غوتيريش يضع السلطات والمحتجين في لبنان بكفة واحدة

رأى «عجزاً متفاقماً» في الثقة بين الناس والنخب السياسية عبر العالم

TT

غوتيريش يضع السلطات والمحتجين في لبنان بكفة واحدة

رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «هناك عجزاً متفاقماً في الثقة بين الناس والنخب السياسية» عبر العالم، مطالباً الحكومات بـ«دعم» حرية التعبير والتجمع السلمي وبـ«حماية الفضاء المدني». وإذ وضع السلطات والمحتجين في لبنان في كفة واحدة، دعا كلاً من الطرفين إلى التزام «أقصى درجات ضبط النفس» وعدم اللجوء إلى العنف. بينما ندد بسقوط عدد كبير من الضحايا في العراق.
وفي مؤتمر صحافي عقده في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية في نيويورك، قال غوتيريش: «نحن نشهد موجة من المظاهرات في كل أرجاء العالم، من الشرق الأوسط إلى أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي... ومن أوروبا إلى أفريقيا إلى آسيا»، عادّاً أن «القلق في حياة الناس يؤدي إلى أي أمر ما عدا الهدوء في الشوارع وساحات المدن». وإذ شاء وصف كل حالة بأنها «فريدة من نوعها»، أضاف أن «سبب بعض الاحتجاجات القضايا الاقتصادية - بما في ذلك ارتفاع الأسعار وعدم المساواة المتمادي أو النظم المالية التي تستفيد منها النخب». أما البعض الآخر «فينبع من مطالب سياسية»، ملاحظاً أنه «في بعض الحالات، يحتج الناس على الفساد وأشكال التمييز المختلفة». ولكنه استدرك أن «هناك قواسم مشتركة تمتد عبر القارات - وهذا ينبغي أن يرغمنا جميعاً على التفكير مليّاً والرد». ورأى أن «ثمة ضرورة للتفكير في العوامل الكامنة»، عادّاً أن «هناك عجزاً متفاقماً في الثقة بين الناس والنخب السياسية، وتهديدات متزايدة للعقد الاجتماعي». وعبر أيضاً عن اعتقاده بأن «العالم يتصارع كذلك مع آثار العولمة والتكنولوجيات الجديدة، التي زادت عدم المساواة داخل المجتمعات»، موضحاً أنه «حتى عندما لا يحتج الناس، يتعرضون للأذى ويريدون إسماع صوتهم. يريد الناس ملعباً متكافئاً - بما في ذلك أنظمة اجتماعية واقتصادية ومالية يستفيد منها الجميع». وأكد أنهم «يريدون احترام حقوقهم الإنسانية، وأن يكون لهم رأي في القرارات التي تؤثر في حياتهم». وعبر عن «قلق بالغ حيال بعض الاحتجاجات التي أدت إلى عنف وفقدان في الأرواح»، مشدداً على أن «الحكومات ملزمة بدعم حرية التعبير والتجمع السلمي، وحماية الفضاء المدني». وطالب الأمين العام للمنظمة الدولية، القوى الأمنية، بأن تلتزم «أقصى درجات ضبط النفس، بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان». وحض المحتجين على «اتباع أمثلة (المهاتما) غاندي ومارتن لوثر كينغ وغيرهما من أبطال التغيير اللاعنفي»، مشدداً على أنه «لا يمكن أن يكون ثمة عذر للعنف - من أي جهة». وطالب الزعماء أيضاً بـ«الإنصات إلى المشاكل الحقيقية للناس الحقيقيين»، لأن «عالمنا يحتاج إلى عمل وطموح لبناء عولمة عادلة، وتعزيز التماسك الاجتماعي، ومعالجة أزمة المناخ»، عادّاً أن «هذه هي بالتحديد غايات أجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة». ونصح بأنه «مع التضامن والسياسات الذكية، يمكن للزعماء أن يظهروا أنهم (يتفهمون) - وأن يسلكوا سبيلاً إلى عالم أكثر عدلاً».
ورداً على سؤال حول الوضع في لبنان والرسالة التي يوجهها إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، أجاب أن «بعثتنا ناشطة للغاية هناك في الحوار مع كل الأطراف»، مضيفاً أن «رسالتي هي أن البلاد يجب أن تحل مشاكلها من خلال الحوار». وحض على «ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس وعدم استخدام العنف من جانب الحكومة ومن جانب المحتجين».
وسئل عن سقوط مزيد من الضحايا في العنف الذي تستخدمه السلطات والميليشيات التابعة لإيران في العراق، فأشار إلى التقرير الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة أخيراً حول النتائج الأولية لأعمال العنف، مضيفاً: «نحن نناشد بصورة منهجية عدم استخدام العنف وضبط النفس فيما يتعلق بالسلطات واللاعبين الآخرين المعنيين». وقال: «نأسف بعمق لمقتل عدد كبير من الناس في هذه الظروف»، موضحاً أنه «وفقاً للنتائج الأولية؛ كانت هناك حقاً انتهاكات جوهرية لحقوق الإنسان وهذا ما يجب بوضوح التنديد به».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».