الانتفاضة اللبنانية تهزّ الزعامات الطائفية والحزبية

أمام خلفية تهديدات «حزب الله»

الانتفاضة اللبنانية تهزّ الزعامات الطائفية والحزبية
TT

الانتفاضة اللبنانية تهزّ الزعامات الطائفية والحزبية

الانتفاضة اللبنانية تهزّ الزعامات الطائفية والحزبية

يعتبر أحد النواب اللبنانيين الـ128 أن من تفاجأ بـ«الانتفاضة اللبنانية» التي انطلقت في السابع عشر من الشهر الحالي، إما هو قارئ فاشل للأحداث، أو أنه كان يعيش خارج البلاد، وبالتالي بعيد عن نبض الشارع وهموم اللبنانيين وشجونهم.
ويُجمع العدد الأكبر من المتظاهرين، الذين يكتسحون الساحات العامة في المناطق اللبنانية كافة، على أنهم قرروا أن يثوروا على الطبقة الحاكمة... إذ طفح الكيل بعدما أعطوا الأفرقاء السياسيين أكثر من فرصة، فإذا بهم يوصلون البلد إلى الانهيار الاقتصادي الذي تجلى بأوضح أشكاله في الأشهر والأسابيع الماضية مع ما شهدته الأسواق من أزمة في سعر صرف الليرة وما تبعها من أزمة في المحروقات والرغيف. أما القشّة التي قصمت ظهر البعير، فكانت التوجه الحكومي لفرض ضريبة على خدمة المكالمات الصوتية عبر الإنترنت، ما أدى يوم الخميس في السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إلى خروج مجموعات صغيرة معترضة في وسط بيروت، ما لبثت أن تكاثرت وعمت المناطق اللبنانية كافة.

يرفع مئات آلاف المتظاهرين في ساحات المدن اللبنانية شعاراً موحداً منذ انطلاق «الانتفاضة»، ألا وهو «كلن يعني كلن» (كلّهم يعني كلّهم)، بإشارة إلى أن الامتعاض يشمل كل الأفرقاء السياسيين من دون استثناء. وبعدما كانت المظاهرات التي شهدها لبنان على مر السنوات الماضية تحصل بإيعاز من حزب أو فريق سياسي معين، يشكل ما تشهده البلاد حالياً أشبه بظاهرة باعتبار أن اللبنانيين تداعوا إلى الشوارع في غياب أي دعوة من أي جهة كانت، وما زالوا يثابرون على ملء الساحات بغياب أي قيادة للحراك. وللمفارقة، فإن فريقي الصراع في لبنان، أي مكوّنات التكتلين اللذين كانا يُعرفان بـ8 و14 آذار، يتفقان على أن لا أيادي خارجية حرّكت الناس. وبالتالي، فإن ما يحصل ليس إلا تعبيراً واضحاً عن انفجار الشارع المكبوت منذ عشرات السنوات... الذي قرر أخيرًا الخروج عن صمته، مهدداً الزعامات الطائفية والحزبية التي يقوم عليها النظام المبني على مبدأ المحاصصة في لبنان.

ورقة الحريري
المظاهرات الشعبية دخلت أسبوعها الثاني يوم الخميس الماضي من دون أن تنجح كل المبادرات من قبل المسؤولين، على رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، بإخراج الناس من الشوارع. وعلى الرغم من تعدد المطالب، وتحولها في كثير من الأحيان إلى مطالب فردية لا ترتقي إلى مستوى المطلب الوطني الجامع، فإن اللبنانيين المعترضين نجحوا بالتوافق على مطلب أساسي وموحّد، ألا وهو استقالة الحكومة، وتشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين قادرة على التصدّي للأزمة. وترافق هذا العنوان مع عناوين أخرى كالسعي لإسقاط النظام، وإلغاء الطائفية السياسية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وغيرها. وبعدما توقّع المعتصمون أن يخرج عليهم رئيس الحكومة بعد بضع ساعات من انطلاق حركتهم لإعلان استقالة حكومته، أمهل سعد الحريري شركاءه في الحكم 72 ساعة لإيجاد حل يقنع الشارع والشركاء الدوليين. ومع انتهاء المهلة، عاد الحريري ليتوجه إلى اللبنانيين يوم الاثنين الماضي من قصر بعبدا الرئاسي حاملاً بين يديه «ورقة إصلاحات»، قال إن كل القوى السياسية وافقت على السير بها، وموازنة عام 2020 التي وافق عليها مجلس الوزراء، والتي لحظت عجزًا بنسبة 0.6 في المائة، بعدما كان العجز في موازنة عام 2019 حدد بـ7.59 في المائة. حملت ورقة الحريري، حتى بإقرار عدد كبير من أفراد مجموعات الحراك، وعوداً وخطوات نوعية طال انتظارها، لكن نظراً إلى أن التجارب الماضية مع هذه السلطة لم تكن مشجعة على الإطلاق، وبالتحديد لناحية «الإيفاء بالوعود وتنفيذ الإصلاحات»، على حد تعبير المشاركين بالمظاهرات، تم رفض السير بالورقة كحل للأزمة.
بعدها، أقرت الحكومة في جلسة عقدتها يوم الاثنين الماضي 24 بنداً حملها إليها الحريري، هي: خفض جميع رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المائة، وخفض موازنات الصناديق المستقلة كـ«صندوق المهجرين» و«مجلس الجنوب»، ووضع سقف لرواتب ومخصصات اللجان كحد أقصى 10 ملايين ليرة لبنانية، وخفض رواتب جميع المديرين على ألا تتجاوز 8 ملايين ليرة، ووضع رواتب القضاة بحد أقصى 15 مليون ليرة، ووضع ضرائب على المصارف وشركات التأمين 25 في المائة، وتأمين موافقة مُسبقة من ديوان المحاسبة والتفتيش على أي مناقصة أو اتفاق يتجاوز 25 ألف دولار، على أن يحق للوزير الموافقة على 20 ألف سنوياً، أما الباقي فيخضع لموافقة مجلس الوزراء، وإلغاء جميع المخصّصات للبعثات إلى الخارج بحد أقصى للرحلة 3 آلاف دولار، مع موافقة مجلس الوزراء عليها، وإلغاء جميع ما جرى خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية، ووضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء، وتفعيل هيئة الرقابة الاقتصادية، ودعم الصناعات المحلية، ورفع الضريبة على المستوردات للأصناف المنتجة محلياً، ومساهمة المصارف لإنشاء معامل كهرباء ومعامل فرز النفايات والمحارق الصحيّة، مع خفض الضريبة على المبالغ المساهمة بها، وتقديم مصرف لبنان وباقي المصارف 3 مليارات دولار، وتحويل معامل الكهرباء إلى غاز خلال شهر، وإلغاء وزارة الإعلام، وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة، ووضع آلية واضحة لمواجهة الفساد، والامتناع عن فرض زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وإلغاء كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة العمل بالقروض السكنية، واتخاذ قرار حاسم بأن تكون موازنة عام 2020 بلا عجز بما يتطلب ضبط الواردات، وزيادة الضريبة على أرباح المصارف، واقتراح بخصخصة قطاع الهاتف المحمول قريباً جداً، وجعل قانون رفع السرية المصرفية إلزامياً على جميع الوزراء والنواب والمسؤولين في الدولة.

«هيئة تنسيق الثورة»
إذا كان المعتصمون قد أعلنوا مباشرة بعد عرض الحريري ورقته رفضهم الخروج من الشارع، مطالبين باستقالة الحكومة، فإن جواباً شبه رسمي جاء من الحراك، بعد إعلان نحو 15 مجموعة بعد 6 أيام من انطلاق الانتفاضة تشكيل «هيئة تنسيق الثورة».
وفي بيان حمل الرقم 2، أدرجت المجموعات 6 مطالب: أولاً، استقالة الحكومة فوراً، وتشكيل «حكومة إنقاذ وطني» من خارج المنظومة الحاكمة. ثانياً، استرداد الأموال المنهوبة من قِبَلْ كل الذين تولوا السلطة من 1990 حتى اليوم ومحاسبتهم، ومنهم من غادر البلاد، ونتبنى ما جاء في بيان نادي القضاة بهذا الشأن. ثالثاً، معالجة الملفات الحياتية والمالية الضاغطة وانتشال الوطن من الهاوية التي أوصلتنا إليها السلطة الفاسدة. رابعاً، العمل على إجراء انتخابات نيابية مبكّرة، وفق نظام انتخابي جديد طبقاً للمادة 22 من الدستور في مهلة أقصاها ستة أشهر. خامساً، الطلب من المواطنين الاستمرار في التظاهر والاحتجاجات في العاصمة، والمناطق، حتى تحقيق المطالب. سادساً، الطلب من القوات المسلحة، على رأسها جيشنا الوطني، حماية المتظاهرين في المناطق كافة، والأشخاص والشخصيات الذين تعرضوا للتهديد في أماكن سكنهم وعملهم. أما أبرز المجموعات التي انبثقت منها «هيئة تنسيق الثورة» فهي: حراك العسكريين المتقاعدين، والمبادرة الوطنية، والتيار النقابي المستقل، وحزب «الخضر»، وحملة «الشعب يريد إصلاح النظام»، و«اللقاء التشاوري المدني» (إقليم الخروب)، ومبادرة «وعي»، و«حركة الشعب»، و«الحركة الشبابية للتغيير»، و«المتحدّون»، و«نبض النبطية»: «حزب سبعة»، و«مجموعة الزواج المدني في لبنان» (civil marriage in Lebanon)، و«حراس المدينة - النبطية»، والحزب القومي - «الانتفاضة»، و«حركة النهضة القومية»، و«حراك صور»، و«لهون وبس»، و«الحراك المدني العكاري»، و«اللقاء الجنوبي»، و«حركة المحرومين - طرابلس»، وحملة «حلّو عنّا»، و«ثوار النبطية»، و«تجمّع شباب زحلة»، و«حراك الهرمل»، و«برلمان الدولة العادلة»، ومجموعة «لبنان إلى الأبد» (For Ever Lebanon)، و«تحالف وطني»، و«تجمع أبناء بعلبك»، و«اللقاء النقابي التشاوري»، و«لبنان اليوم»، و«حوار الشباب»، و«حراك بريتال»، والأساتذة المتقاعدون في التعليم الرسمي، و«ناشطون - مستقلة»، و«لجنة أبناء الوطن (صيدا صور بيروت طرابلس)».
واتسعت مع الأيام التي تلت المجموعات المنضوية في الهيئة، فبلغت نحو 47 مجموعة، في وقت أصر بعض المشاركين في الحراك على رفض هذا التشكيل، والمضي من دون قيادة في المرحلة الحالية؛ أقلّه بانتظار إسقاط الحكومة.
هذا، ويؤكد العميد المتقاعد جورج نادر، الذي تلا من ساحة الشهداء بوسط بيروت البيان الذي أعلن عن تشكيل الهيئة، أنهم لا يدّعون قيادة الثورة، وأن عملهم يندرج في إطار التنسيق اللوجستي وضمان عدم حصول أي تضارب في المواقف والقرارات. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذه الهيئة «باتت تضم نحو 47 طيفاً من مختلف أطياف الحراك، وبالتالي أصبحوا القوة الأكبر».

دخول الجيش على الخط
في اليوم السادس للحراك، اتخذ الجيش اللبناني قراراً بفتح الطرقات التي أغلقها المعتصمون للضغط على السلطة السياسية وضمان استقالة الحكومة. وسُجّل أكثر من صدام بين عناصر الجيش والمحتجّين، انتهى بعد ساعات إلى نجاح هؤلاء بالإبقاء على الطرقات مقطوعة، شرط ضمان إبقاء الطرقات الفرعية مفتوحة.
وأكدت قيادة الجيش أنها «لم تألُ جهداً في الأيام الماضية في التواصل مع كل الأفرقاء المعنيين للحؤول دون حصول احتكاك أو تصادم بين المواطنين»، متمنية على المواطنين «التعاون معه من أجل إبقاء الطرق سالكة تسهيلاً لتنقل المواطنين واستقامة الدورة الحياتية». وأكدت أن «الجيش ملتزم بالدفاع عن حماية الوطن أرضاً وشعباً». وأضافت: «كلنا لبنانيون... نحن عائلة واحدة».
وحقاً، لم يكن قرار فتح الطرقات محصوراً بقيادة المؤسسة العسكرية. إذ بدا واضحاً أنه يحظى بغطاء من المسؤولين السياسيين، على رأسهم رئيس الجمهورية والحكومة. إذ أفيد عن سلسلة اتصالات بالقيادات الأمنية والعسكرية، قام بها الحريري واطلع منها على الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والحرص على فتح الطرق وتأمين انتقال المواطنين بين كل المناطق»، حسبما ذكر بيان صادر عن مكتبه الإعلامي.
كذلك كان للجيش موقف لافت يوم الثلاثاء، حين تصدى لمجموعة من مناصري «أمل» و«حزب الله» الذين جالوا في شوارع العاصمة بيروت على الدراجات النارية، وكان عدد منهم يحاول الوصول إلى ساحة الاعتصام الرئيسية في ساحة الشهداء. وعلى الفور أقدمت قوة من الجيش على التصدي لهم وتفريقهم، متفادية بذلك صداماً كبيراً بين الطرفين.

الحراك يقتحم الجنوب
من جهة أخرى، لعل أبرز ما توقفت عنده الجهات الغربية المتابعة، اقتحام الحراك، وبقوة، مناطق «الثنائي الشيعي»، أي «حزب الله» وحركة «أمل» جنوب لبنان. فللمرة الأولى منذ عشرات السنوات نزل العشرات والمئات في منطقتي صور والنبطية إلى الشوارع؛ حيث رُفعت ورُدّدت الشعارات التي تنتقد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، وأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، على حد سواء. كما جرى التعرض لمكاتب نواب ومؤسسات لشخصيات تابعة للحزبين، ما يشكل سابقة استدعت تدخّل مسلحين يناصرون «الثنائي» للتصدّي لعدد من المظاهرات.
أيضاً، انتشرت مقاطع فيديو مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر عدداً من المسلحين، المفترض أنهم تابعون لـ«أمل»، يهاجمون المتظاهرين داخل أحياء مدينة صور وفي مدينة النبطية. وهذا ما اعترفت به الحركة ضمناً، إذ أكدت رفضها للمظاهر المسلحة في شوارع صور، وأعلنت أنها بصدد «إجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير اللازمة»، وطلبت من الأجهزة الأمنية «ممارسة دورها في حماية المواطنين، بمن فيهم المتظاهرون»، لكنها، في الوقت نفسه، مستنكرة التطاول على رموزها، على رأسهم الإمام موسى الصدر ورئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وفي هذه الأثناء، اعتبرت مصادر سياسية أن «الانتفاضة الحاصلة جنوباً تشكل امتداداً للانتفاضة الحاصلة على صعيد الوطن ككل، لكن ما يميّزها هي أنّها كسرت كل المُحرّمات في مناطق يُمنع فيها مجرد توجيه انتقادات علنية للثنائي الشيعي». وردّت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ما يحصل لتنامي الضغوط على المجتمع الشيعي، خصوصاً بعد تشديد الولايات المتحدة الأميركية عقوباتها، التي لم تعد تقتصر على قيادات وعناصر «حزب الله»، وباتت تطال المتموّلين الشيعة، وتؤثر سلباً على المجتمع الشيعي ككل.

لا تفاوض قبل الاستقالة!
بدورها، لم تُثلِج الكلمة التي توجّه بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى المعتصمين، بعد أسبوع من انطلاق الانتفاضة، قلوبهم. إذ وبعدما توقّع هؤلاء توجّه رئاسة الجمهورية لدعم مطلبهم بتغيير الحكومة، اقتصرت كلمة عون على إبداء استعداده للقاء ممثلين عن المتظاهرين، وإشارته إلى إمكانية إجراء تعديل وزاري في البلاد، وهو ما رحّب به رئيس الحكومة. وفي حين أيد البطريرك الماروني بشارة الراعي، دعوة عون، غرّد الزعيم الاشتراكي الدرزي وليد جنبلاط قائلاً إن «أفضل حلّ يكمن في الإسراع بالتعديل الحكومي، والدعوة لاحقاً إلى انتخابات نيابية وفق قانون عصري لا طائفي».
وحقاً، يبدو التعديل الوزاري ضرورياً، خصوصاً بعد قرار «القوات اللبنانية»، على وقع نبض الشارع، الانسحاب من الحكومة، ما أدى لشغور 4 مقاعد وزارية مسيحية. وتحدّث وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي - المقرب من عون - عن ثلاثة احتمالات أمام الحكومة، هي: ترميم الحكومة عبر تعيين أربعة وزراء بدلاً عن وزراء «القوات»، وإجراء تعديل حكومي، أو تشكيل حكومة جديدة.
ختاماً، يعتبر العميد المتقاعد جورج نادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن كل ما حصل في الساعات الماضية يؤكد أن «رُكَب السلطة السياسية تهتزّ... وأن ما يؤمن صمودها حتى الساعة هو حزب الله»، مشدداً على أن «الناس لن تحاور أو تفاوض أحداً قبل سقوط الحكومة»، وهو ما أتى بإطار الردّ المباشر على دعوة عون المتظاهرين للحوار.

اعتداءات بالجملة على المراسلين.. والمرأة اللبنانية تتصدّر الحدث

> تصدّرت النساء المشهد في مظاهرات لبنان. إذ، وبعدما جرى تعميم صورة لإحدى الفتيات وهي تركل أحد المسلحين في وسط بيروت مع انطلاقة الثورة، تعرّضت اللبنانيات المتظاهرات لحملة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين عرب احتجوا على طريقة لبسهن وتبرّجهن خلال المشاركة في الاعتصامات.
شبكة «بي بي سي» البريطانية، اعتبرت من جانبها، أنه «بعيداً عن كل ما يطالب به اللبنانيون، من مطالب معيشية مشروعة، وبعيداً عن معاناتهم التي كانت - وفق شعاراتهم المرفوعة - سبباً أساسياً وراء خروجهم»، اختار جانب من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، من مصر وغيرها من البلدان العربية، التعليق على أشكال المحتجات ولباسهن وجمالهن، كما ورد في تعليقاتهم، عاكسين رؤية نمطية، كما يقول كثير من اللبنانيين، عن المرأة اللبنانية كامرأة «فلتانة»، كما يقولون.
وفي سابقة في تاريخ المظاهرات اللبنانية، جرى تسجيل جملة اعتداءات على مراسلين صحافيين. وكانت الحصة الأكبر من نصيب مراسلي تلفزيون «أو تي في» التابع لـ«التيار الوطني الحر» والمحسوب على العهد، إذ تعرّض مندوبوه لحملة من المقاطعة، بعدما رفض المحتجون التجاوب معهم. وجرى طردهم من مناطق عدة، وتعرّضوا لسيل من الشتائم والاعتداءات. كذلك، جرى التعرّض لمراسلي تلفزيون «أم تي في» من قبل الموسيقي سمير صفير المؤيد للرئيس عون ومن قبل مناصرين لحركة «أمل».


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»