بلاغات ضد مطرب شعبي مصري هدد بتحطيم «الموسيقيين»

النقابة رفضت قيده أو منحه تصريح غناء

بلاغات ضد مطرب شعبي مصري هدد بتحطيم «الموسيقيين»
TT

بلاغات ضد مطرب شعبي مصري هدد بتحطيم «الموسيقيين»

بلاغات ضد مطرب شعبي مصري هدد بتحطيم «الموسيقيين»

قدمت نقابة المهن الموسيقية المصرية بلاغاً للنائب العام ضد «مطرب المهرجانات» محمد محمود مصطفى، الشهير باسم «حمو بيكا»، واتهمته بـ«اقتحام مقر النقابة مساء أول من أمس، ومحاولة التعدي على موظفي النقابة في أثناء تأدية عملهم، لرفضهم منحه تصاريح غناء لإقامة حفلاته».
كان بيكا قد توجه إلى مقر نقابة الموسيقيين، بوسط العاصمة المصرية القاهرة، رفقة عدد من أعضاء فرقته، وقام ببث فيديو مباشر عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من مقر النقابة، هدد فيه نقيب الموسيقيين هاني شاكر بتحطيم المقر، في حال عدم منحه تصاريح الغناء، وقال إن «نقيب الممثلين هاني شاكر يقف ضده بسبب شعبيته الجارفة التي تخطت شعبية شاكر»، على حد تعبيره.
وتضم نقابة المهن الموسيقية حالياً نحو 7 آلاف عضو (مطرب، وملحن، وعازف)، وتقبل الأعضاء الجدد بعد اختبارات لجنة التحكيم التي تشترط أن يكون المتقدم حسن السمعة، ولم يحكم عليه في أي قضايا «سيئة السمعة»، بالإضافة إلى دفع ألف جنية رسوم الاختبار.
طارق مرتضى، المتحدث الإعلامي باسم نقابة الموسيقيين، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما فعله حمو بيكا يعد أمراً من أمور البلطجة، بعد تعديه على موظفين في أثناء تأدية عملهم، وتهديدهم بتحطيم مقرهم وتشريدهم، بعد منع النقابة إقامة حفل غنائي له بمحافظة دمياط، حيث أبلغت الجهات الأمنية بعدم إقامة الحفل لكونه لا يحمل بطاقة النقابة».
وأضاف: «بيكا يدعي أن النقابة تقف ضده، وتتحامل عليه، رغم فشله في اجتياز اختبار النقابة الرسمي الذي عقد منذ عدة أشهر، بإجماع الآراء، بعدما اختبره نخبة من كبار الموسيقيين، من بينهم حلمي بكر، ورضا رجب، وحمادة أبو اليزيد».
وفي السياق نفسه، قدم المحامي المصري أيمن محفوظ بلاغاً للنائب العام ضد «حمو بيكا، بسبب دعوته للتظاهر، وتحطيم منشأة حكومية»، وأشار إلى أن بيكا وقع في عدة جرائم، منها جريمة المادة 7 من قانون التظاهر بحظر الدعوة للمظاهرات، أو تعطيل مصالح المواطنين وتعريضهم للخطر، أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم أو أعمالهم، والتي تكون عقوبتها الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على 5 سنوات، والغرامة، موضحاً أن «المادة 327 عقوبات تنص على أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدوشة بالشرف، يعاقب بالسجن».
وبدوره، رأى الموسيقار حلمي بكر، كبير الموسيقيين بلجنة الاختبارات بنقابة الموسيقيين، أن حمو بيكا لا يصلح للغناء، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أناشد نقابة الموسيقيين عدم التخلي عن قرارها، وعدم منحه أي تصاريح غناء. كما أناشد النقابة حمايتي من هذا الشخص الذي يتصل بي من أرقام مختلفة ويسبني، بعد رفضي السماح له بالغناء»، بحسب وصفه.
وأوضح أن «بيكا خضع للاختبار أمامه، برفقة الزملاء حمادة أبو اليزيد وأحمد رمضان ومحمد عبد الستار والدكتور عاطف إمام وخالد بيومي ومنصور هندي. وكانت النتيجة، بإجماع الآراء، أنه لا يصلح للغناء».
يشار إلى أن نقابة المهن الموسيقية أصدرت قراراً في شهر أغسطس (آب) الماضي، حذرت فيه جميع الهيئات المصرح لها بإقامة حفلات بمنع التعامل منعاً باتاً مع كل من «حمو بيكا، ومجدي شطة، وغيرهما من مطربي المهرجانات». كما تم القبض على حمو بيكا أكثر من مرة بسبب الغناء من دون ترخيص.
وفي المقابل، علق بيكا على الواقعة على صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»، قائلاً: «أنا أطالب بحقي، وحق الذين يعملون معي، لأنه يعمل معي 20 فرداً ينفقون على بيوتهم من خلالي»، وطالب «وسائل الإعلام بتحري الدقة، ومتابعة القضية من جميع الزوايا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».