احتجاجات لبنان تستهدف المصرف

البنوك تواصل الإقفال ورفض لعودة الدراسة... ومخاوف من «أزمة خبز»

عناصر من الجيش يمنعون المحتجين من قطع طريق في عين الرمانة أمس (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش يمنعون المحتجين من قطع طريق في عين الرمانة أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات لبنان تستهدف المصرف

عناصر من الجيش يمنعون المحتجين من قطع طريق في عين الرمانة أمس (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش يمنعون المحتجين من قطع طريق في عين الرمانة أمس (إ.ب.أ)

تواصلت الاحتجاجات في مختلف المناطق اللبنانية بعد الرفض الشعبي لورقة الإصلاحات التي قدمتها الحكومة، أول من أمس، فيما أعلنت المصارف استمرار الإقفال اليوم، وأصدر وزير التربية أكرم شهيب ورئيس الجامعة اللبنانية قراراً بعودة الدراسة، قوبل برفض واسع وتمرد من قبل أساتذة الجامعة الذين دعوا الطلاب إلى عدم الانصياع للقرار، ليعود بعدها شهيب عن بيانه تاركاً القرار لإدارات المدارس بتقدير الظروف المحيطة بمؤسساتهم.
وتركّزت تجمعات أمس على فروع مصرف لبنان في العاصمة ومدينتي صور وصيدا في الجنوب وطرابلس في الشمال، ورفعت شعار «يسقط حكم المصرف»، فيما صدرت مناشدات من تجمع المطاحن والنقابات الزراعية لفتح الطرقات تسهيلاً لنقل المواد الغذائية، محذرة من أزمة خبز.
وعمد المحتجون منذ الصباح إلى إقفال معظم الطرقات الرئيسية، وسُجّلت احتكاكات مع الجيش الذي عمد إلى فتح الطرقات، على غرار ما حدث في عين الرمانة في بيروت، فيما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن «كل الطرق في المناطق المحيطة والمؤدية إلى القصر الجمهوري سالكة ما عدا جسر كفرشيما».
وبعدما كانت المدارس والجامعات أقفلت أبوابها منذ الجمعة الماضي، دعا وزير التربية والتعليم العالي كل المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية والخاصة والجامعات إلى «استئناف التدريس صباح الأربعاء والعمل بكل الوسائل للتعويض عن أيام التعطيل التي فرضتها الظروف الراهنة». وأعلن رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب استئناف الدروس والأعمال الإدارية في كليات ومعاهد وفروع الجامعة كافة، بدءا من اليوم الأربعاء.
في المقابل، دعا رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية يوسف ضاهر الأساتذة والطلاب إلى الاستمرار في المظاهرات وعدم الانصياع لمطلب رئيس الجامعة. كما أعلنت رابطة طلاب الجامعة اللبنانية أن «شعارنا يجب أن يكون: كلّن يعني كلّن، ورئيس الجامعة اللبنانية واحد منهم».
في موازاة ذلك، ناشد تجمع المطاحن «جميع المسؤولين المعنيين وعلى رأسهم وزراء الاقتصاد والتجارة والداخلية والبلديات والدفاع العمل على تأمين نقل الطحين إلى الأفران في المناطق كافة وسحب القمح من أهراء الحبوب في مرفأ بيروت في ظل الظروف الخطيرة التي تمر بها البلاد».
وأشار التجمع إلى أن «عدداً من المطاحن استهلك كل مخزون القمح لديه، مما يستوجب سحب حاجاته من الأهراء في مرفأ بيروت، علما بأن هناك 3 مطاحن توقفت عن العمل بسبب عدم تمكنها من نقل إنتاجها من القمح إلى المناطق اللبنانية كافة، وبالتالي لم تعد لديها الكميات اللازمة من القمح». واعتبر أن «استمرار الحال كما هو ينذر ببوادر أزمة رغيف قد تصيب كل المواطنين على السواء وهذا ما لا يريده أي عاقل». وأكد أن «المطاحن تعمل وتنتج الطحين على رغم الظروف الصعبة، لكنها لا تتمكن من توزيعه على كامل الزبائن مما يستدعي تدخلاً».
وناشد بيان باسم النقابات الزراعية «جميع المتظاهرين فتح الطرق أمام شاحنات الخضر، لأن المزارعين يتجهون بعد خمسة أيام من الإضرابات وإقفال الطرق إلى إتلاف محاصيلهم». وأضاف: «كأنه لا يكفي المزارع إقفال الأسواق أمامه واجتياح البضائع المهربة السورية في الأسواق اللبنانية، حتى صار المزارعون في الطريق إلى الانهيار التام مع إقفال الطرق، مع أنهم إلى جانب المطالب المحقة».
وأعلنت نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة في بيان أن «الوضع القائم والإقفال المتواصل للأسواق والمؤسسات والمصارف بات يهدد عمل وكالات السفر والسياحة التي يعمل في صفوفها ما يزيد على خمسة آلاف مواطن، ويصل حجم أعمالها إلى نحو مليار ونصف مليار دولار سنوياً».
وأشارت إلى أن «الوكالات تبيع تذاكر السفر الجوي بالعملة اللبنانية ولم يعد بإمكانها الحصول على الدولار لتسديد أثمانها إلى صندوق منظمة IATA وعبره إلى شركات الطيران». ورأت أن «الأمور المتفاقمة قد تعرض قطاع النقل الجوي للتوقف عن تقديم خدماته وهو بات بحاجة ملحة إلى موقف متقدم من شركات الطيران العاملة في لبنان؛ ليتمكن القطاع من تجاوز تأثيرات تلك المرحلة ومعاودة نشاطه المعتاد فيما بعد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.