نواب «مؤتمر صنعاء» يؤيدون «التجميد» وسط تحذيرات حوثية مبطنة

TT

نواب «مؤتمر صنعاء» يؤيدون «التجميد» وسط تحذيرات حوثية مبطنة

استمر قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعون للميليشيات الحوثية، في صنعاء، في تصعيدهم، أمس، ضد الجماعة، على خلفية قيام الأخيرة بإطلاق سراح 5 متهمين بتفجير مسجد دار الرئاسة في 2011، في صفقة تبادل مع أطراف تابعة للحكومة الشرعية.
وفي حين أكد نواب الحزب الخاضعون للجماعة في صنعاء مقاطعتهم للجلسات التي تعقد بشكل غير قانوني، إلى جانب تأييدهم قرار تجميد شراكتهم في المؤسسات الحوثية، وجه قادة في الجماعة تحذيرات مبطنة لقيادات الحزب، باعتبار أن قرار التجميد يعني استهدافاً للمؤسسات، وتهديداً لوحدة الصف مع «المؤتمر».
جاء ذلك في وقت حاول فيه قادة حوثيون آخرون التبرير لعملية إطلاق المتهمين الخمسة باعتبارها خطأ غير مقصود، وبأن المسؤولين عنها سيتم التحقيق معهم، في مسعى كما يبدو لامتصاص غضب قيادات الحزب، وإعادتهم مجدداً إلى الشراكة الصورية مع الجماعة الانقلابية.
في غضون ذلك، سخر ناشطون وقيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» من محاولة التبرير الحوثية، حيث أكدوا في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، أن قراراً بهذا الحجم لا يمكن أن يصدر إلا عن رأس الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي.
كانت الجماعة الحوثية أطلقت المتهمين الخمسة بتفجير دار الرئاسة في 2011 منتصف ليل الخميس الماضي، إلى جانب خمسة معتقلين آخرين مقابل إطلاق 14 أسيراً من سلالة زعيم الجماعة كانوا محتجزين لدى قوات تابعة للحكومة الشرعية في محافظة الجوف.
وعلى الرغم من مرور نحو 9 سنوات على بقاء المعتقلين الخمسة في السجن، دون استكمال محاكمتهم، أو تبرئة ساحاتهم، إلا أن قيادات في «المؤتمر» عدوا ذلك تواطأ بين الحوثيين وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، لإبرام صفقة التبادل، على حساب ضحايا التفجير الذي قتل فيه 14 شخصاً على الأقل، وأصيب نحو 200 آخرين، بينهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكبار رجال دولته، قبل أن يترك الحكم لاحقاً.
وأوضح القيادي البارز في الحزب ووزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي، في تغريدة تابعتها «الشرق الأوسط» على «تويتر»، أن قرار قيادات الحزب في صنعاء تجميد الشراكة في المؤسسات الحوثية «لم يكن رد فعل، وإنما موقف ينطلق من ثبات الموقف على تحقيق العدالة، والحرص على وضوح الموقف، ورفض إعطاء الجريمة مبرراً إنسانياً»، على حد تعبيره.
وقال القربي: «موقف المؤتمر كان دائماً تقديمهم للعدالة (في إشارة للمتهمين المفرج عنهم) من قبل سلطات ما بعد تخلي (المؤتمر) عن السلطة، التي تجاهلت مطالبة الحزب بمحاكمتهم».
كان قيادات الحزب في صنعاء قرروا الأحد تجميد شراكتهم الصورية مع الحوثيين في مختلف المؤسسات الانقلابية، احتجاجاً على قرار الجماعة مبادلة المتهمين بأسرى من عناصرها.
وأمس أفادت مصادر الحزب الرسمية بأن الكتلة البرلمانية للمؤتمر عقدت اجتماعاً، وأيدت قرار مقاطعة أعمال السلطات الحوثية، بحضور القيادي ورئيس البرلمان السابق يحيى الراعي وعدد من قيادات الحزب.
وذكرت المصادر أن أعضاء الكتلة البرلمانية الموالين للحزب في صنعاء اتفقوا بعد نقاش مستفيض على قرار المقاطعة والتجميد، واعتبروا «أن إطلاق متهمين في قضية إرهابية جنائية منظورة أمام القضاء يعد مخالفة جسيمة لنصوص الدستور والقوانين النافذة، وتعدياً على عمل سلطات الدولة واستقلاليتها، وأولها استقلالية السلطة القضائية»، على حد تعبيرهم.
وفي رسالة تهديد مبطنة لقيادات الحزب العاملين مع المؤسسات الحوثية الانقلابية (المجلس السياسي الأعلى، حكومة الانقلاب، البرلمان، الشورى)، حذر القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي، من تنفيذ قرار المقاطعة والتجميد.
وذكر القيادي الحوثي، القيادات الحزبية لـ«المؤتمر» العاملين مع الجماعة، بأنهم أقسموا اليمين على العمل، وعليهم احترام ذلك، بعيداً عن قرار حزبهم، بالتجميد، واصفاً القرار بأنه «موقف ارتجالي»، كما جاء في تغريدة له على «تويتر».
وضمن مساعي التهدئة مع قيادات «المؤتمر»، زعم القيادي في الجماعة المعين نائباً لوزير خارجيتها حسين العزي، أن «عملية إطلاق السجناء لم تكن نتيجة لقرار أي مكون سياسي بقدر ما كانت نتيجة لمخالفة ارتكبتها جهة رسمية تتبع حكومة يشارك فيها الجميع، وهي لا شك محل استيائنا جميعاً»، في إشارة إلى حكومة الانقلاب.
كما زعم أن رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، وجه باتخاذ التدابير اللازمة بشأنها، معتبراً أن محاولة تحويل القضية إلى خلاف بين قيادات «المؤتمر» وجماعته يعد «عملاً بائساً وفاشلاً»، حسب ما جاء في تغريدة له على «تويتر».
من جهته، زعم القيادي البارز في الجماعة عبد الملك العجري عضو وفد الجماعة في المشاورات، أن قيادات جماعته يحاولون في صنعاء متابعة الموضوع مع قيادات «المؤتمر»، لاتخاذ الإجراءات المناسبة لاحتواء الموقف، حسب قوله.
كانت الجماعة الحوثية أوعزت إلى مجلس القضاء الخاضع لها، ليعقد اجتماعاً، الأحد، عقب قرار التجميد من حزب «المؤتمر»، وأوردت مصادرها الرسمية أن الاجتماع «وقف حول واقعة إخراج سجناء في قضية التفجير الواقع في جامع النهدين بدار الرئاسة؛ حيث إن القضية لا تزال منظورة أمام القضاء، ويجب الاستمرار في نظرها، والفصل فيها بصورة مستعجلة، وبجلسات متتالية، وفقاً للقانون». وزعمت المصادر الحوثية أن مجلس قضائها أمر «بسرعة التحقيق مع المتسبب في إخراج المتهمين المذكورين، والرفع بنتائج التحقيق لاتخاذ الإجراءات الرادعة والكفيلة بعدم تكرار ذلك، ومحاسبة من تبين تقصيره وفقاً لما نص عليه قانون السلطة القضائية بشأن المحاسبة والتأديب».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.