفسه دعوة المنتفضين إلى البقاء، مستنفرين، مع إعطاء الفرصة لتشكيل حكومة تكنوقراط.
وأفاد سفير دولة غربية في بيروت «الشرق الأوسط»، بأن سفراء الدول الكبرى لدى لبنان يثمّنون أداء الآلاف المشاركين في الحراك لجهة انضباطهم، وهم في ساحات التعبير، سواء في بيروت أو طرابلس وصيدا وسواهما، باستثناء قلة تعمدت الفوضى، غير أنها لا تقاس بالنسبة للحشود الهائلة التي ملأت الساحات من دون قيادة تسيرهم. رفعوا شعارات سياسية راقية، وطالبوا بسقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، الذي تجاوب معهم بعد انقضاء 13 يوماً.
ولفت السفراء إلى أنهم طالبوا بحكومة تكنوقراط خالية من الأحزاب والقوى السياسية التي كانت تتألف منها الحكومة المستقيلة. ووافق رئيس الجمهورية ميشال عون، على ذلك، وأحزاب وتيارات سياسية أخرى. ولفتوا إلى أن الحراك لم ينم على حرير وعود أهل السلطة، فاحتجوا في اليوم الثاني لقبول الرئيس عون الاستقالة على تأخير تحديد موعد الاستشارات مع رؤساء الكتل النيابية، ومع المستقلين، لتسمية الرئيس الذي سيكلفّ بتشكيل الحكومة الجديدة، إما بقطع بعض الطرق، على الرغم من طلب قيادة الجيش الامتناع عن ذلك، أو برفع الصوت تذكيراً بما يجب أن يتحقق.
واستغرب السفراء هذا التأخير، الذي كان يجب أن يبدأ في اليوم التالي، كما كان يحصل. إلا أن الأسباب التي تسربت عن مصادر في القصر لم تقنع، لا المنتفضين ولا السفراء معاً، بأن تريث رئيس الجمهورية يعود إلى أنه تفاجأ باستقالة الحريري، دون أن يطلعه على قراره، وأنه أي الرئيس علم بها من وسائل الإعلام، وكان يفضّل أن يتشاور معه حول الحكومة الجديدة، لأن هذا التنسيق كان يجب أن يحصل وفقاً للتسوية السياسية التي كانت قائمة بين الرجلين، وتنص في أحد بنودها على انتخاب الحريري ونواب كتلته عون رئيساً للبلاد، وأن يكلف الحريري برئاسة الحكومة. أما السببان الآخران فهما أولاً أن عدداً من رؤساء الكتل النيابية هم خارج البلاد. ثانياً أن الوضع الأمني لم يكن مستقراً لعبور الطرقات الرئيسية التي يفترض أن يسلكها عدد كبير من النواب.
ولفتت المصادر إلى أنه يجب عدم الاستهانة بما يطالب به الحراك الجاهز لإعادة تحريك الشارع، وأعداد كبيرة منه لم تترك الساحات، على الرغم من هطول الأمطار، ومنع قوى مكافحة الشغب إغلاق الطرق. ويأمل السفراء أن تبدأ عملية التغيير السياسي في لبنان من دون أي تأخير، وأن تبدأ الاستشارات مع الكتل النيابية للانتقال إلى مرحلة التكليف فالتأجيل.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.