الجيش الليبي يعلن تقدمه في معارك بجنوب طرابلس

حكومة «الوفاق» تتحدث عن تحرك أميركي لوقف القتال

TT

الجيش الليبي يعلن تقدمه في معارك بجنوب طرابلس

أعلن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن قواته حققت خلال الساعات الماضية تقدماً ميدانياً، وسيطرت على بلدة العزيزية على بعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس، بعد قتال شرس، أمس، بينما كشفت حكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج عن محاولة جديدة من بعض أعضاء الكونغرس الأميركي لإصدار قرار بوقف القتال.
وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش الوطني في بيان، إن قواته «بسطت سيطرتها على كوبري الزهراء بعد أن عادت العزيزية لحضن الوطن وفرار الميليشيات»، على حد تعبيره.
وجرت معارك طاحنة منذ الساعات المبكرة أمس، باستخدام مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات الجيش الوطني والقوات الموالية لحكومة السراج في الضواحي الجنوبية من طرابلس.
في المقابل، سعت القوات الموالية لحكومة السراج لإحباط هجوم الجيش ووقف تقدمه، عبر شن هجوم مضاد في محاور عين زار وخلة الفرجان جنوب العاصمة، حيث نقلت وسائل إعلام موالية للحكومة عن محمد الضراط آمر محور صلاح الدين التابع لها، أن قواته تصدت لهجوم شنته قوات الجيش بمشاركة مرتزقة من السودان في محوري الخلاطات واليرموك، على حد زعمه، لافتاً إلى أن قوات الوفاق كبدت المهاجمين خسائر كبيرة خلال محاولتهم التقدم.
لكن مسؤولاً عسكرياً في الجيش الوطني قال لـ«الشرق الأوسط» إن قواته تصدت أمس، لما وصفه بمحاولات يائسة من الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج بهدف استعادة ما فقدته من مواقعها، مؤكداً أن هذه المحاولات باءت جميعها بالفشل.
ولم يؤكد المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، السيطرة الكاملة للجيش على بلدة العزيزية، لكنه قال إن الجيش اقترب من فرض هيمنته عليها وسط تراجع في صفوف الميليشيات.
وفى مدينة مصراتة غرب البلاد، تحدثت وسائل إعلام محلية وشهود عيان مساء أول من أمس، عن وقوع سلسلة من الانفجارات العنيفة في عدة مناطق جنوب وشرق المدينة، تزامناً مع شن الجيش الوطني غارات جوية استهدفت مواقع الميليشيات بداخلها. وقال الجيش الوطني في بيان لمركزه الإعلامي إنه وجه ضربة جوية دمر خلالها مخزن ذخائر، لافتاً إلى وقوع تفجيرات بمحيط مقر الكلية الجوية في مصراتة. كما أعلن العثور على عدد كبير من الجثث أغلبها أفارقة في منطقة الساعدية، لافتاً إلى أن من وصفه بالإرهابي أسامة الجويلي أحد كبار القادة الميدانيين لقوات السراج، «أمر العصابات المسلحة بالتخلص من أي مرتزق جريح في سابقة خطيرة تعبّر عن هذه الميليشيات».
ولم يفصح الجيش عن عدد القتلى أو جنسياتهم، لكنه قال إن الجثث تنتظر قدوم الهلال الأحمر لانتشالها.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية بحكومة السراج إن عدداً من أعضاء الكونغرس الأميركي تقدم بمشروع قانون تحت اسم «تحقيق الاستقرار في ليبيا». ويدعو المشروع بحسب بيان للوزارة لوضع حلول استراتيجية لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا ومعاقبة الدول الداعمة للتدخل الروسي ومعاقبة الأشخاص الذين يهددون السلام في ليبيا، كما يتضمن تقريراً عن أنشطة بعض الدول ومعالجة التدخل الأجنبي في ليبيا. إلى ذلك، أعلن خالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة السراج أنه بحث مساء أول من أمس، في العاصمة الأوغندية كامبالا، مع رئيس الوزراء الأوغندي ومدير أعمال الحكومة روهاكانا روجوندا، ملفات التعاون المشترك بين البلدين، وآخر التطورات العسكرية والسياسية في ليبيا.
كما التقى بعدد من المسؤولين في الحكومة الأوغندية في إطار زيارة تستهدف الحصول على دعم كامبالا لحكومة السراج بطرابلس.
وكان الملف الليبي حاضراً خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى أول من أمس، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفقاً لما نقلته وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الكرملين. وقال المكتب الإعلامي للرئاسة إن بوتين وميركل أعربا عن نيتهما العمل على تخفيض التصعيد ودعم جهود الوساطة المبذولة برعاية الأمم المتحدة لحل النزاع في ليبيا بطرق سلمية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم