«دائرة الأبالسة» تنال جائزة الطيب الصالح للرواية

لجنة التحكيم: النص استخدم السرد في تجسيد الفساد

وزير الثقافة السوداني فيصل صالح يسلم الجائزة للروائي محمد الخير حامد
وزير الثقافة السوداني فيصل صالح يسلم الجائزة للروائي محمد الخير حامد
TT

«دائرة الأبالسة» تنال جائزة الطيب الصالح للرواية

وزير الثقافة السوداني فيصل صالح يسلم الجائزة للروائي محمد الخير حامد
وزير الثقافة السوداني فيصل صالح يسلم الجائزة للروائي محمد الخير حامد

كتب الرواية متأخراً، سبقتها تجربته في كتابة الشعر والقصة القصيرة، وأول رواية له «دائرة الأبالسة» حصدت «جائزة الأديب الطيب صالح للإبداع الروائي»، في دورتها (17) التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي سنوياً للرواية غير المنشورة.
رواية (دائرة الأبالسة) للكاتب محمد الخير حامد، تتناول فكرتها المحورية الفساد السياسي والإداري كظاهرة استشرت في مؤسسات الدولة، والإطار الزمني للرواية يركز على شخوص وأحداث القصة، خلال الفترة الأخيرة من حقبة النظام السابق. وتؤكد لجنة التحكيم في حيثيات اختيارها للرواية للفوز بالجائزة، على حيوية النص واللغة السليمة وتدفقها إلى جانب التشويق، وإجادة الكاتب لتوظيف ضميري المتكلم والغائب، والتنقل بينهما بيسر وسلاسة من الحكي.
يقول حامد في إفادة لـ«الشرق الأوسط»: «فوز روايتي بجائزة الطيب صالح جاء تتويجاً لمجهوداتي الإبداعية، وهذا النجاح لم يأتي صدفة، وفي الغالب حدث بعد معاناة وجهد نفسي وإبداعي كبير». ويضيف: «النجاح يمنح الكاتب ثقة كبيرة بالنفس، ويعبر به عتبات عديدة وصعبة، ويضعه في محط اهتمام القراء، يستفيد منه الكاتب والكتاب بزيادة المقروئية والانتشار». ويرى حامد أن نيله الجائزة يعد «إنجازاً كبيراً في مسيرتي»، وبداية لتدشين مشروعه الروائي، الذي سعى إليه ونجح في تحقيقه، وأضاف: «سعيد بارتباط اسمي بالكاتب العبقري والروائي العالمي الطيب صالح»، ويستطرد: «بدأت متأخراً في كتابة الرواية في عام 2015. وقبلها كان اهتمامي بقرض الشعر والقصة القصيرة والذي بدأته منذ أواخر تسعينات القرن الماضي»، ويتابع: «الرواية عمل شاق لا يكتب إلاّ بعد مخاض وتجربة فكرية وفلسفية، وقراءات ونضج فكري عميق». ويقطع حامد بأنه كان يتوقع الفوز بالجائزة السودانية الرفيعة، ويقول: «توقعت الفوز ليس بسبب ثقتي وإيماني بقوة الرواية، وإنما بالآراء الجيدة التي قدمها آخرون حول الرواية قبل المشاركة بها في المسابقة، ولكن في المسابقات لا يمكن الجزم بالفائز إلاّ بعد ظهور النتيجة». ويوضح عضو لجنة التحكيم في جائزة الطيب صالح، الناقد مصطفى الصاوي، لـ«الشرق الأوسط» أن الرواية الفائزة بالجائزة تعد «الأميز» من بين المشاركات، بمعايير الجودة والإحكام والمغايرة، واستيفاء شروط الرواية المعروفة. ويضيف: «هذه الدورة كانت الأضعف قياساً بالدورات السابقة، حيث بلغت المشاركات (9)، وبقية الأعمال متقاربة في المستوى، وهي كتابات ناضجة».
ويوضح الصاوي أن محددات لجنة التحكيم في الاختيار بين الأعمال المقدمة، تقوم على المعالجة النوعية المختلفة للنصوص الإبداعية، ويتابع: «ومع ذلك فإن المضمون الذي انطلقت منه الرواية الفائزة، في تناوله لظاهرة الفساد من خلال الميول الإبداعية للكاتب، جاء متزامناً مع التحولات الكبيرة التي يشهدها السودان باعتبارها قضية مرتبطة بالمجتمع».
وترى لجنة التحكيم أن راوية «دائرة الأبالسة» نجحت في معالجة ظاهرة الفساد في المؤسسات الخاصة، وجسدت ارتباطها بالأوضاع التي يعايشها السودان في الوقت الحالي، وأشارت إلى أن الكاتب استطاع التوفيق في بناء الشخصيات في النصوص، وإنتاج عمل فني محكم باستخدام لغة جيدة.
للكاتب محمد الخير حامد العديد من المؤلفات في القصة القصيرة والشعر، إلى جانب اهتماماته البحثية في القضايا السياسية والاقتصادية، توج ذلك بفوز بحثه الذي حمل عنوان: «مستقبل المنطقة العربية بعد الربيع العربي»، بجائزة أفضل الباحثين العرب لعام 2018م، من مركز الفكر الاستراتيجي بلبنان.
وفازت مجموعته القصصية «لعنة الساعة التاسعة» بـ«جائزة نبيل غالي» من نادي القصة السوداني، بالإضافة إلى جوائز أخرى في القصة والشعر، كما له مؤلفات في السياسة والعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، ومقالات عديدة في الشأن الثقافي والاجتماعي والسياسي منشورة بالصحف السودانية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».