الجامعة العربية و«الأمم المتحدة للسكان» تطلقان حملة «حياتِك غالية»

لتشجيع السيدات على الكشف المبكر على «سرطان الثدي»

الجامعة العربية و«الأمم المتحدة للسكان» تطلقان حملة «حياتِك غالية»
TT

الجامعة العربية و«الأمم المتحدة للسكان» تطلقان حملة «حياتِك غالية»

الجامعة العربية و«الأمم المتحدة للسكان» تطلقان حملة «حياتِك غالية»

أطلقت جامعة الدول العربية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أمس، حملة «المحفظة الوردية... المبادرة الإقليمية لمكافحة سرطان الثدي في الدول العربية»، تحت شعار «حياتِك غالية»، بهدف التوعية ضد مرض سرطان الثدي، وتشجيع الكشف المبكر عن المرض الذي يعد «أكثر أنواع السرطان فتكاً بالنساء على مستوى العالم»، حسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد في الجامعة العربية ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية، في كلمتها خلال حفل إطلاق الحملة في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، إنّ «هناك 1.38 مليون حالة إصابة جديدة بسرطان الثدي تحدث سنوياً»، مشيرةً إلى أنّ «سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان انتشاراً وفتكاً بالنساء».
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ «عدد المصابات بسرطان الثدي عام 2018 قُدر بنحو مليوني امرأة حول العالم، ليصل إجمالي عدد الحالات المصابة بالمرض حالياً إلى أكثر من 6 ملايين امرأة، أي 15.7% من كل مرضى السرطان في العالم».
وأوضحت الدكتورة رنا حجي، مديرة إدارة البرامج في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في كلمتها أنّ «سرطان الثدي هو الأكثر شيوعاً بين النساء، وتسبب في وفاة 50 ألف شخص عام 2018»، مشدّدة على «أهمية الكشف المبكر، لنجاح العلاج». وقالت: «لا يوجد في الوطن العربي دولة لديها برنامج منظم للتحري عن السرطان حتى الآن، كما أنّ هناك نقصاً شديداً في البيانات في المنطقة العربية، وعادةً ما يقللون من انتشار المرض، وبالتالي لا تتماشى الاستراتيجيات المتبعة للوقاية والعلاج مع الحجم الفعلي للمرض».
وتفتقر المنطقة العربية لبيانات دقيقة حول تعداد المصابات بمرض سرطان الثدي، ورغم ذلك فالبيانات المتوفرة تثير القلق حول نسبة انتشار المرض، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية عدد الوفيات الناتجة عن سرطان الثدي في منطقة شرق المتوسط بما يزيد على خمس نساء كل ساعة، وقدّر المرصد العالمي للسرطان، التابع لمنظمة الصحة العالمية، عدد المصابات بالسرطان في لبنان بـ96 حالة لكل 100 ألف امرأة، وهي أعلى نسبة في الوطن العربي، وتحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم، كما قدّر المرصد عدد الوفيات بالمرض في مصر العام الماضي (2018) بـ9254 حالة، أي 25 حالة وفاة كل يوم، وتتراوح نسبة الإصابات الجديدة بسرطان الثدي بين 29% و40% في الدول العربية التي يتوفر فيها الحد الأدنى من البيانات.
ويأتي إطلاق الحملة بالتزامن مع إطلاق البرنامج الرئاسي المصري لصحة المرأة الذي يركز على الكشف المبكر وعلاج سرطان الثدي، ويعد نموذجاً علمياً لكيفية تطبيق حملة المحفظة الوردية في المنطقة العربية.
وقال الدكتور أحمد السيد مرسي عبد العليم، المشرف العام على المركـز القومي لخدمـات صحـة المـرأة في مصر والمدير التنفيذي للبرنامج الرئاسي المصري لصحة المرأة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش حفل إطلاق الحملة، إنّ «البرنامج الرئاسي هو المبادرة التجريبية أو النموذج العملي لحملة (حياتِك غالية)، حيث ستُوفّر من خلاله البيانات بشأن المرض، وعمل نموذج يمكن تعميمه على المنطقة العربية»، مشيراً إلى أنّ «البرنامج يسعى لتوفير معلومات عن المرض من المنطقة العربية، بدلاً من الاعتماد على المعلومات الواردة من الغرب، فطبيعة المرض هنا مختلفة».
وخلال حفل إطلاق الحملة استمع الحضور لشهادات من سيدات كافحن وما زلن يكافحن مرض السرطان، من بينهم الدكتورة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب المصري، التي أكدت أنّ مريض السرطان يعاني في البداية من حالة ذهول وإنكار، ويحتاج دائماً إلى الدعم من العائلة والمجتمع والعمل»، مشيرةً إلى «ضرورة أن تتسع هذه المبادرة لتشمل كل أنواع السرطان التي تصيب النساء».
وقالت حسونة، التي دخلت في رحلة علاج استغرقت ثلاث سنوات أُعلن بعدها شفاؤها قبل أن يهاجمها المرض من جديد، إن «آلاف النساء يصبن بالمرض ويتوفين به دون أن يدرين لارتفاع تكلفة الكشف والعلاج»، مشيرةً إلى أنّها «قدمت اقتراحاً في مجلس النواب المصري لإضافة بند في قانون التأمين الصحي ينص على الكشف الدوري المجاني عن السرطان»، موجهةً «الدعوة إلى النساء لإعادة النظر في الأولويات، وإعطاء مساحة لأنفسهن، وأن يتحلين بالأمل في مواجهة السرطان».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».