مسؤول أميركي: بايدن يحاول الاتصال بالسعودية {لتوضيح تصريحاته}

البيت الأبيض: من مميزات نائب الرئيس اعترافه بالخطأ

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء حديث مع سياسيين ورجال أعمال حول رفع الحد الأدنى للأجور في مطعم بمدينة لاس فيغاس الأميركية (رويترز)
نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء حديث مع سياسيين ورجال أعمال حول رفع الحد الأدنى للأجور في مطعم بمدينة لاس فيغاس الأميركية (رويترز)
TT

مسؤول أميركي: بايدن يحاول الاتصال بالسعودية {لتوضيح تصريحاته}

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء حديث مع سياسيين ورجال أعمال حول رفع الحد الأدنى للأجور في مطعم بمدينة لاس فيغاس الأميركية (رويترز)
نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء حديث مع سياسيين ورجال أعمال حول رفع الحد الأدنى للأجور في مطعم بمدينة لاس فيغاس الأميركية (رويترز)

لدى جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، وقفة أخرى فيما بات يعرف بجولة اعتذارات الشرق الأوسط في أعقاب إجابته المتهورة على سؤال إحدى طلاب جامعة هارفارد.
وعقب تقديم الاعتذارات إلى المسؤولين الأتراك ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، يحاول بايدن الاتصال بالقادة السعوديين، كما قال أحد كبار المسؤولين الأميركيين، من أجل توضيح أنه لم يكن يقصد الإشارة إلى وصول مساعدات سعودية إلى جماعات مسلحة متطرفة في سوريا. وقد بدأت متاعب نائب الرئيس الأميركي يوم الخميس حينما أعلن، في جلسة أسئلة وأجوبة في كلية جون كينيدي للحكم بجامعة هارفارد، أن أكبر المشكلات التي واجهتها الولايات المتحدة الأميركية في التعامل مع سوريا وتصاعد تنظيم «داعش» كانت مع حلفاء أميركا في المنطقة.
وفي إجاباته قال بايدن إن تركيا اعترفت بالسماح بعبور المقاتلين الأجانب عبر حدودها إلى سوريا، بينما عملت مع الإمارات والسعودية على تسريب الأسلحة وغيرها من المساعدات إلى المتمردين السوريين والتي انتهى الأمر بها في أيدي جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتشددة هناك.
وقد أعرب البيت الأبيض عن ارتياحه أول من أمس بعد اعتذارات بايدن، حيث أشار المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض جوش آرنست إلى أن «نائب الرئيس هو شخصية لديها ما يكفي من الصفات لكي يعترف بالخطأ عند ارتكابه».
وكانت الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الحكومة التركية لمدة شهور من أجل إغلاق الحدود بينها وبين سوريا للحيلولة دون منع من يريدون القتال هناك من استخدام تركيا كمرتكز للعبور والانضمام إلى صفوف تنظيم «داعش».
وقد أشار الرئيس أوباما إلى نقطة مماثلة في شهر أغسطس (آب) حول جيران سوريا من العرب الذين يعاونون التنظيمات المتطرفة في سعيهم الحثيث لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنه لم يذكر أسماءهم تعيينا.
يقول إندور جيه. تابلر، وهو خبير في الشأن السوري لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «هناك أخطاء واقعية ارتكبت، وبالتالي فهناك أيضا أخطاء سياسية. وهذا الخطأ هو من بين الأخطاء السياسية».
فقد كان توقيت تلميحات بايدن حرجا للغاية، بالنظر إلى هشاشة التحالف الذي يسعى الرئيس أوباما إلى تكوينه لمواجهة تنظيم «داعش».
فقد انخرطت الإدارة الأميركية في مفاوضات معقدة مع الحكومة التركية حول نطاق وطبيعة مشاركة الأخيرة في الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش». وبينما نجح الرئيس أوباما في الحصول على موافقة كل من السعودية، والإمارات، والأردن، وقطر للمشاركة في الغارات الجوية ضد المتشددين في سوريا، فإن المحافظة على ذات التحالف لفترة أطول قد تستلزم تشارك قوات برية عربية وهو الهدف الذي يعتبر من التحديات الكبرى.
وطغت زلة بايدن على ما كان يفترض أن يكون خطابا رئيسيا للسياسة الخارجية، حيث سعى نائب الرئيس إلى وضع مختلف الاضطرابات العالمية - من تنظيم «داعش»، ووباء الـ«إيبولا»، والمواجهة مع روسيا حول أوكرانيا - في سياق أوسع.
وقد عين نائب الرئيس أخيرا مستشارا جديدا للأمن القومي، هو كولين أتش. كال، وهو مسؤول سابق لدى وزارة الدفاع الأميركية وأستاذ في جامعة جورج تاون متخصص في الشأن الإيراني. وكال، الذي عمل مستشارا للسياسة الخارجية في حملة أوباما لعام 2012، كانت له اليد الطولى في ذلك الخطاب.
وقال كثير من المسؤولين إن مكالمات السيد بايدن الهاتفية الاعتذارية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ومع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبوظبي قد صفّت الأجواء. ويفتخر بايدن بعلاقته الخاصة مع إردوغان ذي الشخصية الشائكة.
وكانت له في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011 جلسة امتدت لساعتين مع السيد إردوغان، حينما كان رئيسا للوزراء، حينما كان يتعافى في منزله الخاص إثر إجراء طبي تعرض له. ارتدى السيد بايدن ومساعدوه النعال المنزلية ثم تقدموا لمقابلة إردوغان الذي عرفهم على نجله، وكريمته، وزوج ابنته.
قال بايدن، إن الزعيم التركي قال له في مكالمة أخيرا: «لقد كنت على حق - لقد تركنا الكثير من الناس يعبرون الحدود»، وهو يحاول الآن إغلاق الحدود. وقد نفى إردوغان أنه صرح بذلك وقال للصحافيين، «إن كان بايدن قد ذكر ذلك في جامعة هارفارد، فعليه أن يعتذر».
وأضاف: «لم يعبر المقاتلون الأجانب الحدود من دولتنا. قد يعبرون إلى سوريا من تركيا باستخدام جوازات السفر السياحية، ولكن لا يزعم أحد أنهم عبروا بأسلحتهم».
وحينما يتحدث بايدن مع المسؤولين السعوديين، فربما عليه أن يتعامل مع تعليق صرح به في وقت لاحق من الجلسة، حين قارن قرار الولايات المتحدة في العمل مع السعودية بالقرار الأميركي في التحالف مع ستالين لمحاربة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية. وقال: «إنني أتمتع بشخصية مازحة. فكل التعميمات خاطئة، بما فيها ذلك التعليق الذي أنا بصدد التصريح به».
جاءت تعليقات بايدن في نهاية فترة مليئة بالمتاعب كان قد اعتذر خلالها إلى الجماعات اليهودية لاستخدام لفظة «شايلوك» وأصاب الناس بدهشة مفاجئة حينما أشاد بزميل سابق في مجلس الشيوخ الأميركي في مؤتمر ديمقراطي نسائي - روبرت باكوود، وهو نائب جمهوري من ولاية أوريغون والذي استقال من المجلس في عام 1995 عقب اتهامات متعددة بالتحرش الجنسي.
وقال آرنست: «حقيقة الأمر هي أن نائب الرئيس هو شخصية لا تزال عضوا أساسيا في فريق الأمن القومي لدى السيد الرئيس».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.