كريستين لاغارد تواجه 4 ملفات أوروبية شديدة التعقيد

أمامها مشوار طويل لإقناع الحكومات بضرورة تنسيق السياسات المالية

تواجه رئيسة {المركزي} الأوروبي كريستين لاغارد مهام شديدة التعقيد بعد تسلمها المنصب من سلفها ماريو دراغي (رويترز)
تواجه رئيسة {المركزي} الأوروبي كريستين لاغارد مهام شديدة التعقيد بعد تسلمها المنصب من سلفها ماريو دراغي (رويترز)
TT

كريستين لاغارد تواجه 4 ملفات أوروبية شديدة التعقيد

تواجه رئيسة {المركزي} الأوروبي كريستين لاغارد مهام شديدة التعقيد بعد تسلمها المنصب من سلفها ماريو دراغي (رويترز)
تواجه رئيسة {المركزي} الأوروبي كريستين لاغارد مهام شديدة التعقيد بعد تسلمها المنصب من سلفها ماريو دراغي (رويترز)

يراوح النمو الاقتصادي في منطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي بين 0.2 و0.3 في المائة، كما في الفصل الثالث من هذا العام، على أن التوقعات لكامل 2019 تراوح بين 1.1 و1.4 في المائة، وفقاً لإحصاءات «يوروستات».
وهذه الأرقام، على تواضعها، يعدها المتفائلون أعلى من التوقعات، ولم تتراجع بقوة، كما كان الاعتقاد السائد خلال الصيف الماضي. ويضيف المتفائلون أن شبح الركود بات مستبعداً نسبياً. كما أن معدل البطالة في منطقة اليورو يبدو مستقراً عند 7.5 في المائة، أي عند أدنى مستوى منذ 11 عاماً.
في المقابل، بدأت دول الاتحاد الأوروبي تشعر بوطأة تهديدات الحروب التجارية التي تضغط على الإنتاج الصناعي والصادرات، علماً بأن بعض الدول، مثل فرنسا وإسبانيا، تمتص نسبياً تلك الضغوط بفضل نمو الطلب الداخلي (الاستهلاك) وحركة البناء والإنشاءات.
لكن دولاً، مثل ألمانيا وإيطاليا، تتأثر بشكل مباشر بجملة عوامل داخلية وخارجية. ففي إيطاليا، لم يتجاوز النمو نسبة 0.2 في المائة في 9 أشهر، متأثراً بعدم الاستقرار السياسي، ونقص محفزات إنعاش الأنشطة الاقتصادية. وفي ألمانيا، هناك حالة ترقب حذر بانتظار الأرقام التي ستصدر في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد أن سجل الربيع الماضي تراجعاً بنسبة 0.1 في المائة. وصدور أي رقم سلبي إضافي يعني، بالنسبة للمراقبين، أن المحرك الاقتصادي لمنطقة اليورو سيدخل في حالة «عطل تقني»، فضلاً عن انتظار ما ستؤول إليه قضية «بريكست» التي تأجلت حتى نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، وهذا الانتظار يمدد حالة اللايقين التي تؤثر في الاقتصادين الأوروبي والبريطاني، كما أن تمديد حالة اللامواجهة واللاتفاق بين الولايات المتحدة والصين يزيد انعدام اليقين أيضاً.
وفي ظل هذا المناخ، يتوقع الاقتصاديون تباطؤاً في الفصل الأخير من 2019، ورقم نمو متواضعاً لكامل العام الحالي، يمكن أن تمتد تأثيراته إلى العام المقبل 2020. هذا الواقع يزيد الضغوط على القادة والحكومات، وعلى البنك المركزي الأوروبي، خصوصاً لجهة تحفيز الطلب، بعدما وصلت السياسة النقدية إلى بعض حدود قدرتها على التحفيز لأسباب كثيرة، منها أن التضخم في أكتوبر (تشرين الأول) بلغ 0.7 في المائة فقط، أي دون المطلوب بكثير، وهو 2 في المائة.
ومع ذلك، تتجه الأنظار إلى كريستين لاغارد، الرئيسة الجديدة للبنك المركزي الأوروبي، التي بدأت عملها رسمياً أمس، إذ تشير مصادر إلى أنها ستشجع الحكومات على زيادة الإنفاق العام، دعماً للنمو الاقتصادي، ومنعاً لوقوع الآلة الاقتصادية الأوروبية في فخ المراوحة الممهدة إلى أزمة جديدة.
ما الذي على كريستين لاغارد فعله، أو بالأحرى ما الملفات التي أمامها وعليها التعاطي معها؟ يؤكد الاقتصاديون في المفوضية الأوروبية ببروكسل أن أمامها 4 ملفات (على الأقل) شديدة التعقيد، رغم أن سلفها، ماريو دراغي، سهل المهمة بعض الشيء، عندما جدد برنامج شراء الأصول لدعم الاقتصاد. ويضيف هؤلاء أن عليها الآن متابعة التضخم الضعيف، ومراقبة الفقاعات المالية، والنظام المصرفي، ومقاربة التقلبات الجيوسياسية المؤثرة في منطقة اليورو... كل ذلك في وقت واحد، وليس أمام لاغارد «فترة سماح»، لأنها آتية من مؤسسة نقدية عالمية (صندوق النقد الدولي)، وتعرف كل هذه الملفات جيداً، إذ تعاطت معها بشكل أو بآخر في السنوات الماضية.
وقبيل دخولها إلى مقر البنك المركزي، صرحت لاغارد، الأربعاء الماضي، قائلة: «إن الدول التي لديها فوائض في ميزانياتها، مثل ألمانيا، لم تقم عملياً بكل ما يلزم لزيادة الإنفاق العام الضروري لتقوية فرص زيادة معدلات النمو الاقتصادي».
وأضافت، لمحطة «آر تي إل»، أنه ليس هناك عناصر كافية من التضامن في المنطقة النقدية الواحدة (منطقة اليورو)، في إشارة إلى مطلب قديم متجدد بضرورة البحث عن آليات لموازنة أوروبية موحدة... لكن وجهة النظر هذه ليست نفسها لدى محافظي البنوك المركزية في دول الاتحاد الذين يشكلون مجلس المحافظين الأوروبيين.
وكانت لاغارد قد أثنت على عمل سلفها، مؤكدة أنه تمتع بصراحة كاملة في كل مرة حاور فيها قادة دول الاتحاد. وأشارت إلى أن السياسة النقدية يمكن أن تحقق أهدافها، لكن تسريع ذلك، من دون آثار جانبية، يحتاج إلى سياسات مالية متناسقة. لذا، يرى الاقتصاديون في بروكسل، أن أمام لاغارد مشواراً طويلاً لإقناع الحكومات والقادة بضرورة تنسيق السياسات، وعليها بذل جهود إقناع غير عادية في هذا المجال، لأن أولويات الدول تختلف، وواقع كل دولة لا يشبه واقع أخرى... ففرنسا وإسبانيا وإيطاليا تخاف من زيادة عبء الدين العام، على عكس ألمانيا التي أمامها هامش واسع لزيادة الاقتراض من أجل رفع الإنفاق. كما أن مطالب لاغارد تصطدم بقواعد المفوضية في بروكسل التي تفرض الالتزام بضرورة ضبط عجز الموازنات تحت نسبة 3 في المائة من الناتج.
وعلى صعيد آخر، وفي مواجهة تضخم ضعيف جداً، ومعدلات فوائد في أدنى مستوياتها، أو سلبية، على لاغارد إجراء متابعة لصيقة لما يقوم به الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي دخل في سياسة جديدة مخالفة لما كان يتبعه منذ سنوات طويلة. وعليها قراءة المزيد من تقارير الاقتصاديين الأوروبيين المنادية بخفض سقف توقعات التضخم من 2 إلى 1 في المائة فقط، لأن ذلك أكثر واقعية برأيهم، ولتجنب الإمعان في الوقوع في فخ الاستمرار في سياسات نقدية تشجيعية بشكل مبالغ فيه.
وهناك أيضاً دعوات إلى خلق آليات لرفع الفائدة، لا خفضها، مع وضع ضوابط تمنع وقوع أزمات ديون جديدة.
وبشأن الفقاعات، التي لم تتشكل على صعيد أسعار الاستهلاك، رغم كل السياسات التوسعية التي قادها ماريو دراغي بأسعار فائدة متهاودة جداً، فإنها - بحسب المصرفيين - تشكلت على مستوى الأصول المالية، وحتى العقارية منها. ففي بعض الدول، وصلت أسعار العقارات إلى مستويات يخشى معها من تصحيح مؤلم. وهناك فقاعة أخرى في الملكيات والشركات غير المدرجة التي استقطبت استثمارات مغامرة بأرقام خيالية. والدليل أن تلك الشركات عندما تدرج تهبط أسعارها بنسب كبيرة، كما حصل في الولايات المتحدة مع شركات مثل «وي وورك» في الفترة القليلة الماضية، وقبلها مع «أوبر» و«ليفت» و«سلاك» و«بيلوتون».
وعلى صعيد السندات المصدرة من الشركات، فإن العوائد لم تعد تقابل مستويات أخذ المخاطر، رغم أن الشركات تتوسع بشكل كبير في الاقتراض لتستفيد من الفوائد المتدنية، وهذا يراكم في ميزانياتها ديوناً قد تتحول إلى عبء كبير عندما تتحول اتجاهات رياح الدورة الاقتصادية، كما حصل في عام 2008... وهنا الطامة الكبرى بنظر الاقتصاديين.



ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.