«الشفافية العالمية»: بريطانيا ملاذ للثروات الفاسدة من كل أنحاء العالم

بعض معالم حي كناري وارف في لندن (غيتي)
بعض معالم حي كناري وارف في لندن (غيتي)
TT

«الشفافية العالمية»: بريطانيا ملاذ للثروات الفاسدة من كل أنحاء العالم

بعض معالم حي كناري وارف في لندن (غيتي)
بعض معالم حي كناري وارف في لندن (غيتي)

تُعدّ بريطانيا من أبرز الجهات في العالم لتحويل الأموال الفاسدة إلى يخوت ومجوهرات وأملاك وطائرات خاصّة، وحتى أقساط جامعية. وفقاً لدراسة أعدتها منظمة الشفافية العالمية، التي استنتجت أن «المملكة المتحدة هي ملاذ للثروات الفاسدة من كل أنحاء العالم».
وقالت الدراسة إنّ أكثر من 300 مليار جنيه إسترليني (386 مليار دولار) من الأموال المشبوهة، تدفقت إلى البلاد من خلال شركات محاسبة ومصارف ومكاتب محاماة موجودة في بريطانيا، وقد تمّ التوصل إلى هذه الاستنتاجات من خلال دراسة 400 قضية فساد وتبييض أموال.
وأشار متحدّث باسم المنظّمة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أنّ تاريخ هذه القضايا يعود إلى العقود الثلاثة الأخيرة، لكنّ معظمها في السنوات الـ10 أو الـ15 الماضية.
وقالت الدراسة إنّ «هذه الأموال تمّ الحصول عليها بمساعدة شركات مرخّصة في المملكة المتحدة وفي مراكزها المالية الخارجية، وقد تم استثمارها في العقارات الفاخرة هنا، واستخدمت لشراء وسائل للتسلل إلى مؤسسات مرموقة وأساليب حياة فاخرة». وتابعت: «كمّية كبيرة من (هذه الأموال) حصل عليها أشخاص أساءوا استخدام السلطات التي عهد بها إليهم من أجل تحقيق مكاسب خاصة».
وحدّدت منظمة الشفافية الدولية 86 مؤسسة مالية و81 مؤسسة قانونية و62 شركة محاسبة ساعدت أفراداً «عن غير قصد أو خلاف ذلك» على تحويل الأموال الفاسدة. وأضافت: «قائمة الاكتشافات التي تفصّل الاستثمارات وانغماس فريق دولي من الأفراد الفاسدين في اقتصادنا، أصبحت أكبر من أن نتجاهلها».
وتابعت: «رغم أن هذا الأمر مثار قلق كبير، فإنه يتم الاعتراف به بشكل متزايد في أروقة السياسة والأعمال، وهي خطوة إيجابية نحو اتخاذ إجراءات ذات معنى».
ولاحظت المنظمة أن بعض المهن، مثل المهندسين المعماريين، ومصممي الديكور الداخلي، ومقدمي التعليم الخاص، وشركات العلاقات العامة، تقع جميعها خارج قوانين مكافحة غسل الأموال.
وحددت الدراسة أيضا 421 عقاراً، قيمتها نحو 5 مليارات جنيه إسترليني، تم شراؤها «بثروات مشبوهة».
وحذرت من أن هذا قد يكون «رأس جبل الجليد»، لأن نحو 87.000 عقار في إنجلترا وويلز مملوكة لشركات تابعة لدوائر قضائية سرّيّة ولا توجد معلومات عن أصحابها. كما أشارت الدراسة إلى سلسلة من عمليّات الشراء المشتبه بها، التي تشمل أيضاً يخوتاً فخمة وسيارات فاخرة وطائرات خاصة وحتى جناحاً لمشاهدة مباريات كرة القدم داخل ملعب ستامفورد بريدج التابع لنادي تشيلسي.
وقال دانكين هاميز مدير السياسات في منظمة الشفافية الدولية في بريطانيا: «لقد عرفنا منذ فترة طويلة أن الخدمات الدولية في المملكة المتحدة جذبت مجموعة واسعة من الزبائن، بما في ذلك أولئك الذين لديهم مال وماضٍ يجب إخفاؤهما».
وأضاف: «الآن وللمرة الأولى سلّطنا الضوء على هويّة هذه الشركات وكيف أصبحت متورطة في بعض أكبر فضائح الفساد في عصرنا». وتابع: «يجب أن يكون هذا بمثابة دعوة للاستيقاظ بالنسبة إلى الحكومة والمشرّعين، ولتقديم إصلاحات نحن بأمسّ الحاجة إليها لتحصين المملكة المتحدة في وجه الأموال القذرة».


مقالات ذات صلة

«المركزي السعودي»: المملكة توحّد الجهود الإقليمية لمكافحة غسل الأموال

الاقتصاد محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري (منصة «إكس»)

«المركزي السعودي»: المملكة توحّد الجهود الإقليمية لمكافحة غسل الأموال

أكد محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري حرص المملكة على توحيد الجهود الإقليمية المشتركة في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد من اجتماع «مينافاتف» (الموقع الرسمي)

محافظ «المركزي السعودي» ورئيس «مينافاتف» يستعرضان جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

استعرض محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري ورئيس «مينافاتف» هاني محمد وهاب، أبرز الجهود في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الدخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

لبنان على وشك إدراجه على «القائمة الرمادية» بسبب اتهامات غسل الأموال

يُتوقع أن يُضاف لبنان إلى «القائمة الرمادية» التابعة لإحدى الهيئات الرقابية بسبب اتهامات حول تقصيره في مكافحة التمويل غير المشروع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية صورة من فيديو على موقع البرلمان الإيراني من رئيسه محمد باقر قاليباف لدى استقباله الرئيس مسعود بزشكيان

توتر بين بزشكيان والبرلمان بسبب «الاتفاق النووي» و«فاتف»

واجه الرئيس الإيراني انتقادات حادة من المشرّعين بعدما تعهد بإعادة فتح ملف الانضمام إلى مجموعة العمل المالي «فاتف»، وإحياء الاتفاق النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية ميناء أسدود (موقع الميناء)

القبض على عصابة تهريب في ميناء أسدود تحرج نتنياهو

القبض على عصابة إسرائيلية فلسطينية تهرّب أسلحة ميناء أسدود، القريب من قطاع غزة، تحرج نتنياهو الذي يدعي أن التهريب يتم عبر محور فيلادلفيا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.