صور نادرة لمكة المكرمة ومصاحف ومخطوطات تتألق في مزاد لندني

أكثر من 250 قطعة من روائع الفنون الإسلامية من عصور مختلفة في {بونهامز} غداً

صورة لمكة المكرمة في مزاد {بونهامز}
صورة لمكة المكرمة في مزاد {بونهامز}
TT

صور نادرة لمكة المكرمة ومصاحف ومخطوطات تتألق في مزاد لندني

صورة لمكة المكرمة في مزاد {بونهامز}
صورة لمكة المكرمة في مزاد {بونهامز}

عشاق الفنون الإسلامي والمقتنيات الفنية النادرة يلتقون غدا الثلاثاء، في صالة مزادات «بونهامز» بالعاصمة البريطانية في وسط لندن للاستمتاع والاطلاع واقتناء روائع ما صنعه الفنانون المسلمون والخطاطون على مدى عقود. وستُعرض في المزاد العالمي 251 قطعة فنية من فنون العالم الإسلامي النادرة، أبرزها تصاوير ومخطوطات قرآنية وقطع خزفية من طراز أزنيك. ويتوقع خبراء الفنون أن تضرب بعض معروضات المزاد اللندني الرقم القياسي في الأسعار، خصوصاً فيما يتعلق بالمخطوطات والتصاوير القرآنية وصور الكعبة المشرفة، من جهة التنافس على اقتنائها في يوم البيع، نظراً إلى جودتها وجمالها وندرتها.
ومن أبرز القطع الفنية المعروضة للبيع، المزاد رقم 78 وهو يعبر عن صورتين فوتوغرافيتين نادرتين لمكة المكرمة من تصوير السيد عبد الغفار الطبيب من مكة المكرمة، وتعود لحدود النصف الثاني من ثمانينيات القرن التاسع عشر، ومن المتوقع أن تحقق صور مكة المكرمة أعلى المبيعات بين المتنافسين على اقتناء القطع الإسلامية.
ووضعت الطباعة البيضاء لصورة مكة المكرمة على صفحات الألبوم مع أطراف مذهبة على خلفية ذات لون أحمر صفراوي (بهت اللون اليوم وأصبح أقرب إلى الوردي الشاحب)، وتوجد نقوش عربية على صور الفيلم النيجاتيف 195 × 253 ملم، الألبوم صفحاته 280 × 335 ملم.
ويظهر في الصور: (أ) منظر عام للكعبة ومقام سيدنا إبراهيم ومن خلفها إطلال المدينة ومنقوش بالعربية في الأعلى الجهة الثانية. في الأسفل، مكتوب فوتوغرافية السيد عبد الغفار الطبيب بمكة. وهناك صورة أخرى في المزاد لحجاج محتشدين حول الكعبة خلال أداء الطواف، جرى التقاطها من فوق مستوى الأرض مباشرة، ومنقوش بالعربية أعلى الصورة: «الصلاة حول الكعبة»، وفي الأسفل «فوتوغرافية السيد عبد الغفار الطبيب بمكة. ويشتهر الطبيب عبد الغفار بكونه أول المصورين الفوتوغرافيين بشبه الجزيرة العربية، وتعلم فن التصوير الفوتوغرافي على يد المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هرخرونيه الذي أقام برفقة الطبيب ما بين عامي 1884 - 1885. وأعيد إنتاج الصور في كتاب بعنوان «صور من مكة» والذي يعتقد اليوم أنه من إنتاج عبد الغفار. وجدير بالذكر أن مجموعة من 14 صورة لمكة التقطها عبد الغفار الطبيب بيعت في مزاد لدار «سوزبي»، في 15 مايو (أيار) 2018.
ومن المقرر أيضاً، عرض مجموعة نادرة من الأسلحة من مقتنيات الشقيقين فريزر، اللذين يشتهران «بألبوم فريزر»، وضمنها مجموعة من الرسوم الهندية النادرة، والتي تعتبر اليوم من بين أعظم القطع الفنية في تاريخ الفن الهندي ـ للبيع خلال مزاد بونهامز. وتشكل كذلك مجموعة الأسلحة عرضاً شاملاً للأسلحة التي كان يجري استخدامها في شمال الهند مطلع القرن الـ19.
وكان ويليام فريزر (1784ـ1835) قد رحل عن مدينة إنفرنيس الاسكوتلندية وسافر للهند عام 1801 في سن الـ16 للعمل في الخدمة السياسية بشركة إيست إنديا. وانضم إليه لاحقاً شقيقه جيمس بيلي فريزر (1783ـ1856)، وهو فنان اسكوتلندي وكاتب مهتم بالسفر والترحال، للعمل في كولكتا. عام 1815، عندما سافر الشقيقان معاً، عمل جيمس على تشجيع ويليام على تكليف فنانين محليين بتسجيل صور أفراد ومشاهد من الحياة اليومية. وشكلت هذه الأعمال لاحقاً ما عرف باسم «ألبوم فريزر».
وفي واحدة من هذه الرحلات، أثناء الحروب الإنجليزية - النيبالية (1814 - 1816) في وقت كان ويليام يعمل لدى الجيش البريطاني في وظيفة وكيل سياسي، حصل الشقيقان فريزر على كثير من الأسلحة المعروضة اليوم في المزاد اللندني.
ومن أبرز قطع المجموعة جعبتا أسهم مطرزة بخيوط من الفضة من شمال الهند قدمها رجل نبيل سيخي هدية إلى ويليام. وتقدر قيمة جعبتي الأسهم اللتين تتميزان بغطاء من المخمل بما يتراوح بين 6 آلاف و8 آلاف جنيهاً إسترلينياً. وتتضمن القطع الأخرى المعروضة خنجراً مرصعاً بأحجار كريمة من القرن الـ17 - 18 (القيمة التقديرية ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف جنيهاً إسترلينياً)، وسيفين من الصلب من القرن الـ18 - 19 (القيمة التقديرية نحو 1500 إسترليني) وخنجراً آخر مطعماً بالذهب من القرن الـ18 - 19 (القيمة التقديرية نحو 1500 جنيه إسترليني).
ومن أبرز المعروضات الأخرى في بونهامز، مجموعة مؤلفة من 10 صفحات من 6 سور مختلفة من مخطوطة للقرآن الكريم. تنتمي المخطوطة العربية المكتوبة بالخط الكوفي إلى القرن الـ9. والقيمة التقديرية نحو 120 ألف جنيه إسترليني.
وهناك أيضاً ضمن المعروضات، تمثال من حجر الشست لهاريتي، ينتمي للقرن الـ2 تقريباً يصور المعبودة هاريتي وهي جالسة وتحتضن بإحدى يديها طفلاً على حجرها. القيمة التقديرية ما بين 80 ألف إلى 120 ألف جنيه إسترليني.
وضمن المزاد اللندني أيضاً سجادة من المخمل العثماني من المتوقع أن تحقق أكثر من 20 ألف إسترليني في يوم البيع، وصورة نور الدين حسين خان أبدعها الرسام البريطاني جيمس ويلز عام 1792. وتقدر قيمتها بما يتراوح بين 50 ألف و70 ألف جنيه إسترليني. وهناك أيضاً مجموعة من المنسوجات من آسيا الوسطى تعود للقرن الـ19. القيمة التقديرية نحو 7 آلاف جنيه إسترليني.
ومن ضمن القطع النادرة أيضاً، بورتريه لنور الدين خان لجيمس ويلز، والقيمة التقديرية المعروضة ما بين 50 ألف إلى 70 ألف جنيه إسترليني.
وبورتريه نور الدين خان يعتبر من الأعمال الرائدة في مجموعة بونهامز للفنون الإسلامية والهندية.
وجرى رسم لوحة نور الدين خان عام 1792 على يد جيمس ويلز الذي كان قد وصل الهند العام السابق. وفي البداية، أقام في بومباي، لكنه انتقل بعد ذلك إلى بونة بعد أن تعرف على سير تشارلز ماليت. (في أعقاب عودته إلى إنجلترا عام 1798، تزوج سير تشارلز من ابنة ويلز، سوزانا). ورسم ويلز صوراً للكثير من أبناء الجالية الأوروبية في بونة، بجانب شخصيات بارزة في بلاط ماراثا، بينها نور الدين حسين خان.
من جهته، قال رئيس شؤون الفنون الإسلامية والهندية لدى «بونهامز» أوليفر وايت لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز هذا العمل الفني الهادئ بحالة ممتازة. كما أنه يسلط الضوء على نحو رائع على واحد من أندر البلاطات الملكية الهندية من حيث التوثيق، ويشكل نموذجاً لأعمال الفنانين البريطانيين بالهند أواخر القرن الـ18».
من بين المعروضات في مزاد البيع أيضاً سجادة عثمانية من المخمل تعود إلى القرن الـ17 ويقدر ثمنها بما يتراوح بين 15 ألف إلى 20 ألف جنيه إسترليني.
وهناك أيضاً مجموعة من الأواني الخزفية من أزنيك وأخرى فارسية وتركية جميلة وبجميع أنواعها، وكذلك بلاطات من القيشاني المزخرف تدل على الذوق الرفيع لدى المسلمين في تلك الأيام. ويعتبر مزاد بونهامز من أقدم دور المزادات العلنية في العالم ومنشؤها بريطانيا.
المعروضات في مجملها تمثل مرحلة زمنية شاسعة تمتد من القرن السابع الميلادي وحتى القرن التاسع عشر.
ومن المعروف أن مزادات بونهامز العالمية تأسست في عام 1793. وهي تنافس مزادات سوذبي وكريستي، وتعمل حالياً في 27 دولة وتقوم عادة بتنظيم المزادات بشكل متزامن في أربع قارات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».