قاعدة بيانات عالمية بمصر لـ«ضبط الخطاب الأصولي»

تستهدف تفنيد فتاوى وتفسيرات «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان»

TT

قاعدة بيانات عالمية بمصر لـ«ضبط الخطاب الأصولي»

في خطوة لمواجهة آراء وفتاوى وخطابات التنظيمات المتطرفة، أطلقت مصر قاعدة بيانات عالمية لـ«ضبط الخطاب الأصولي»، وتفنيد آراء وفتاوى «داعش» و«القاعدة» وتنظيم «الإخوان». قاعدة البيانات، أو ما يطلق عليها أول محرك بحثي، دشنته وحدة «الدراسات الاستراتيجية» بدار الإفتاء المصرية، بهدف الخروج بمؤشرات تُفيد صناع القرار، وتبحث آليات مواجهة التحديات المقبلة. وقال طارق أبو هشيمة، رئيس وحدة «الدراسات الاستراتيجية» بالإفتاء لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحرك البحثي، آلية تساعد في الرصد والتحليل، وسوف يشمل النطاق المحلي بمصر، ثم النطاق العربي والإقليمي والدولي»، مضيفاً أن «المحرك نقلة نوعية لاقتحام المؤسسات الدينية في عالم التحول الرقمي، وهو خطوة لإزالة الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين، وخطوة عملية على طريق (ضبط الخطاب الإفتائي)». وأكد أبو هشيمة، أن «محرك البحث يهدف إلى بناء قاعدة بيانات للفتاوى المصنفة، نأمل أن تكون الأكبر في العالم، والمحرك يُعد الأول من نوعه في المؤسسات الدينية بالمجتمعات المسلمة، والأول عالمياً، ومعني برصد الفتاوى بصورة آنية وتخزينها مصنفة على قاعدة بيانات».
إطلاق المؤشر البحثي، جاء في ختام مؤتمر الإفتاء العالمي الخامس الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أخيراً بالقاهرة، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور وفود من أكثر 85 دولة.
وعن بدء العمل في قاعدة البيانات العالمية. أكد أبو هشيمة، أن «محرك البحث دخل حيز العمل بمجرد إعلان الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، عنه في المؤتمر العالمي للإفتاء، وبمجرد اكتمال قاعدة البيانات على مدار العام المقبل، سوف ندرس كيفية إتاحة قاعدة البيانات للباحثين من التخصصات كافة»، موضحاً أن «محرك البحث هو استكمال لمشروع (المؤشر العالمي للفتوى) الذي أطلق العام الماضي، والذي كان يهدف إلى دراسة الحالة الإفتائية، باعتبارها أهم أدوات الخطاب الديني»، مؤكداً أن «محرك البحث آلية نواكب من خلالها التطور التكنولوجي، وبوابة لدخول التحول الرقمي، وبخاصة أن الشبكة العنكبوتية أصبحت تحمل مليارات الفتاوى، التي تحتاج إلى رصد وتحليل، لكي نستطيع من خلال هذا الرصد، أن نقدم علاجاً لكافة الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية».
وجدير بالذكر، أن قاعدة البيانات العالمية تضم ما يقرب من 500 دار إفتاء رسمية ومواقع لمجالس ومؤسسات معنية بالفتوى ومواقع إسلامية متخصصة، وتضم أيضاً ما يقرب من 1500 حساب موثق عبر «تويتر» و«فيسبوك».
وحول دور محرك البحث في مواجهة تفسيرات التنظيمات الإرهابية خاصة «داعش» و«القاعدة»، قال أبو هشيمة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاعدة الأصولية تقول (إذا أردت أن تحكم على شيء فلا بد من قياسه)، ورصد فتاوى التنظيمات المتطرفة وجمعها في قاعدة بيانات مصنفة، تتيح لنا قراءة أرقام هذه الفتاوى وطبيعتها، ومن ثم الحكم عليها، وتقديم الرؤية العلاجية لها... وبالتالي ستحد من التفسيرات الخاطئة التي يطلقها (داعش) و(القاعدة) و(الإخوان) وغيرهم؛ لأن رصد الفتوى الخطأ والرد عليها ونشر العلاج، سيدفع الغث لكي يغوص في الأعماق ويحل مكانه الثمين».
وقال طارق أبو هشيمة، وهو أيضاً مدير «المؤشر العالمي للفتوى» بالإفتاء، إن «قاعدة البيانات العالمية تعتمد على التقنيات الحديثة في جمع الفتاوى، وتتبع الجديد منها على مدار الساعة، من المصادر الرسمية كافة وغير الرسمية، سواء كانت تقليدية أو مواقع تواصل اجتماعي، لاستخراج التقارير والتوصيات التي تفيد صُناع القرار والمتخصصين كافة، من خلال استخدام خصائص (الذكاء الصناعي)، بما يوفر الجهد البشري والوقت والتكلفة المستخدمة في رصد الفتاوى وتفنيدها يدوياً»، مؤكداً أن «محرك البحث يتضمن 16 شاشة رقمية، تعمل وفقاً لتقنيات (الذكاء الصناعي) في جمع البيانات وتحليلها وتصنيفها».
وكان أبو هشيمة قد أرجع أسباب إنشاء المحرك البحثي، «لسرعة انتشار المحتوى الرقمي، الذي يتطلب في المقابل سرعة التحليل والرد على الآراء الخطابات المنحرفة - على حد وصفه -، وكذلك اتجاه أغلب المؤسسات والهيئات، إلى النشر الرقمي بديلاً عن الطرق المعتادة والكلاسيكية، وسهولة الوصول إلى المحتويات الرقمية وتحليلاته الدقيقة»، موضحاً أن «قاعدة البيانات العالمية سوف تضم إصدارات وتصريحات قادة ومنظري التنظيمات الإرهابية وفتاويهم وآرائهم المتطرفة، والرد عليها بطريقة علمية».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.