«الإسكندرية مهد علم الفلك».. فيلم يدشن باكورة إنتاج القبة السماوية في «عروس المتوسط»

راجع مادته العلمية فاروق الباز

القبة السماوية في «عروس المتوسط»
القبة السماوية في «عروس المتوسط»
TT

«الإسكندرية مهد علم الفلك».. فيلم يدشن باكورة إنتاج القبة السماوية في «عروس المتوسط»

القبة السماوية في «عروس المتوسط»
القبة السماوية في «عروس المتوسط»

في تجربة جديدة لإبراز فعالياتها الثقافية المتنوعة وربطها بتراثها القديم، قام فريق العمل بالقبة السماوية في مكتبة الإسكندرية بإنتاج فيلم علمي بعنوان «الإسكندرية مهد علم الفلك»، مستعرضا تجربة المدينة العريقة، المعروفة أيضا باسم «عروس البحر المتوسط»، في نمو وتطور علم الفلك الحديث.
كتب نص الفيلم الدكتور عمر فكري رئيس قسم القبة السماوية، وقام بمراجعته العلمية والفنية العالم المصري الدكتور فاروق الباز، حيث أثنى عليه ووافق على الفكرة وقدم لها دعما معنويا وعلميا كبيرا، كما قام بمراجعته من الناحية التاريخية والتوثيقية العالم الدكتور مصطفى العبادي أستاذ الأدب اليوناني بجامعة الإسكندرية والأب الروحي لفكرة إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية.
بدأ العمل في الفيلم من نقطة الصفر، وجرى توزيع الأدوار الفنية بقيادة شباب مصريين في كل مراحل العمل بالفيلم تحت رئاسة محمد إبراهيم مشرف وحدة الإنتاج بالقبة السماوية، ومعه فريق متكامل من الشباب الواعد والمتحمس للفكرة، وبدعم إدارة المكتبة مراحل إنتاج هذا الفيلم.
تدور فكرة هذا الفيلم حول إيجاد وتوثيق أوجه التشابه بين رسالة مكتبة الإسكندرية القديمة والمكتبة الجديدة، والدور المشترك بين المكتبتين في نشر الثقافة والعلوم ونشر روح المعرفة والحوار والتميز في شتى المجالات العلمية، وجرى اختيار أحد أفرع هذه المعارف وهو علم الفلك، وكيف لعبت مكتبة الإسكندرية دورا مهما في هذا العلم بفضل علمائها الفلكيين، وإرساء قواعده الأساسية على يد هؤلاء العلماء، من أمثال هيبارخوس وبطليموس وإيراتوستنيس وأبولونيوس السكندري والعالمة الشهيرة هيباتيا.
وركز فيلم القبة السماوية على أهم الإنجازات الفلكية لكل منهم، وتوضيحها بتقنيات ووسائل العرض بالقبة السماوية. وواجه فريق العمل بالفيلم مشكلات وتحديات متنوعة؛ منها الشكل والهيكل المعماري لمكتبة الإسكندرية القديمة، إذ فوجئ فريق العمل بعدم وجود أي مرجع أو أثر أو حتى مخطوط يوضح كيف كان هذا الصرح العلمي والإنساني الكبير، وجرت الاستعانة بخبراء في فن العمارة القديمة ولا سيما في العصر الذي كانت موجودة به المكتبة القديمة.
أيضا جرت الاستعانة ببعض الأعمال الدرامية العالمية الكبرى مثل أفلام كليوباترا بنسخها المتعددة، وفيلم «أجورا» الشهير الذي تعرض لتوثيق قصة حياة هيباتيا ابنة ثيون السكندري، وكان السبب للرجوع إلى تلك الأعمال هو أنها كانت تقترب توثيقيا من الشكل التي كانت عليه المكتبة القديمة.
ويحتوي فيلم «الإسكندرية مهد علم الفلك» على مادة علمية وتاريخية ووسائل إبهار متنوعة ويصلح للمشاهدة العائلية والطلاب والجمهور العام، ومدته 25 دقيقة باللغتين العربية والإنجليزية. ومن المقرر إقامة احتفالية كبرى لتدشين هذا العمل يوم الثلاثاء الموافق 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمكتبة الإسكندرية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».