غزوات المرأة لخزانة الرجل... مستمرة

العارضة بيلا حديد بالبدلة نفسها
العارضة بيلا حديد بالبدلة نفسها
TT

غزوات المرأة لخزانة الرجل... مستمرة

العارضة بيلا حديد بالبدلة نفسها
العارضة بيلا حديد بالبدلة نفسها

> قد يكون جيورجيو أرماني أكثر من ارتبط بالبدلة النسائية. كان ذلك عندما قدمها لها في أواخر السبعينات وتبنتها هي في الثمانينات لتصبح زيها الرسمي في أماكن العمل التي دخلتها لأول مرة تقريباً.
شكل أرماني حينها مدرسة مناسبة للمرأة العاملة. كانت رصينة بألوانها الترابية وقصاتها الكلاسيكية. كانت أيضاً مضادة لمدرسة مختلفة تماماً أرسى ملامحها مصمم إيطالي آخر من أبناء جيله، ألا وهو جياني فرساتشي. كانت تصاميمه مثيرة بقصاتها التي تكشف أكثر مما تخفي، كما كانت صارخة بألوانها ونقشاتها.
مرت السنوات ولم تعرف البدلة النسائية إقبالاً مماثلاً حتى دخل هادي سليمان دار «ديور» مصمماً لقسم الأزياء الرجالي. قبله كانت الدار تشتهر ببدلات رجالية كلاسيكية، تتوجه إلى رجال الأعمال والأثرياء أولاً وأخيراً، لكن هادي سليمان كان له رأي آخر. كان يريد أن يضع بصمته، لهذا وجه أنظاره نحو شريحة الشباب. استلهم من مغنيي موسيقى الروك أند رول، وبدأ يقدم بدلات مفصلة على الجسم، بل وضيقة للغاية لا تناسب أياً كان.
لم ترق لرجل شاب متعطش للموضة فحسب، بل أثارت فضول المرأة ورغبتها فيها أيضاً. كان لافتاً أن هذه المرأة بدأت تعرج على القسم الرجالي بمحلات «ديور» لاقتنائها هذه البدلات وتطويعها بشكل يناسبها.
ترك هادي سليمان الدار الفرنسية، لكن صورة البدلة لم تفارق خيال المرأة. المشكلة أن الموضة تتغير ومعها الأذواق، وهذا يعني أن البدلة التي كانت تناسب المرأة في بداية الألفية قد لا تروق لها الآن، الأمر الذي يستدعي الابتكار الدائم في تفاصيلها من دون تغيير أساسياتها. أمر يعرفه مصمم الدار الحالي كيم جونز جيداً. لا شك أنه مثل أي مصمم يدخل الدار الفرنسية، لا يرفض تكرار تجربة نجاح هادي سليمان، من ناحية جذب الجنس اللطيف، لكن يعرف أيضاً أن تكرار التصاميم نفسها أمر غير مقبول. من هذا المنظور، تبنى ألواناً تفتح النفس، في بدلات مفصلة بدقة. الجميل فيها أنها لا تشد الجسم بقدر ما تشد الانتباه بتفاصيل صغيرة ومؤثرة في الوقت ذاته.
صورة بيلا حديد في سترة من تشكيلته الخاصة بالرجل لربيع وصيف هذا العام، تُغني عن الكلام، لأنها تبدو كما لو فُصلت لها خصيصاً. لهذا لا نستغرب أن تروق لجيل جديد من الجنسين، لا يريد أن يعيش في «بدلات أبيه».



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.