موسكو تتحدث عن «صعوبات» تواجه تنفيذ اتفاق سوتشي

أكدت انسحاب المقاتلين الأكراد من الشريط الحدودي

TT

موسكو تتحدث عن «صعوبات» تواجه تنفيذ اتفاق سوتشي

خففت موسكو أمس، من لهجة التفاؤل حيال مسار تنفيذ اتفاق سوتشي، القاضي بإخلاء المنطقة الحدودية من المقاتلين الأكراد والأسلحة بعمق 30 كيلومترا. ورغم تأكيدها استكمال تنفيذ هذا الشق، تحدث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن «صعوبات» تواجه تطبيق الاتفاق الموقع مع أنقرة، في إشارة إلى الاشتباكات بين القوات الحكومية والقوى المدعومة من تركيا في أكثر من موقع، والمخاوف من تصاعدها خلال المرحلة المقبلة.
وقال شويغو، خلال اجتماع لوزراء دفاع بلدان الرابطة المستقلة عقد أمس في العاصمة الأذرية باكو، إن مذكرة التفاهم التي أبرمتها روسيا وتركيا حول سوريا قبل أسبوع، «يجري تنفيذها بصعوبة»، لكنه شدد في الوقت ذاته، على التزام بلاده بالاتفاق ووصفه بأنه «السبيل الوحيد للحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها».
وجاء حديث شويغو متزامنا مع انتهاء المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق التي حددت مهلة الـ150 ساعة لإنجاز سحب القوات الكردية وأسلحتها الثقيلة من المنطقة الواقعة على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا بعمق 30 كيلومترا. وإذ قال الوزير الروسي إن بلاده قامت بالتزاماتها وفقا للاتفاق، أوضح: «تم استكمال سحب المقاتلين ومعداتهم قبل انتهاء الفترة المحددة». لكن إشارته إلى «الصعوبات» عزاها محللون عسكريون روس إلى تجدد الاشتباكات بين القوات النظامية وقوى المعارضة المدعومة من أنقرة في عدد من المناطق. وقال مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط» إن موسكو «ليست راضية عن أداء القوات الحكومية لأن ثمة محاولات لإفشال تنفيذ الاتفاق بشكل يتعارض مع التزامات روسيا وجهودها لضمان وجود آلية قانونية تضمن التزام كل الأطراف بوحدة وسلامة الأراضي السورية».
ولفت المصدر إلى أن وزارة الدفاع الروسية أصدرت بيانا أول من أمس، نفت فيه صحة معطيات قدمتها الأجهزة الرسمية السورية حول تعرض موكب عسكري روسي لقصف من جانب تركيا قرب بلدة الدرباسية الحدودية قبل يومين.
وكان المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، نفى صحة الأنباء عن تعرض وحدات من الشرطة العسكرية الروسية لإطلاق نار عند المعبر الحدودي، ووصفها بأنها «ملفقة». وقال إن تفجيرا محدودا وقع في شارع قريب أثناء مرور الموكب الذي كان متجها لعقد محادثات مع الجانب التركي، ووصف العمل بأنه «ليس هجوما بل مجرد عمل استفزازي لم تكن له أي عواقب». ولفت المصدر إلى أن هذه الحادثة، مع الدعوات الرسمية المتكررة من جانب أطراف في الحكومة السورية لتوسيع نطاق المواجهات في مناطق مثل راس العين، تشكل انتهاكا للاتفاق الموقع بين موسكو وأنقرة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع حصيلة الترتيبات التي قامت بها خلال الأيام الماضية، وأسفرت عن اكتمال انسحاب عناصر «وحدات حماية الشعب الكردية» إلى عمق 30 كيلومترا عن الحدود السورية التركية قبل انتهاء المهلة. ووفقا للبيان العسكري فقد تم نقل 68 فصيلا تابعا للقوات الكردية من المنطقة، تضم نحو 34 ألف مقاتل، كما تم سحب نحو 3000 من الآليات والمعدات العسكرية من المنطقة المتفق عليها. وقال البيان إن الجيش السوري أقام خلال هذه الفترة 84 مركز مراقبة 60، منها في القامشلي و24 في منطقة عين العرب (كوباني). كما لفت إلى أن الشرطة العسكرية الروسية في سوريا بدأت تسيير دورياتها في بلدة عامودا بريف الحسكة على الحدود التركية السورية. ومع إنجاز هذه الترتيبات تكون روسيا مستعدة للانتقال إلى المرحلة الثانية من تنفيذ مذكرة سوتشي التي تنص على تسيير دوريات مشتركة للشرطة العسكرية الروسية والقوات التركية في مناطق الشريط الحدودي بعمق يصل إلى 10 كيلومترات، إلى الغرب والشرق من منطقة عمليات «نبع السلام» باستثناء مدينة القامشلي، على الجانب السوري من الحدود.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء بدء تسيير الدوريات المشتركة التركية - الروسية الجمعة، وذلك بعد إعلان الكرملين انسحاب المقاتلين الأكراد السوريين بموجب اتفاق بين أنقرة وموسكو.
وقال إردوغان في خطاب متلفز: «سنبدأ العمل المشترك على الأرض الجمعة، تحديدا سنبدأ الدوريات المشتركة».
وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في سوتشي الروسية المطلة على البحر الأسود الأسبوع الماضي عقب العملية العسكرية التركية في سوريا، أعطي المقاتلون الأكراد مهلة للانسحاب مدتها 150 ساعة، انتهت الثلاثاء الساعة 15.00 ت. غ.
وبحسب اتفاق سوتشي، يفترض أن تبدأ الدوريات التركية الروسية المشتركة بعد انقضاء المهلة.
وقال إردوغان إن السلطات الروسية أبلغت أنقرة أن نحو 34 ألف عنصر من «المجموعة الإرهابية» انسحبوا، إضافة إلى 3260 قطعة من الأسلحة الثقيلة، من منطقة تمتد 30 كلم من الحدود التركية السورية. وقال إردوغان: «المعطيات لدينا تشير إلى أن ذلك لم يكتمل تماما» في إشارة إلى الضمانات الروسية. وأضاف: «سنعطي الرد الضروري بعد أن ننفذ العمل على الأرض». وكرر أن تركيا «تحتفظ بحق تنفيذ عمليتها» في حال رصدت أي مقاتلين أكراد سوريين أو في حال تعرضت قواتها لهجوم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.