كرّ وفرّ بين المحتجين والسلطات الأمنية حول إقفال الطرقات

«تيار المستقبل» يدعو مناصريه لتجنب الاستفزازات

عناصر من الجيش اللبناني يراقبون متظاهرين في بيروت أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني يراقبون متظاهرين في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

كرّ وفرّ بين المحتجين والسلطات الأمنية حول إقفال الطرقات

عناصر من الجيش اللبناني يراقبون متظاهرين في بيروت أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني يراقبون متظاهرين في بيروت أمس (أ.ف.ب)

فتح الجيش اللبناني والقوى الأمنية معظم الطرقات الرئيسية في البلاد، رغم الاعتصامات التي شهدتها سائر المناطق في احتجاجات مستمرة منذ 14 يوماً، وسط دعوات سياسية لعدم إقفال الطرقات، وسط حالة كرّ وفرّ، حيث تفتح الطرقات صباحاً ويعمد المتظاهرون إلى العودة لإقفالها ليلاً.
ودعا المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل» مناصريه أمس إلى تجنب محاولات الاستفزاز والامتناع عن إقفال الطرقات والتعاون مع الجيش والقوى الأمنية في المحافظة على الهدوء والانتظام العام، مؤكداً أن الحراك الشعبي نجح بتخطي الاصطفافات الطائفية وحواجز الولاءات العمياء.
وجاءت مواقف «تيار المستقبل» إثر اجتماع المكتب السياسي الذي انعقد، أمس، برئاسة الحريري، وحضور جميع أعضائه. وأعلن المكتب السياسي، في بيان، أنه تم خلال الاجتماع مناقشة «التطورات الميدانية للانتفاضة الشعبية التي قام بتحية سلميتها، التي استمرت عليها، رغم محاولات ميليشيوية للإساءة إليها وإخراجها عن توجهها الوطني وتطييفها».
وشدد على «الهوية الوطنية للحراك الشعبي في كل المناطق، وهو الحراك الذي حقق نقلة نوعية في المسار الوطني اللبناني ونجح بقوة في تخطي الاصطفافات الطائفية وحواجز الولاءات العمياء».
وتدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية لفتح الطرقات التي أقفلها المحتجون مرة أخرى ليل الأربعاء - الخميس، وفتحت معظم الطرقات أمام المارة في العاصمة اللبنانية والمناطق، باستثناء محافظة عكار حيث تم قطع كثير من الطرق من قبل ناشطي الحراك الشعبي في هذه المنطقة بالسواتر الترابية، لا سيما في العبدة، وشددوا على أنهم «مستمرون تصاعدياً في حركتهم الاحتجاجية السلمية لحين إسقاط كل رموز السلطة»، مؤكدين احترامهم وتقديرهم للجيش وللقوى الأمنية الساهرين على أمن الحراك الشعبي في مختلف المناطق.
ومنذ الصباح الباكر، أقفل المحتجون جسر الرينغ في وسط بيروت قبل أن تصل قوة كبيرة من مكافحة الشغب إلى المكان، حيث أجرت مفاوضات مع المعتصمين لفتحها. كذلك، فتحت الطرقات في ذوق مكايل وجل الديب من دون حصول أي تصادم مع المحتجين الذين كانوا قطعوا الطريق وحوّلوا السير إلى الطريق البحرية والطرق الداخلية مما تسبب بزحمة سير.
وفيما وقع أشكال بين عدد من الشبان في ساحة رياض الصلح، التزم المحتجون البقاء في الساحات في أكثر من موقع في بيروت وجبل لبنان، كذلك في طرابلس في الشمال حيث أقفل المحتجون مراكز الإدارات الرسمية في المدينة، مشددين على ضرورة العصيان المدني. وتجمعوا أمام القصر البلدي لمنع الموظفين والعمال من ممارسة أعمالهم اليومية أو تخليص معاملات المواطنين.
وفي بيروت، تجمّع عدد من المتظاهرين بعد الظهر أمام «مصرف لبنان» في منطقة الحمرا، مطلقين الهتافات وحاملين الإعلام اللبنانية، وساروا من أمام «مصرف لبنان» باتجاه ساحة رياض الصلح.
إلى ذلك، واصلت معظم المدارس إقفال أبوابها، ودعت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية إلى اعتبار اليوم (الجمعة) يوم توقف عن التدريس في المناطق التي بدأت بالتدريس، خصوصاً في الجنوب «حيث تسير الأمور على ما يرام».
وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن اتصالات رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ساهمت في احتواء الوضع الأمني وساعدت على إعادة فتح الطرقات، لافتة إلى أن الحريري «لعب دوراً كبيراً في تهدئة الشارع عبر اتصالاته بقيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي ومناصريه والفعاليات في المناطق». وقالت إن الحريري «تدخل بكامل ثقله لتجنيب البلاد أي توتر، ولإعادة فتح الطرقات».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.