مخاوف من معوقات أمام إصدار مرسوم الانتخابات الفلسطينية

خلافات إجرائية مع {حماس}... والحركة تطلب ضمانات

الرئيس عباس يستقبل منتخب الفنانين الإيطاليين لمرور 20 عاما على المباراة الأولى بين الفنانين في البلدين (وفا)
الرئيس عباس يستقبل منتخب الفنانين الإيطاليين لمرور 20 عاما على المباراة الأولى بين الفنانين في البلدين (وفا)
TT

مخاوف من معوقات أمام إصدار مرسوم الانتخابات الفلسطينية

الرئيس عباس يستقبل منتخب الفنانين الإيطاليين لمرور 20 عاما على المباراة الأولى بين الفنانين في البلدين (وفا)
الرئيس عباس يستقبل منتخب الفنانين الإيطاليين لمرور 20 عاما على المباراة الأولى بين الفنانين في البلدين (وفا)

قال مسؤول فلسطيني إن إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما رئاسيا يحدد فيه موعد الانتخابات العامة يواجه معيقات متعلقة بإجرائها في القدس وقطاع غزة.
وأوضح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن إن إصدار المرسوم الرئاسي بشأن إجراء الانتخابات يتطلب قبل ذلك الاتفاق على كافة التفاصيل والقضايا الإجرائية للانتخابات مع حماس، إضافة إلى إجرائها بالقدس المحتلة.
وأكد محيسن أن العقبة الأساسية أمام إصدار المرسوم مرتبطة بنتائج الاتصالات التي تتم على الساحة الدولية مع إسرائيل بشأن إجراء الانتخابات في القدس، مطالبا بضرورة أن يكون هنالك ضغط دولي على إسرائيل لأنه دون القدس لن يكون هنالك انتخابات.
وأضاف «هنالك معيقات أمام إصدار المرسوم الرئاسي أبرزها حماس التي لم تعلن موافقتها على عدد من القضايا الإجرائية من ضمنها الموافقة على إشراف محكمة الانتخابات المركزية على الانتخابات في كافة محافظات الوطن». وأعرب محيسن عن خشيته أن تتراجع حماس عن مشاركتها في الانتخابات «لا سيما أنها أعلنت عن استعدادها وليس موافقتها».
وأشار محيسن في حديث مع الإذاعة الرسمية، إلى تجارب سابقة مع حركة حماس لا سيما توقيع اتفاق المصالحة 2017. مطالبا حماس بالوضوح التام والإعلان صراحة موافقتها المشاركة بالعملية الديمقراطية وليس التوقف عند مبدأ الاستعداد. وكان عباس أعلن عن نيته إجراء الانتخابات العامة ثم أطلق سلسلة اجتماعات داخلية من أجل وضع خارطة طريق لإجراء هذه الانتخابات التي يعتقد أن تواجه تعقيدات في القدس وغزة. وأطلقت لجنة الانتخابات المركزية اجتماعات في الضفة وقطاع غزة لبحث إمكانية إجراء الانتخابات وفق قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقالت حركة حماس، أمس، بأنها تعاطت بكل إيجابية ومرونة فيما يخص الشأن الداخلي الفلسطيني للوصول إلى إجماع حول المسائل الوطنية. وأوضح المتحدث باسم حماس حازم قاسم أن حماس تخلت عن حقها في إدارة الشأن الحكومي عام 2014 برغم أغلبيتها التشريعية، وحلت اللجنة الإدارية وسلمت المعابر عام 2017، واليوم تواصل إيجابيتها في موضوع الانتخابات.
وبين قاسم أن حماس ستبقى دائما مع الإجماع الوطني قائلا «إن الحوار هو الطريق للوصول له، لإيماننا أن وحدتنا هي كلمة السر لمواجهة التحديات التي تواجه قضيتنا، وتعزيز صمود شعبنا، والقدرة على الإنجاز الوطني وصولاً لتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والعودة».
لكن عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية شدد على أن حركته تريد الذهاب إلى إجراء الانتخابات بتوافق بين الجميع، وبضمانات تكفل حق أبناء الشعب الفلسطيني في ممارسة العملية الانتخابية بشكل سلس».
وأضاف الحية في لقاء عبر فضائية «الأقصى» التابعة لحماس: «لا نريد أن يعاد مشهد عام 2016 في انتخابات البلديات، نريد انتخابات تنجح يشعر المواطن فيها بأنه يمارس العمليات الانتخابية، فلدينا جيل لم يشهد منذ 13 عاماً أي انتخابات».
وشدد على إجراء لقاء وطني شامل للتوافق على إجراء الانتخابات، مضيفاً «لا يعقل ونحن منقسمون أن نذهب إلى صناديق الاقتراع دون توافق، ويجب أن نذهب وفق الآليات المتبعة وبتوافق الكل الوطني، شعب وفصائل ورئاسة». وتابع «نريد توحيد القوانين والمحاكم والحالة الوطنية والتوافق على كل شيء حتى نضمن أن تجري الانتخابات بشكل سلس، وهذا نؤكد أنه ليس اشتراطاً ولا تعقيداً وإنما تسهيل للانتخابات للوصول إلى إجرائها ونجاحها».
واستطرد الحية قائلاً «نريد ضمانات أن تمارس الناس حقها الانتخابي فلا تطارد ولا تعتقل لا قبل ولا بعد دخولها الممارسة الانتخابية، نريد أن تعاد الحريات العامة لكي يشعر الشعب الفلسطيني بها». وطالب بإزالة كل الإجراءات التي تم اتخاذها في ظل حالة الانقسام، مضيفاً «نريد إعادة الرواتب المقطوعة والمخصومة، حتى يطمئن المواطن أننا ذاهبون لحالة حريات وليس لقمع، وكل هذا يحتاج لقرار من الرئيس عباس وليس لتوافق».
وشدد على ضرورة أن يكون هناك ضمانات لعدم ملاحقة نواب المجلس التشريعي الذين سيتم انتخابهم في الانتخابات القادمة.
وحول نتائج الانتخابات قال الحية: «نحن نطمئن لخيارات شعبنا الذي لم يخذل مقاومته وفصائله يوماً ولم يخذل فلسطين بالدم ولا بالصبر ولا بالدموع ولا بالآهات، ولم يتعب ولم يرفع الراية البيضاء، لذلك هذا شعب جدير الاحترام».
واستطرد بقوله «لذلك نحن لا نقف حائلاً أمام رغبات شعبنا، ونحن فصيل أنجبنا هذا الشعب وراضون بما سيعطينا صندوق الاقتراع وجاهزون للتعامل مع النتائج أيا كانت، فنحن على أرضنا نمارس حقنا فيها بالعمل السياسي بالمقاومة وبما هو دون ذلك».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.