بومبيو يطمئن إسرائيل: لن نتخلى عنكم

في أعقاب إدارة واشنطن ظهرها للأكراد

TT

بومبيو يطمئن إسرائيل: لن نتخلى عنكم

حاول وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، طمأنة الإسرائيليين، وتبديد مخاوفهم الناجمة عن انسحاب قواته من الشرق الأوسط، فقال إن التاريخ الذي يجمع البلدين يثبت بكل وضوح أن مثل هذا الأمر لن يحدث أبداً.
جاءت تصريحات بومبيو في أعقاب تعبير العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن المخاوف من أن يحدث لهم ما حدث للأكراد في الشمال السوري. ونشرت عشرات المقالات في الصحافة العبرية التي تتهم واشنطن بالتخلي عن حلفائها في الصراعات في الشرق الأوسط، والتي تنتقد سياسات الرئيس دونالد ترمب، وتعتبره «مفاجئاً وغير متوقع». وحسب مصدر سياسي مسؤول، بادر مقربون من بومبيو لإجراء مقابلة مع صحيفة «معريب» اليمينية، لكي «يصد الآراء المتشائمة التي تقول إن بلاده ستهجر إسرائيل، مثلما فعلت للأكراد». فقال، في حديث نشرته الصحيفة، أمس الأحد، «لا يوجد أي تخوف من أن يحصل شيء كهذا. فعشرات السنين من التاريخ تؤيد ذلك، والسنتان والنصف الأخيرة التي كان فيها ترمب في البيت الأبيض تؤيد ذلك أيضاً. إن شبكة العلاقات بيننا قوية، عميقة، تمثل العلاقات بين الدولتين، التي تقوم على أساس قيمنا المشتركة، مصالحنا الأمنية المشتركة، والعبء الذي نتحمله معاً».
وأضاف بومبيو أن «إدارتنا كانت جد واضحة في هذا الموضوع. لإسرائيل الحق في العمل بهدف الحفاظ على أمن مواطنيها. هذا هو الأمر الذي يقبع في أساس الدولة القومية - هذا ليس حقها بل واجبها».
وفند بومبيو ما يقال في إسرائيل من أن الانسحاب الأميركي من شمال سوريا سيسمح لإيران بأن تنقل إلى سوريا ولبنان السلاح بسهولة أكبر، ورد الادعاء بأن الولايات المتحدة منحت عملياً، إيران، السيطرة على معابر الحدود بين العراق وسوريا. وقال: «الرئيس ملتزم بمواصلة السياسة الأميركية التي تستهدف القتال ضد (داعش). نحن نعرف أن إيران حاولت استخدام هذه المنطقة، لتنقل عبرها السلاح إلى سوريا ولبنان، مما يشكل تهديداً على إسرائيل، وسنفعل كل ما في وسعنا كي نكشف هذه المحاولات ونرد عليها».
وقال وزير الخارجية الأميركي: «يمكن للجمهور الإسرائيلي أن ينظر إلى سياسة الإدارة ويفهمها من خلال عدد من الإجراءات الحازمة التي فرضناها على طهران. فقد فرضنا عقوبات جسيمة عليها، هي الأشد التي سبق لنا أن فرضناها. عقوبات ستقلص اقتصاد إيران بـ12 في المائة في السنة المقبلة. هذا موضوع جدي. نحن نفعل هذا لأنه يمنع إيران من تنفيذ تصفيات في أوروبا، والحصول على منظومات صاروخية، وتطوير تكنولوجيات وتمويل ميليشيات شيعية في أرجاء العالم. لقد ضربنا قدرة طهران على عمل هذه الأمور. والولايات المتحدة مصممة على القتال ضد التهديد الإيراني. نحن نرى فيه العامل الأساس في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وسنفعل ضده».
كانت المقابلة الصحافية مع بومبيو أجريت بعد بضعة أيام من لقائه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تحقق فيه اتفاق على وقف النار موضع الخلاف، الذي تقرر لخمسة أيام فقط. وشكر ترمب، إردوغان، مشيراً إلى أن «الاتفاق سينقذ الملايين»، بينما انتقد هذا الاتفاق في العالم كله، وكذلك في إسرائيل، واعتبروه «اتفاقاً على استسلام الأكراد، ومغادرة قواتهم المسلحة بلا قتال». وقد طلب بومبيو من الإسرائيليين أن يروا كيف أقدمت إدارته على «نقل نحو ألفي جندي إلى السعودية في أعقاب الهجوم على منشآت النفط، التي ترى واشنطن، إيران، مسؤولة عنها». وقال إنه سيصار «إلى نقل مزيد من القوات إلى السعودية في الأسابيع المقبلة لردع العدوان الإيراني». وتابع: «عملنا الكثير ضد هذا التهديد، الذي يوجه، ليس فقط ضد إسرائيل، بل ضد الشرق الأوسط والعالم كله. أصدق الإيرانيين - فقد قالوا إنهم يريدون إبادة إسرائيل، ومعقول الافتراض بأن إيران ستنظر في إمكانية هجوم ضد إسرائيل. نحن لا نعتقد أن الحديث يدور عن سيادة أو تهديد، بل إنهم يعملون بطرق يمكنها أن تكون خطيرة على إسرائيل. رأينا ما فعلوه في السعودية، وفي اليمن، وفي سوريا، وفي العراق. هذا تهديد كبير لكننا لا نسكت عليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».