تونس: «النهضة» تقترح «حكومة مصغّرة»

الرئيس التونسي عقد سلسلة مشاورات مع زعماء الأحزاب

TT

تونس: «النهضة» تقترح «حكومة مصغّرة»

قال محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يدعم فكرة «حكومة مصغرة» يقلّ عدد أعضائها عن حكومة يوسف الشاهد، وتوكل إليها مهمة تنفيذ برامج حكومية محددة، وأن تكون هذه الحكومة مكونة من كفاءات حزبية وغير حزابية، وأن تضم وجوهاً جديدة قادرة على تنفيذ البرامج والأفكار الجديدة. وجاءت هذه الفكرة إثر سلسلة من اللقاءات التي قادها الرئيس التونسي قيس سعيد نهاية الأسبوع الماضي مع رؤساء الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحكومي بهدف تقريب المواقف لتشكيل حكومة جديدة واستقباله راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» ونبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس»، ومحمد عبو رئيس حزب «التيار الديمقراطي»، وزهير المغزاوي رئيس حركة «الشعب»، وسيف الدين مخلوف رئيس «ائتلاف الكرامة»، وسليم العزابي الأمين العام لحركة «تحيا تونس».
واعتبر القوماني أن درجة نجاح الحكومة المقبلة، التي تسعى حركة النهضة إلى تشكيلها مع عدد من الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تعتمد على الأسماء التي ستنضم إلى الحكومة، مشيراً إلى أن الابتعاد عن الشبهات بالفساد والقبول لدى الأوساط السياسية والاجتماعية سيكون من بين المعايير الأساسية المعتمدة في اختيار الشخصيات المقبلة. ولم تتحدد ملامح الحكومة التونسية المرتقبة بعد أكثر من 3 أسابيع من إجراء الانتخابات البرلمانية.
ويرى مراقبون أن عدة مقترحات ما زالت مطروحة، وهي مرتبطة بما ستفضي إليه المشاورات والمقترحات حول نوع وشكل الحكومة، ومن بينها حكومة كفاءات حزبية أو حكومة كفاءات مستقلة أو ربما المزج بين المقترحين. وأكد القوماني من جديد تمسك حركة النهضة المطالبة دستورياً بتشكيل الحكومة، بتولي شخصية من قياداتها منصب الرئاسة، وقال إن هذه المسألة «غير قابلة للتفاوض»، خاصة بعد أن حسمت من قبل أعضاء مجلس الشورى، الذي يحظى بسلطة القرار داخل «النهضة».
وانتقد القوماني محاولة بعض الأطراف السياسية القفز فوق إحدى المراحل الدستورية وإعطاء الأولوية لـ«حكومة الرئيس» التي اقترحها حزب حركة الشعب (حزب قومي) على حساب المشاورات السياسية التي يقودها الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، وعبّر عن اعتقاده أن هذا المقترح يمثل «ضعفاً على مستوى التعاطي السياسي الديمقراطي» مع نتائج تلك الانتخابات، إذ إن الدستور يسمح لحركة النهضة بتشكيل الحكومة. وعلى الرغم من قيادة حركة النهضة للمشاورات السياسية بحكم فوزها في الانتخابات البرلمانية، فإن عدة أطراف سياسية، من بينها حركة النهضة، تخشى وصول تلك المشاورات إلى نفق مسدود، وتلوّح بالمرور إلى انتخابات برلمانية مبكرة قد تكون نتائجها ضد الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغامرة لإعادة الانتخابات قد تفضي إلى القضاء على عدد الأحزاب السياسية، وقد تؤدي إلى تقلص عدد المقاعد البرلمانية التي فازت بها حركة النهضة، البالغة 51 مقعداً، لكنها كذلك قد تؤدي إلى اندثار الأحزاب التي جاءت في المراتب الموالية، وتفتح الباب أمام صعود أطراف أو ائتلافات سياسية تنسب نفسها إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد. واعتبر العرفاوي أن خطط المفاوضات بين الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت مغالية، من مختلف القيادات، إذ إن «النهضة» كان عليها عدم التمسك برئاسة الحكومة وتعيين شخصية من قياداتها لهذا المنصب، وهذا قد يعفيها من جزء كبير من المسؤولية عن عمل الحكومة المقبلة. كما أن بقية الشركاء السياسيين كان عليهم عدم الإفراط في الشروط وطلب حقائب وزارية بعينها للانضمام إلى الائتلاف الحاكم، قائلاً إن طبيعة المفاوضات والبحث عن الموقع السياسي هي التي قد تقف وراء تمسك كل طرف بشروطه.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.