تستمر انتهاكات جماعة الحوثي الانقلابية بحق الصحافيين ووسائل الإعلام اليمنية المختلفة، منذ أربعة أعوام وبنفس الأساليب والطرق الإجرامية التي تعودت عليها تلك الميليشيات من خلال تضييقها الخناق على حرية التعبير والكلمة، وملاحقة الصحافيين ومضايقتهم في حياتهم ولقمة عيش أسرهم.
وعاودت من جديد الميليشيات وكعادتها نهب مساعدات صحافيي مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر بالعاصمة صنعاء، وتعمد توزيع أجزاء منها على أتباعها وبيع الجزء الآخر لتجار محليين وفي الأسواق السوداء.
وشكا صحافيون وموظفون بمؤسسة الثورة، من قيام ميليشيا الحوثي الانقلابية مجدداً بسرقة مساعدات غذائية مقدمة لهم من برنامج الأغذية العالمي. وأكد عدد من الصحافيين والموظفين، الذين فضلوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، لـ«الشرق الأوسط»، عودة الميليشيات من جديد لنهب المساعدات وكذا المستحقات الخاصة بهم للعام الثالث على التوالي.
من جانبه تحدث أحد صحافيي الثورة، وطلب عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن سلسلة من المعاناة التي يتكبدها المئات من موظفي وصحافيي المؤسسة في ظل سيطرة الميليشيات. وقال إن جميع موظفي الثورة يعيشون أوضاعا مأساوية منذ نهب الميليشيات لمرتباتهم وحقوقهم. وأضاف: «ليس هناك إجرام واستغلال وحقارة أكثر من سرقة طعام الموظفين بعد نهب مرتباتهم».
وأشار إلى أن الموظفين خلال العام الجاري تسلموا راتبين فقط، بواقع 4 دفع، كل نصف 30 ألف ريال، كمبلغ بسيط لا يعرفون ماذا يصنعون به وأسرهم.
وبدوره كشف مصدر مسؤول سابق بمؤسسة الثورة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض المساعدات المخصصة للموظفين والعاملين في المؤسسة من قبل برنامج الغذاء العالمي للسرقة والنهب من قبل الميليشيات الحوثية. وبين المصدر، الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، خشية من انتقام الميليشيات، لـ«الشرق الأوسط»، أن الصحافيين والموظفين تلقوا للمرة الثانية اتصالات هاتفية من قبل البرنامج ليسألهم ما إذا كانوا تسلموا السلال الغذائية الخاصة بهم لشهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) من العام الجاري.
وفيما قال المصدر المسؤول بصحيفة الثورة، بأنه تبين بالأخير بأن جميع الموظفين لم يتسلموا أي نوع من تلك المساعدات المخصصة لهم. دعا في ذات الوقت برنامج الغذاء العالمي بتشكيل لجنة لإجراء تحقيق ومعرفة أين ذهبت المساعدات التي خصصت لموظفي وصحافيي المؤسسة. كما طالب أيضا بوضع حد للتلاعب المستمر في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن.
وفي ذات السياق أكد ناشطون حقوقيون أن ميليشيات الحوثي الانقلابية نهبت مساعدات أكثر من 2000 صحافي وموظف من موظفي المؤسسة الصحافية، وقامت ببيع جزء منها لتجار مقربين منها، وتحويل البعض الآخر لصالح موالين لها فكريا وطائفيا.
وبحسب الحقوقيين والمتابعين لهذا الأمر، الذين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، فقد طلبت الجماعة مطلع العام الماضي 2018م، الهويات الشخصية من الموظفين لأجل تسليمهم سلال غذاء شهرية، إلا أن تلك الجماعة نهبت تلك المخصصات وسلمتها لموالين لها، قبل أن تتلقى فضيحة ويكشف أمرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتابع الحقوقيون: أن الميليشيات لجأت بعد ذلك لتفادي الفضيحة التي حدثت لها، ووعدت الصحافيين عبر أحد القيادات التابعة لها بالتحقيق بالعملية، إلا أنها، وبحسبهم، لم تفِ بوعودها، حيث تفاجأ الصحافيون مجدداً بأن السرقة ما زالت مستمرة.
وكان البرنامج قد اتهم بوقت سابق ميليشيات الحوثي بسرقة المساعدات الغذائية من أفواه الجائعين، وتحويل شحنات الطعام لصالح موالين لها.
ويعاني من تبقى من الصحافيين اليمنيين بمناطق سيطرة الحوثيين من شتى أنواع المعاناة والقهر، بسبب سياسات التجويع التي تنتهجها الميليشيات، ونتيجة لسياسة القمع الحوثية المتواصلة يتعرض الصحافيون والإعلاميون لسلسلة من الاستهدافات المباشرة كالقتل العمد، والمطاردة والتضييق، والتحريض ضدهم، والاختطاف، والإخفاء القسري، والتعذيب داخل السجون.
ورصدت لجنة الحقوق والحريات التابعة لنقابة الصحافيين اليمنيين خلال الربع الثالث فقط من العام الجاري 2019م، أكثر من 25 انتهاكا طالت الحريات الإعلامية في اليمن.
وتنوعت الانتهاكات، التي رصدتها النقابة، ما بين بين الاختطافات بـ12 حالة بنسبة 48 في المائة من إجمالي الانتهاكات، والاعتداءات بـ5 حالات بنسبة 20 في المائة، والمنع من مزاولة العمل والتصوير بـ4 حالات بنسبة 16 في المائة، والتهديد بالأذى بحالتين بنسبة 8 في المائة، والمحاكمة بحالة واحدة بنسبة 4 في المائة، وحالة تعذيب واحدة بنسبة 4 في المائة. واعتبر بيان النقابة، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، تلك الأرقام بأنها مؤشر خطير يوضح استمرار حالة الحرب والعدائية ضد الصحافة والصحافيين.
وتوزعت حالات حجز الحرية الـ12 بين الاعتقال بـ7 حالات بنسبة 59 في المائة من إجمالي حالات حجز الحرية، والاختطاف بـ4 حالات بنسبة 33 في المائة، والملاحقة بحالة واحدة بنسبة 8 في المائة.
وبحسب بيان النقابة، لا يزال هناك 18 صحافيا مختطفا أغلبهم منذ أكثر من أربعة أعوام منهم 15 صحافيا لدى جماعة الحوثي هم: وحيد الصوفي، عبد الخالق عمران، توفيق المنصوري، هيثم الشهاب، حسن عناب، عصام بلغيث، أكرم الوليدي، هشام اليوسفي، حميد هشام طرموم، حارث حميد، صلاح القاعدي، الناشط الإعلامي محمد عبده الصلاحي، الناشط الإعلامي بلال حيدر العريفي، عبد الحافظ الصمدي، وإيهاب الشوافي.
ووثقت النقابة حالتي تهديد لصحافيين اثنين سجلت حالة منها ضد الحوثيين بصنعاء وحالة ضد مجهولين بعدن، كما سجلت حالة محاكمة واحدة قامت بها محكمة الصحافة والمطبوعات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وبالمقابل، قال إعلاميون يمنيون، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه وعقب استيلاء ميليشيات الحوثي على السلطة في سبتمبر 2014 شهدت الساحة اليمنية العديد من الجرائم والانتهاكات التي طالت وسائل إعلام وإعلاميين وصحافيين، وتحول من خلالها العمل الصحافي بمناطق سيطرة الانقلابيين إلى مغامرة كبيرة وخطرة قد تنتهي بصاحبها إما بالقتل أو خلف قضبان السجون.
ويعيش الصحافيون المختطفون لدى الميليشيات أوضاعاً مأساوية وأمراضا صحية خطيرة، بينما يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب في سجون تلك الجماعة الانقلابية.
وأدانت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين «صدى» استمرار اختطاف 11 صحافي من قبل جماعة الحوثي منذ 5 أعوام وتعرضهم للتعذيب الذي أدى لتعرضهم للكثير من الأمراض، وأغلبها مزمنة.
وعبرت المنظمة، في بيان حديث لها، عن استنكارها للتعامل اللاإنساني الذي تتعامل به جماعة الحوثي مع المختطفين وتمنعهم من حقهم في الحصول على الرعاية الصحية والدواء والغذاء ناهيك عن أنها تمنع عنهم الملابس التي تقدم إليهم من أهاليهم. وطالبت بسرعة الإفراج عن الزملاء الصحافيين والالتزام بمعالجتهم وتعويضهم ما خسروه جراء سنوات الاختطاف التي عاشوها بسجون الميليشيات.
وقالت «صدى» بأنها تلقت معلومات وبلاغات تؤكد أن الصحافي المختطف لدى جماعة الحوثي منذ 5 أعوام- حارث حميد تعرض لتدهور مريع في نظره (رؤية العينين) وبات يعاني من صداع مستمر، ويحتاج لإجراء عمليات جراحية في العيون.
وكشف بيان المنظمة، تابعته «الشرق الأوسط»، أن بقية الصحافيين المعتقلين بسجون الحوثي، وهم: «عبد الخالق عمران ويعاني من انزلاق بالعمود الفقري، وعصام بلغيث أصبح مصابا بالروماتيزم وبدأ تأثيره على القلب وتدهور النظر عنده بشكل كبير، وهشام طرموم، وتوفيق المنصوري باتا مصابين بمرض الكبد وتدهورا في النظر لديهما، وأكرم الوليدي مصاب بمرض بالسكر وقرحة المعدة، وهشام اليوسفي مصاب بحالة نفسية حرجة، وصلاح القاعدي مصاب بضعف وسوء تغذية حاد».
وطالب الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولي بتحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية في الإفراج عن الزملاء ومنع استخدام الحوثيين لهم كورقة تفاوضية أو محاولة استخدامهم كورقة رابحة للإفراج عن أسرى من قياداتها بصفقات تبادل مع الجيش الوطني.
كما ناشدت صدى، العالم ومنظمة الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثه الخاص لليمن ومنظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية أن يسهموا بشكل فعال في حماية الصحافيين اليمنيين وأن يضاعفوا جهود التعاون مع الصحافي اليمني ورعايته لينتصر على الوضع السيئ الذي يعيشه ويعانيه. وأكدت أن قضية الزملاء الصحافيين المختطفين إنسانية بحتة. رافضة رفضا قاطعا التعامل مع قضيتهم على أنها سياسية أو ورقة من أوراق الصراع.
الانقلابيون يعودون لنهب مساعدات موظفي مؤسسة الثورة
رصد 25 حالة انتهاك للحريات... و15 إعلامياً ما زالوا قابعين في سجون الميليشيات
الانقلابيون يعودون لنهب مساعدات موظفي مؤسسة الثورة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة