عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> عصام عابد الثقفي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إندونيسيا، التقى أول من أمس، بمقر السفارة، المشرفين من الجانب الإندونيسي على مشروع المتحف الدولي الأول للسنة النبوية، الذي سيُنفذ خلال الأشهر القادمة في جاكرتا، وذلك بعد توقيع مذكرة تفاهم على إنشائه، بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي. وجرى خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات التي تتعلق بالمشروع. يذكر أن المشروع يشغل مساحة تتجاوز مائة ألف متر مربع، ووُضعَت مخططاته الهندسية، وحُددّ موقع إنشائه في ضاحية بيوبو بجاكرتا.
> الدكتور محمد أبو رمان، وزير الثقافة ووزير الشباب الأردني، افتتح أول من أمس، مندوباً عن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، فعاليات ملتقى عمان الثقافي السادس عشر، الذي تنظمه الوزارة بعنوان «الاستثمار في الفن والثقافة أردنيا». وقال الوزير إن «على الدولة واجباً كبيراً في دعم الفنانين والمثقفين؛ لكن اقتصاد المعرفة والفن والثقافة يقوم على إقناع الاستثمار والقطاع الخاص بأهمية دوره».
> رودريك دراموند، سفير المملكة المتحدة في المنامة، استقبله أول من أمس، جميل بن محمد علي حميدان، وزير العمل والتنمية الاجتماعية بالبحرين، رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، في مكتبه بالوزارة. وأكد السفير البريطاني حرص بلاده على المضي قُدماً نحو تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة مع مملكة البحرين، منوهاً بالتطور الذي تشهده البحرين في مختلف الميادين وعلى الأخص في مجال تنظيم سوق العمل، وحماية حقوق العمال، ومكافحة الاتجار بالأشخاص، وترسيخ مبادئ التسامح والتعايش.
> غلين مايلز، سفير أستراليا في القاهرة، زار أول من أمس، مقر جامعة الإسكندرية، حيث كان في استقباله، الدكتور عصام الكردي، رئيس الجامعة، وناقش الجانبان سبل توطيد التعاون عن طريق تبادل الطلاب عن طريق المنح والبعثات، وعقد اتفاقيات للتعاون بين جامعة الإسكندرية والجامعات الأسترالية. وأشاد السفير بالعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، مؤكداً اهتمام أستراليا بالتعاون في المجالات العلمية والأكاديمية، مشيراً إلى استعداد بلاده لتقديم منح دراسية للطلاب من جامعة الإسكندرية.
> أحمد عبد الله الهاجري، سلم أوراق اعتماده سفيراً فوق العادة مفوضاً للبحرين لدى فيتنام والمقيم في بانكوك، إلى نغوين فو ترونغ رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، أول من أمس. ونقل السفير تحيات الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، والأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، إلى رئيس فيتنام وتمنياتهم له بدوام الصحة والعافية، ولفيتنام وشعبها الصديق بدوام التقدم والازدهار.
> محمد زين العابدين، وزير الشؤون الثقافية بتونس، أشرف أول من أمس، على توقيع اتفاقية شراكة بين الوزارة وجمعية اتحاد الكتاب التونسيين، بحضور صلاح الدين الحمادي، رئيس الاتحاد، وتهدف الاتفاقية إلى ضبط الإطار العام للتعاون والشراكة بين الوزارة من جهة وجمعية اتحاد الكُتّاب التونسيين من جهة أخرى، بقصد وضع الصيغ الكفيلة بالإحاطة بالكتاب التونسيين وتشجيعهم على الإبداع، ومساعدتهم على ترويج أعمالهم والمساهمة في نشر الكتاب التونسي، وتحقيق إشعاعه على الصعيدين الوطني والدولي، وتنظيم تظاهرات وملتقيات ثقافية للغرض.
> سعد الخراز، وزير الشؤون الاجتماعية الكويتي، افتتح أول من أمس، المؤتمر الأول لاتحاد المبرات والجمعيات الخيرية تحت شعار (نحو عمل خيري مشترك). وأكد حرص الوزارة على دعم وتشجيع العمل الخيري وتنمية إيراداته وتنظيمه من خلال تعزيز رقابتها الصارمة على الجهات الخيرية بالتعاون مع الكثير من جهات الدولة، وثمن بادرة اتحاد المبرات والجمعيات الخيرية في إقامة المؤتمر باعتباره مساهمة طيبة من القائمين على الاتحاد في توحيد الجهود وتوسعة رقعة تنفيذ المشاريع الخيرية والإغاثية داخل الكويت وخارجها.
> السفير نزيه النجاري، سفير مصر في بيروت، استقبل أول من أمس، نظيره الفلسطيني السفير أشرف دبور، وذلك في زيارة توديع بمناسبة قرب انتهاء مهمة السفير المصري. وأهدى السفير الفلسطيني للسفير النجاري بهذه المناسبة «مفتاح دارنا» الفلسطيني، بما له من رمزية لتاريخ نضال الشعب الفلسطيني. وأعرب السفير النجاري عن اعتزازه بالعلاقة المتميزة مع السفير دبور والسفارة الفلسطينية في بيروت، والتي تأتي في إطار التزام مصر التاريخي بدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)