أعادت «مواسم السعودية» الذي أقرته هيئة الترفيه ضمن استراتيجيتها بفعاليات مختلفة ومتنوعة ومدروسة، وحققت حضوراً فاق التوقعات، المسرح الاجتماعي أو الجماهيري في السعودية إلى الواجهة مجدداً بعد غياب هذا النوع من المسرح تجاوز العقود الثلاثة.
وفي تأكيد على أنّ عرض مسرحيات معتبرة ضمن مواسم السعودية الذي انطلق الأسبوع الماضي يعدّ عملاً مدروساً وصولاً إلى خلق أرضية صلبة، ومنطلقات قوية لجعل المسرح صناعة ورافداً من روافد العمل الثقافي في البلاد، تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030. بجعل الفنون ومنها المسرح الاجتماعي جزءاً من الحياة الثقافية اليومية في السعودية.
وتمثلت هذه العودة القوية والمعتبرة في المسرح الجماهيري من خلال مسرحيات عدة، منها مسرحية «الذيب في القليب» التي ستنطلق يوم غد الأربعاء وستُعرض في العاصمة الرياض وعدد من المدن والمحافظات التابعة لها من خلال 30 منصة مدة إقامة فعاليات مواسم الرياض.
وأكّد عبد الإله السناني عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود والفنان والممثل والمسرحي والمؤلف أنّ مواسم السعودية التي أقرتها هيئة الترفيه مثل موسم الرياض، وموسم جدة هي أحد روافد العمل الثقافي في بلاده، بل هي بداية لعودة المسرح الاجتماعي (الجماهيري)، إلى الواجهة بشكل قوي وفاعل، وتأسيس أرضية صلبة لقيام صناعة المسرح بوجود الفرق المسرحية، وشركات الإنتاج، والاستثمار في هذا المنتج الثقافي الهام، لافتاً إلى أنّ موسم الرياض من خلال وجود عشر مسرحيات ضمن فعاليات الموسم المتعددة والمتنوعة يمثل مؤشراً لعودة صناعة المسرح الحقيقي بمواصفاته ومشاربه ومدارسه، خصوصاً المسرح الاجتماعي بعد غياب تجاوز الثلاثين عاماً، مثمناً الأعمال المسرحية التي قدمتها مؤسسات حكومية وأهلية وأندية رياضية خلال السنوات الماضية التي عرفت بمسارح المواسم.
وقال السناني لـ«الشرق الأوسط» مع قرب انطلاق المسرحية، وهو أحد أبطالها إنّ من أهم المنصات التي أصبحت مميزة وحاضرة بشكل لافت، هي مواسم الاحتفالات مثل: موسم الرياض، وموسم جدة، حيث كان حضور المسرح فيها عالياً جداً، كما أنّ الإقبال الجماهيري كان مذهلاً، مشيراً إلى أنّ ما تقوم به هيئة الترفيه ممثلة برئيسها تركي آل الشيخ وفريقه، أثبت وجود المسح من خلال المسرحيات العشر في الرياض، مشدداً على أنّ المسرح يمثل أحد العناصر الحاضرة والمهمة ضمن عناصر الترفيه.
وزاد بالقول إنّ الإقبال على حضور المسرح بشكل كبير ومذهل يعبر عن أن المسرح يعد أحد الروافد المهمة في أجندة واستراتيجية الترفيه، بل سيصبح جزءاً من الفنون التي ترعاها الهيئة، لافتاً في هذا الصدد إلى أنّ ذلك لا يعني أنّ المسرح انسلخ من وزارة الثقافة التي تعتني به، بل ستظل هي الجهة التي ترعاه بجميع مشاربه ومدارسه.
وتابع السناني الذي قدم أعمالاً فنية ومسرحية لافتة بالقول: «ليس هناك فقط المسرح الاجتماعي، فهناك المسرح الوطني ومسرح الأطفال، ومسرح المدارس المختلفة: مدارس الدراما، والمسرح الكلاسيكي، أو المسرح التجريبي، وغيرها من المدارس المسرحية، وهذا يدعو للقول: إنّ هيئة الترفيه أخذت عنصراً من هذه العناصر وهو عنصر (المسرح الاجتماعي)، وكان بالفعل غائباً وغير موجود في المشهد من خلال الثلاثة عقود الماضية ليعود اليوم وكانت عودته حميدة ومباركة وعن طريق هيئة الترفيه»، وقال في هذا الصدد: «نقف اليوم ونرفع القبعة لهيئة الترفيه التي أعادت لنا المسرح الاجتماعي، في جماليته وحلاوته وذلك من خلال عودة المسرح ليصبح موجوداً في كل مناطق المملكة وعلى مدار السنة»، معتبراً ذلك نقلة وقفزة نوعية لم تحصل في المسرح السعودي من قبل، مؤملاً أنّ تكلل هذه الجهود بالنجاح وتحقق الأهداف من هذه العودة.
وعاد السناني إلى التأكيد على أنّ نجوم الدراما والتلفزيون في المملكة إلى المسرح يعد خطوة مهمة أنتجتها مجموعة الـ(إم بي سي)، مقدماً في هذا الصدد شكره للشيخ الوليد بن إبراهيم على اهتمامه بتبنّي المجموعة التي يرأس مجلس إدارتها إنتاج هذه المسرحية، معتبراً أنّها مبادرة ستحثّ نجوم الدراما على العودة إلى المسرح الاجتماعي كما تحثّ القطاع الخاص للعمل في هذا الاتجاه، مشيراً إلى أنّ هذه المبادرة ستفتح الباب لقيام ووجود وانتشار الفرق المسرحية، وشركات الإنتاج، والاستثمار في صناعة المسرح الذي يعد رافداً مهماً من روافد العمل الثقافي.
واستذكر السناني الجهود التي بذلتها جمعية الفنون وفروعها، وأمانات المدن والبلديات، والأندية الرياضية وحضورها في الجانب المسرحي والسينمائي بما يعرف بمسارح المواسم، معتبراً أنّ هذه الجهات قدّمت عشرات الأعمال والمسرحيات وهو نشاط تشكر عليه، انطلاقاً من أنّ النشاط الثقافي هو عمل متكامل بين جميع الجهات والمؤسسات، بحيث لا يمكن القول إنّ هناك جهات ليس لها علاقة بالنشاط الثقافي.
وأعرب السناني عن تفاؤله بعودة قوية للمسرح الاجتماعي ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية مثله في ذلك من يذهب للمقهى يومياً، ليكتشف جزءاً من الثقافة والوعي ومشاهدة المسرحية في منصاتها.
كوميديا الموقف وأسئلة بلا إجابات
> تعتمد مسرحية «الذيب في القليب» التي أخذت عنوانها من مثل شعبي دارج، على كوميديا الموقف، يشارك بها مجموعة من النجوم الكبار سجلوا حضوراً في الحركة الفنية السعودية، مثل: ناصر القصبي، وراشد الشمراني، وعبد الإله السناني وغيرهم.
وتعيد المسرحية الكثير منهم إلى خشبة المسرح بعد أكثر من 30 عاماً من الغياب، وستعرض المسرحية ذات الطابع الاجتماعي الغائب عن المشهد لعدة عقود، وهي من تأليف الكاتب خلف الحربي، وإخراج محمد راشد الحملي.
ومع أن المسرحية تتحدث عن التغييرات الاجتماعية في السعودية، إلا أنها لا تطرح أجوبة عن تساؤلات حول مراحل هذه التغيرات، بل تطرح مزيداً من هذه التساؤلات في قالب كوميدي، وجاء عنوان المسرحية ليطرح سؤالاً عن دلالات هذه المثل بكلماته الثلاث، فالذيب هو الحيوان المفترس الشرس إذا سقط في البئر (القليب)، فمن الصعوبة إخراجه منه خوفاً من فتكه بمن أخرجه، وإذا قتله من أخرجه أو تركه داخل البئر، كدّر ماءها وبالتالي لم يعد الماء صالحاً للارتواء أو سقيا مواشيهم منه، وينسحب المثل على كل من لا يستطيع مواجهة حدث أو موقف محرج أو التخلص من مشكلة لا خلاص منها فيقال «الذيب في القليب».