الوجوه المختلفة لماري أنطوانيت في معرض باريسي

لوحة تصور مشهد اقتياد ماري أنطوانيت للمقصلة (متحف الثورة الفرنسي)
لوحة تصور مشهد اقتياد ماري أنطوانيت للمقصلة (متحف الثورة الفرنسي)
TT

الوجوه المختلفة لماري أنطوانيت في معرض باريسي

لوحة تصور مشهد اقتياد ماري أنطوانيت للمقصلة (متحف الثورة الفرنسي)
لوحة تصور مشهد اقتياد ماري أنطوانيت للمقصلة (متحف الثورة الفرنسي)

مبنى «لا كونسييرجري» في باريس لا يزال يحمل ذكرى ماري أنطوانيت التي قضت فيه آخر أيامها قبل إعدامها بالمقصلة في عام 1793، وفي ذكرى يوم وفاتها 16 أكتوبر (تشرين الأول)، عادت الملكة للمكان نفسه مرة أخرى من خلال معرض ضخم عنها تحت عنوان «ماري أنطوانيت... تحولات الصورة»، الذي يتناول الصور العديدة التي حملها التاريخ للملكة الفرنسية، من الشابة التي تزوجت الملك لويس الخامس عشر للملكة المكروهة التي وُجهت لها تهم الفساد والخيانة، ثم الشهيدة، إلى الأيقونة التي ألهمت الروايات والأفلام والأزياء أيضاً.
أكثر من 200 قطعة جمعها المفوض أنطوان دو بيك، الذي قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «ولدت الفكرة قبل ثلاث سنوات في المقهى المقابل: كنا نريد التوقف عند (حمى ماري أنطوانيت) هذه. المقصود ليس تنقية الصورة، بل تجديدها، لإظهارها كأميرة معاصرة تتحرر من ضغوط المؤيدين أو المعارضين».
«لا كونسيرجري» مبنى حجري صارم، وربما يكون قد اكتسب تلك الجهامة من فكرة أن ماري أنطوانيت غادرته للمقصلة، ولا يزال يجذب الزوار المفتونين بمصير تلك الملكة لرؤية الزنزانة التي قضت فيها 6 أسابيع.
المعرض يقدم وجهات نظر مختلفة ومعروضات تتسم بالطرافة والجمال، وأيضاً بالإبداع، فماري أنطوانيت التي اختزلتها الذاكرة الشعبية في جملة «دعهم يأكلون الكعك»، كانت أكثر من ذلك، وربما يحاول المعرض أيضاً رد الاعتبار لها، ورسم صورة مختلفة لها.
في البداية، وعبر ممر حجري طويل، نجد أنفسنا أمام الملكة المخلوعة القابعة في زنزانتها في أعلى المبنى، نجد وثائق إدانتها ومفتاح محبسها الحديدي، هنا أيضاً رسومات مختلفة لها منها ما تخيلها في المحكمة الثورية المقابلة لمبنى «لا كونسيرجري» وفي الزنزانة. على جدار مجاور، انعكست كتابات مضيئة تضم التهم التي وجهت لها، وهي: إنهاك خزينة الدولة، والتخابر مع العدو. في العرض أيضاً صورة وثيقة الحكم بإعدام أنطوانيت. وفي «الكونسيرجري» تكونت صور في المخيلة عن الملكة الأبية الشامخة في زنزانتها، رغم أن قليلين رأوها في السجن، إلا أن صورة الملكة الشهيدة تكونت هنا، وفي تلك الفترة، وبعد وفاتها، وهو ما ظهر بعد ذلك من خلال لوحات ورسومات ونقوشات. في العرض عدد من اللوحات التي رسمها الفنان البولندي ألكسندر كوشارسكي، الذي رسم الملكة في محبسها، مؤكداً على صفات النبل والترفع والصبر، وأصبحت هذه الرسومات متداولة بين محبيها وأفراد العائلة المالكة.
وفي العرض، قميص نوم الملكة والحذاء الذي يشاع أنها فقدته على منصة الإعدام، ورسالتها الأخيرة في داخل زنزانتها السابقة.
يبدأ المعرض بعد هذه المرحلة في استكشاف الصورة التي حفظتها الأجيال المختلفة للملكة، فالمعرض لا يعني بحياتها قدر ما يعني بتغير صورتها. ويظهر في المعروضات الاختلاف في النظرة إلى الملكة من خلال التجسيدات والرسوم الكاريكاتورية المختلفة التي تظهر في بعضها كوحش مجنّح، فيما تبدو في أخرى شهيدة. وقد حققت بعض الرسوم شهرة كبيرة، بينها «بورتريه ماري أنطوانيت مع الوردة» الذي رسمته إليزابيت فيجيه لو بران سنة 1783، وأعاد تقديمه الفنان الكولومبي بوتيرو سنة 2005 بأسلوب ساخر.
الملكة راعية الفنون
يعرج العرض على تأثير الملكة الفرنسية على مجالات فنية مختلفة، منها المسرح، وهو عشقها الأكبر، ثم على المفروشات وأدوات الزينة والمعمار، وتنسيق الحدائق، هنا نجد عدداً من المعروضات من أطقم الخزف الصيني التي استخدمتها. هنا أيضاً مجلد لأزياء الملكة كان عند وصفيتها الأولى ورسومات لبعض أزيائها وتصميمات لحدائق قصر تريانون، وهو قصرها الخاص، ومنه يقدم العرض ساتراً من القماش كان يوضع أمام المدفأة في غرفة الملكة.
الملكة المغدورة
صورة ماري أنطوانيت الشهيدة شاعت في الفترة ما بعد التنقيب عن رفاتها، ومنحها جنازة رسمية في عام 1815، لتدفن إلى جوار الملك لويس السادس عشر. وأصبح «لا كونسيرجري» مقصداً للزوار الذين يريدون التأمل في حياة الملكة، وزيارة محبسها، والكنيسة الصغيرة التي كانت تصلي فيها.
ويمزج العرض ما بين الصور المأساوية للملكة، وما بين تفسيرات فنية معاصرة تتعامل مع الموضوع ذاته.
من السجن إلى السينما
في البحث عن الصور العديدة لماري أنطوانيت، يقدم العرض نماذج من الروايات والكتب التي أُعدت عنها، وبالتالي للأفلام السينمائية العديدة التي تناولت حياتها.
ويمكن القول إن الشاشة الكبيرة حولت ماري أنطوانيت إلى أيقونة عالمية. فمن السينما الأميركية إلى الرسوم اليابانية «مانغا» يقدم العرض لقطات من 100 فيلم أنجز عن حياة الملكة. ويعود أقدم الأفلام عن أنطوانيت إلى عام 1903، كما صورتها رسوم المانغا اليابانية من خلال قصة «وردة فرساي» في عام 1972، وتم اقتباسها فيما بعد لعمل فيلم رسوم متحركة يحمل اسم «ليدي أوسكار».
ويمنح المعرض مكاناً خاصاً لفيلم المخرجة صوفيا كوبولا، الذي أدت فيه الممثلة الأميركية كرستين دانت، دور ماري أنطوانيت، في عام 2006، وقدمت فيه صورة الملكة المتمردة التي خرقت الكثير من القواعد الملكية، خصوصاً في الملبس والمأكل. وحسب ما تذكر المتخصصة في الرموز التاريخية آني دوبرا، لوكالة الصحافة الفرنسية، فالفيلم «سمح للشباب بالتماهي مع ماري أنطوانيت. وهو عُرض في الصالات بعد سنوات قليلة من وفاة الأميرة ديانا، وهي أميرة جميلة أخرى مولعة بالفن والموضة قضت بطريقة مأسوية».
في عالم الأزياء
ماري أنطوانيت رمز الأناقة والترف حاضرة هنا أيضاً من خلال رسومات لفساتينها وقبعاتها المجنونة، ونرى أيضاً تأثيرها على الأزياء الحديثة من خلال عروض مصورة لتصميمات من مصممين عالميين ألهمتهم ماري أنطوانيت مثل جون غاليانو، الذي نرى فستاناً من تصميمه، وأيضاً بعض الصور من تصميمات كارل لاغرفيلد لدار «شانيل». كما يُعرض الفستان الأزرق من فيلم صوفيا كوبولا قبالة فستان آخر من توقيع كريستيان ديور.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.