«كاوست» في «إثراء»... روبوتات وشعاب لا تنقرض

دعت لورشة عمل لشرح مسيرتها وتوجهاتها المستقبلية

المعرض يقدم معلومات ثرية حول البحر الأحمر والمخاطر التي يواجهها
المعرض يقدم معلومات ثرية حول البحر الأحمر والمخاطر التي يواجهها
TT

«كاوست» في «إثراء»... روبوتات وشعاب لا تنقرض

المعرض يقدم معلومات ثرية حول البحر الأحمر والمخاطر التي يواجهها
المعرض يقدم معلومات ثرية حول البحر الأحمر والمخاطر التي يواجهها

تواصل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» في إطار مشاركتها في معرض تنوين معرضاً عن البحر الأحمر، وذلك في مبنى معرض الطاقة في مركز إثراء في الظهران، بهدف رفع مستوى الوعي بشأن الحفاظ على البيئة في البحر الأحمر، وذلك من خلال معرض ترفيهي وتعليمي في آن واحد ليوفر تجربة فريدة للزائرين تنقل لهم شيئاً من هذه البيئة الساحلية الفريدة.
ويبرز المعرض دور «كاوست» الرائد في أبحاث البحر الأحمر وإعداد الجيل القادم من علماء المستقبل، حيث تعد جامعة أبحاث عالمية المستوى، مكرسة لإيجاد الحلول لبعض التحديات العلمية والتكنولوجية الأكثر إلحاحاً في العالم، كما سيكون للزائر المقدرة على رؤية الحياة البحرية الجميلة عن قرب في المعرض، وتمكنه من حمل وتحسس الكائنات البحرية من خلال الأحواض المفتوحة.
وقدم خلال المعرض ممثلو الجامعة معلومات ثرية حول البحر الأحمر والحياة فيه وأبرز المخاطر التي يواجهها، وقد توسط المعرض مجسم كبير لقرش الحوت، حيث يعد برنامج أسماك قرش الحوت في «كاوست»، واحداً من أكبر البرامج في العالم، يستخدم خلاله علماء «كاوست» العلامات الصوتية وعلامات الأقمار الصناعية لتتبع تحركات أسماك القرش، لالتقاط بيانات قيمة عن طريق الأقمار الصناعية، واستخدام أجهزة استشعار لتمكين العلماء من تتبع حركات قرش الحوت وأنماط هجرتها.
ويعرف المعرض بأسماك قرش الحوت التي تعد نوعاً فريداً من الكائنات البحرية الرائعة، والمثالية لتنمية السياحة البيئية في المملكة، حيث يستلزم تتبع معلومات البيئة الحاضنة لهذه الأسماك، خططاً فعالة لحماية هذه الحيوانات ويتطلب حماية مناطق عيش أسماك قرش الحوت تعاوناً دولياً وإقليمياً، في الوقت الذي يوجد فيه 20 مكاناً معروفاً في العالم لتجمع أسماك قرش الحوت، ويعد البحر الأحمر أحدها.
ويبرز معرض «كاوست» لزوار تنوين ومعرض الطاقة فيه، والذي تجاوز زوار المعرض ككل المليون زائر حتى قبل يومين، يبرز الشعاب المرجانية وما تتمتع به من تنوع بيولوجي مرتفع وقيمة اقتصادية، وما تقوم به «كاوست» من تطوير الشعاب المرجانية التي يمكن أن تتكيف مع تغير المناخ من خلال دراسة الجينوميات المرجانية، إلى جانب التعريف باستخدام الروبوتات الغواصة الخاصة بالبحر الأحمر، والحصول على معلومات أوفر لفهم أكبر لبيئة البحر الأحمر والشعاب المرجانية وعوامل تزايدها ونموها وتوسعها واستمراريتها.
ويقدم المعرض شرحاً لأشجار المانغروف، والتركيز على إطلاق كاوست مبادرة لإعادة زراعة أشجار المانغروف للتأكد من ازدهار النظام البيئي للمانغروف حول شواطئنا، ونتيجة لذلك، ارتفع عدد أشجار المانغروف حول «كاوست» بنسبة 20 في المائة في السنوات العشر الماضية، في حين شهدت مناطق أخرى حول العالم انخفاضاً في أعداد هذه الأشجار.
وفي سياق متصل، دعت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» جمعاً من الأكاديميين والمثقفين ورجال الأعمال والإعلاميين لحضور ورشة العمل التي سيقدمها الدكتور ديفيد كيز، المشارك الأعلى لرئيس الجامعة للأولويات الاستراتيجية والعلاقات الدولية، مساء بعد غد (الأربعاء) في مقر المركز الإعلامي التابع لمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في الظهران والمعروف باسم مركز «إثراء»، حيث سيشرح الدكتور كيز مسيرة الجامعة وتوجهاتها المستقبلية أمام الحضور الذين من المتوقع أن تتحول الورشة إلى جلسة حوار ثرية قد تضيف للمجتمع السعودي والنخبة الأكاديمية المثقفة والإعلامية أطراً جديدة عن الإسهامات التي يمكن أن تقدمها «كاوست» في المستقبل لرؤية المملكة 2030 وتنوع الاقتصاد السعودي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».