اتفاق بين واشنطن وأنقرة على وقف التوغل التركي

«رسالة ترمب» خيمت على لقاء إردوغان ـ بنس... ومعارك في رأس العين شمال شرقي سوريا

الرئيس التركي مستقبلا نائب الرئيس الاميركي أمس (أ.ب)
الرئيس التركي مستقبلا نائب الرئيس الاميركي أمس (أ.ب)
TT

اتفاق بين واشنطن وأنقرة على وقف التوغل التركي

الرئيس التركي مستقبلا نائب الرئيس الاميركي أمس (أ.ب)
الرئيس التركي مستقبلا نائب الرئيس الاميركي أمس (أ.ب)

أعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، التوصل إلى اتفاق على وقف العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا، عقب لقاء متوتر جمعه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس, بمشاركة مستشار الأمن القومي روبرت براين، ووزير الخارجية مايك بومبيو، والمبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، وعدد من المسؤولين العسكريين.
وعقد إردوغان اجتماعاً ثنائياً مع بنس استغرق ساعة و40 دقيقة، وبعده عُقد اجتماع موسع انضم إليه كل من نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الأركان يشار جولار، ووزير المالية والخزانة برات البيراق، وعدد من مسؤولي الخارجية التركية.
وقالت مصادر قريبة من الاجتماعات، إن الموضوع الأساسي الذي تركزت حوله المباحثات هو وقف تركيا عملية «نبع السلام» العسكرية التي تنفذها في شرق الفرات وتستهدف وحدات الشعب الكردية (المكون الرئيسي لتحالف قوات سوريا الديمقراطية). وأضافت المصادر، أن الجانب الأميركي حذر من أن تركيا ستتعرض لمزيد من العقوبات حال عدم وقف إطلاق النار، وأن العقوبات القادمة ستكون أشد مما فرضته واشنطن حتى الآن على وزراء الدفاع والداخلية والطاقة ووزارتي الدفاع والطاقة.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب التركي أكد أن العملية العسكرية ليس لها هدف آخر إلا تأمين الحدود التركية ومنع تشكيل «ممر إرهابي» قرب حدودها الجنوبية وإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم، وأن العملية العسكرية لا تستهدف الأكراد وإنما تستهدف «التنظيمات الإرهابية»، وإن تركيا مستعدة ولديها الإمكانية للسيطرة على عناصر «داعش» الموجودين في السجون الخاضعة لسيطرة «قسد» وإعادتهم إلى الدول التي أتوا منها، لكنها تحتاج إلى تعاون من الدول الأوروبية وغيرها التي لديها مقاتلون عملوا في صفوف التنظيم الإرهابي.
وكان كل من بنس وبومبيو وصلا إلى أنقرة على متن طائرتين مختلفتين، من أجل إجراء محادثات مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بشأن العملية العسكرية، بينما سبقهما مستشار الأمن القومي روبرت براين الذي أجرى مساء أول من أمس (الأربعاء) مباحثات مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين ووزيري الدفاع خلوصي أكار والخارجية مولود جاويش أوغلو سبقت مباحثات بنس وبومبيو أمس مع إردوغان.
وقال بومبيو، أثناء توجهه إلى أنقرة: «مهمتنا هي رؤية ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وما إذا كنا نستطيع التوسط في ذلك».
وخيمت الرسالة التي كشف البيت الأبيض عن أن الرئيس دونالد ترمب أرسلها إلى إردوغان في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عقب انطلاق العملية العسكرية في شرق الفرات، وبعد 3 أيام من قرار سحب القوات الأميركية والتي طالبه فيها بعدم التصرف كالمتصلب والأحمق في سوريا.
وجاء في رسالة ترمب: «أنت لا تريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح الآلاف من الناس، وأنا لا أريد أن أكون مسؤولاً عن تدمير الاقتصاد التركي... وسأفعل ذلك، سوف ينظر إليك التاريخ بشكل إيجابي إذا قمت بذلك بطريقة صحيحة وإنسانية، وسوف ينظر إليك إلى الأبد كشيطان إذا لم تحدث الأمور الجيدة».
وختم ترمب رسالته بالقول: «لا تكن رجلاً متصلباً. لا تكن أحمق»، مضيفاً: «سوف أتصل بك لاحقاً».
وقال مراقبون، إن الكشف عن الرسالة قبل مباحثات إردوغان وبنس استهدفت إظهار أن واشنطن عازمة على اتخاذ موقف حاسم تجاه الاجتياح التركي لشمال سوريا، وأن ترمب لم يعطِ الضوء الأخضر لإردوغان لإطلاق العملية العسكرية.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إن رسالة ترمب تخلو من أي دبلوماسية وتتنافى مع الأعراف المتبعة في علاقات الدول، وقد وضعها إردوغان في سلة المهملات، وإن الرد التركي تمثل في تجاهل الرسالة والاستمرار في العملية العسكرية وإعلان الرئيس التركي رفض أي محاولة أميركية للوساطة مع «قسد» أو وقف إطلاق النار حتى تحقق العملية العسكرية أهدافها في إقامة منطقة آمنة تمتد من منبج إلى حدود العراق.
وكان إردوغان تعهد، مراراً، باستمرار العملية العسكرية للجيش التركي في مناطق شمال وشرق سوريا، مؤكداً على أهدافها وهي إنشاء منطقة آمنة من مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، وصولاً إلى الحدود العراقية.
وقال إردوغان، في تصريحات نشرت أول من أمس،: «قلت لترمب إنه ليس من الصائب من حيث علم السياسة ومن حيث قانون الحرب أن تقوم دولة مثل أميركا بالتدخل في وساطة بين حليف لكم (تركيا)، وبين «تنظيم إرهابي» (قسد)».
في المقابل، اتفق الجانبان التركي والروسي على منع «المنظمات الإرهابية» من تهديد سلامة ووحدة الأراضي السورية. وذكر بيان صدر عن مكتب المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أنه التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، والوفد المرافق له في أنقرة، أمس، وبحث الجانبان آخر التطورات في سوريا، وعملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات، وقضايا استراتيجية، ومسار الحل السياسي، والتطورات المتعلقة بأعمال اللجنة الدستورية السورية. وجرى التأكيد خلال اللقاء على أن العملية تهدف لضمان تبديد المخاوف الأمنية التركية، وعودة اللاجئين السوريين بشكل آمن.
وأضاف البيان، أن الجانبين اتفقا على منع المنظمات الإرهابية بما فيها «قسد» و«داعش» من أن تشكل تهديداً لسلامة ووحدة الأراضي السورية، ومواصلة التعاون بين البلدين في هذا الصدد.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن روسيا وعدت أنقرة بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود التركية. وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أمس، إن روسيا «وعدت بألا يكون هناك وجود لحزب العمال الكردستاني أو وحدات حماية الشعب الكردية على الجانب الآخر من الحدود». وأضاف: «إذا أخرجت روسيا يرافقها الجيش السوري (جيش النظام) عناصر وحدات حماية الشعب من المنطقة فإننا لن نعارض ذلك».
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية قالت، إنه يجب أن تتولى سوريا السيطرة على حدودها مع تركيا ضمن أي تسوية للصراع في المنطقة في حين تواصل تركيا هجومها في شمال شرقي سوريا.
في الوقت ذاته، نفى كالين وجود أي لقاء رسمي أو اتصال مع النظام السوري. وقال إن العملية العسكرية تسير وفقاً للخطة المرسومة لها، وحققت نجاحات في يومها الثامن (أول من أمس) أكثر من المتوقع، وأن أجواء الاستقرار والأمن بدأت تظهر في المناطق التي تم تطهيرها من «الإرهابيين».
واعتبر أن حزب العمال الكردستاني وأذرعه في العراق وسوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، أدوات بيد القوى الدولية، قائلاً: «رأينا ذلك بكل وضوح في سوريا».
من جانبه، أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، تلقي بلاده معلومات حول اعتزام وحدات حماية الشعب الكردية استخدام أسلحة كيمائية واتهام القوات التركية بالوقوف وراء ذلك.
وتقدمت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها اليوم داخل رأس العين، وباتت تسيطر على نحو نصف مساحتها، بعد أسبوع من مقاومة شرسة من «قسد» وفق «المرصد السوري». وأعلن الجيش الوطني، أمس، السيطرة على قرى شلاح والعصفورية والبرقع وتل جمة وكاجو شرقي وتل عطاش والمناجير، بعد ساعات من سيطرته على صوامع العالية، ليكتمل بذلك الطوق حول مدينة رأس العين.
وتواصلت أمس في اليوم التاسع للعملية العسكرية التركية، الاشتباكات العنيفة على محاور بريف مدينة تل أبيض، بالتزامن مع قصف متبادل؛ ما أدى إلى خسائر بشرية في صفوف الجانبين.
من جانبه، استغل تنظيم «داعش» الإرهابي الغزو التركي للأراضي السورية، في إطلاق سراح عدد من المحتجزات التابعات للتنظيم، غرب مدينة الرقة.
وقالت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش»، في بيان أمس، إن عدداً من عناصر التنظيم الإرهابي تمكنوا من مهاجمة مقر تابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في قرية المحمودلي غربي الرقة، ونجحوا في إطلاق سراح مجموعة من الداعشيات.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.