محكمة مغربية ترفع إلى 15 سنة سجناً عقوبة الصحافي بوعشرين

توبع في قضية استغلال جنسي واتجار بالبشر

TT

محكمة مغربية ترفع إلى 15 سنة سجناً عقوبة الصحافي بوعشرين

قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الليلة قبل الماضية، برفع عقوبة الصحافي المغربي توفيق بوعشرين، المدان في قضية الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر من 12 إلى 15 سنة سجناً نافذاً، مع دفع تعويضات لثماني ضحايا بقيمة مليونين و500 ألف درهم (نحو 250 ألف دولار) في قضية مثيرة شغلت الرأي العام داخل المغرب وخارجه.
واعتقل بوعشرين، مؤسّس صحيفة «أخبار اليوم»، في فبراير (شباط) 2018. وحكِم عليه ابتدائياً بالسجن 12 عاماً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد إدانته من أجل ارتكاب جنايات «الاتجار بالبشر باستغلال الحاجة والضعف، واستعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي، عن طريق الاعتياد والتهديد بالتشهير، وهتك العرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب». كما توبع بوعشرين من أجل جنح «التحرش الجنسي وجلب واستدراج أشخاص للبغاء، من بينهم امرأة حامل، واستعمال وسائل للتصوير»، وهي عبارة عن أشرطة فيديو يناهز عددها 50 شريطا مسجلا على قرص صلب، ومسجل فيديو رقمي.
وقضت المحكمة بمؤاخذة بوعشرين بجميع التهم والجنايات التي توبع بها، وأدائه للمشتكيات المطالبات بالحق المدني، وبينهن صحافيات كن يعملن في مؤسسته، تعويضا ما بين 500 و100 ألف درهم (50 و10 آلاف دولار).
وخاطب بوعشرين هيئة المحكمة في كلمته الأخيرة، قبل النطق بالحكم قائلا: «أتمنى من محكمتكم، وهي تختلي للمداولة وتقرر حكمها عليّ، أن تستحضر روح القرار الملكي المتبصر والرحيم في حق هاجر الريسوني»، مضيفا أن العفو الملكي «إشارة نبيلة يجب استحضارها». في إشارة إلى الصحافية الريسوني التي تعمل في صحيفته «أخبار اليوم»، والتي كانت قد أدينت بالسجن بتهمة الإجهاض، وحصلت على عفو ملكي.
ووجه بوعشرين رسالة إلى المشتكيات، اللواتي تقدمن بشكاوى ضده، ليعتذر لهن، وقال إنهن «وجدن أنفسهن في حرب ليست حربهن، وهن مجرد حطب لها»، مضيفا: «آسف جدا. وكما قلت منذ البداية إنهن ضحايا وجُعلن حطبا لإحراقي».
وتابع بوعشرين: «سأكون كاذبا إن قلت إني لا أخاف الإدانة. فهناك قضية رأي وقضية حرية صحافة، وهناك جيل كامل على الميزان، دافع عن مشروع إصلاح العدالة. لهذا أملي أن يكون حكمكم وثيقة مرجعية اليوم».
وفي استعطاف واضح للمحكمة، أضاف بوعشرين: «حتى لو كنت ارتكبت خطأ، فقد نلت ما يكفي من العقاب طوال 20 شهرا، التي قضيتها بالسجن في ظروف غير إنسانية، وتحت المراقبة الأمنية الدقيقة، محروما من أسرتي وعائلتي».
وقاطع بوعشرين الجلسات الأخيرة من محاكمته أمام الاستئناف، احتجاجاً على ما اعتبره غياب ضمانات المحاكمة العادلة، بينما قال دفاع الطرف المدني إنّه «يهرب من مواجهة أدلّة إدانته». ويعتزم دفاع بوعشرين الطعن في الحكم أمام محكمة النقض.
وكان اعتقال بوعشرين قد أثار ضجة واسعة في المغرب، وشكل صدمة للوسط الإعلامي بسبب التهم الثقيلة التي وجهت إليه، وظل بوعشرين، مدير نشر صحيفة «أخبار اليوم» والموقع الإلكتروني «اليوم 24» ومحاموه وكذا المتعاطفون معه، طيلة أطوار المحاكمة يصرون على أن محاكمته سياسية، وأن سبب اعتقاله يعود إلى كتاباته الصحافية المزعجة للسلطات. إلا أن النيابة العامة نفت ذلك، وقالت إنه كان «يمارس سلطته على المشتكيات، وأرغمهن على ممارسة الجنس معه، وكان يقوم بتصويرهن داخل مكتبه عبر مسجل فيديو، كان مخبأ وراء جهاز التلفزيون».
وعرضت المحكمة خلال بداية المحاكمة في جلسات مغلقة فيديوهات توثق «مشاهد الاعتداءات الجنسية»، بينما ظل دفاع بوعشرين يشكك في صحتها. وأخضع الدرك الملكي هذه الفيديوهات لخبرة تقنيّة، بطلب من النيابة العامة ودفاع المطالبات بالحق المدني، خلُصت إلى أنّها «غير مفبركة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.