ملكة السويد في لبنان... فستان بتوقيع إيلي صعب وعشاء في «أم شريف»

تختتم زيارتها اليوم بجولة سياحية في جبيل وجعيتا

الملكة سيلفيا تتألق بزي من توقيع إيلي صعب أثناء استقبالها من قبل سعد الحريري
الملكة سيلفيا تتألق بزي من توقيع إيلي صعب أثناء استقبالها من قبل سعد الحريري
TT

ملكة السويد في لبنان... فستان بتوقيع إيلي صعب وعشاء في «أم شريف»

الملكة سيلفيا تتألق بزي من توقيع إيلي صعب أثناء استقبالها من قبل سعد الحريري
الملكة سيلفيا تتألق بزي من توقيع إيلي صعب أثناء استقبالها من قبل سعد الحريري

شكّلت زيارة ملكة السويد إلى لبنان محطة بارزة على الأجندة الدبلوماسية لبلاد الأرز. وحملت هذه الزيارة التي استمرت نحو 4 أيام مفاجآت كثيرة لها بعد أن تعرّفت إلى طبيعة لبنان وأهله عن كثب، التي تقوم بهذه الزيارة لأول مرة منذ توليها عرش السويد حتى اليوم.
وحققت الملكة من خلال زيارتها هذه تقارباً لافتاً بين الشعبين السويدي واللبناني. فاستمعت إلى قصص ملهمة لنساء رائدات من لبنان، كما تناولت الطعام اللبناني الأصيل في مطعم «أم شريف» وتألقت ضمن حفل عشاء أقامته «مينتور العربية» بفستان من توقيع المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب.
تأتي خطوتها هذه تجاه لبنان من ضمن برنامجها السنوي لتفعيل مؤسسة «مينتور» العالمية التي ترأسها. وتشمل الكثير من الفعاليات والأنشطة التي تهدف إلى خلق مساحة حوار ليعبر من خلالها الشباب عن آرائهم في التحديات التي تواجههم في حياتهم اليومية من أجل مستقبل أفضل. وكان لها وقفة اجتماعية وإنسانية عندما أصغت باهتمام إلى الدور الذي تلعبه المرأة اللبنانية في زيادة الوعي تجاه السلوكيات الخطرة. وجاء ذلك خلال اجتماع عقدته في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أثنت خلاله رئيسة الهيئة كلودين عون روكز على توسيع الاهتمام العام بالمؤسسات غير الحكومية مثل «مينتور العربية» لتأثيرها الإيجابي على المجتمع بجميع فئاته.
ومن بين النشاطات التي قامت بها الملكة ضمن جولتها اللبنانية إطلاق منصة «إرشاد الشباب» في قاعة الأسمبلي هول في الجامعة الأميركية برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون ممثلاً بزوجته ناديا عون. وهي ثمرة الجهد الكبير من «مينتور عربية» والجامعة الأميركية مع «مجموعة زين و(MBC الأمل) - ذراع المسؤولية الاجتماعية والمؤسساتية لمجموعة «إم بي سي - الشريكين الاستراتيجيين لتمكين الأطفال والشباب وحمايتهم من السلوكيات الخطرة من خلال السياسات وتنمية القدرات وحملات التوعية ونشر المعرفة وتوطيد الشراكات. وأشارت الملكة سيلفيا في كلمة ألقتها في المناسبة بأن «برامج مينتور العربية تساعد في إنشاء مجتمع مستدام». وأضافت: «أنهي هذا الخطاب بتشجيعكم جميعاً على المشاركة الفعالة في خلق المستقبل الذي تودون رؤيته، سواء أكان ذلك كباحثين أو مطورين أو متطوعين كل داخل مظلة معلمه. فمعاً يمكننا تحقيق التغيير الحقيقي خطوة بخطوة من خلال العمل ليتمكن كل شاب من أن يعيش حياة صحية وهادفة ومزدهرة وربما في يوم من الأيام يصبح مرشداً للآخرين».
وكانت الجامعة الأميركية قد حضّرت مفاجأة للملكة خلال زيارتها هذه، فاستقبلتها طفلات سويديات تقمن مع ذويهن في لبنان. فعانقتهن بحرارة وبدت متأثرة جداً بهذه اللفتة من قبل الجامعة المذكورة. وخلال زيارتها إلى مدرسة رينيه معوض الرسمية في بيروت كان في انتظارها مفاجأة من نوع آخر تمثلت بإلقاء تحية ترحيبية عليها من قبل أحد تلامذة المدرسة وبلغتها الأم السويدية. فعبّرت عن امتنانها وسعادتها للترحيب الحار الذي يغمرها به الشعب اللبناني كما الشخصيات البارزة الذين التقتهم منذ وصولها إلى مطار بيروت.
وأقامت مؤسسة «مينتور العربية» حفل عشاء مساء أول من أمس في مركز «بافيون» للمعارض الواقع على الواجهة البحرية في بيروت. وتألقت الملكة بفستان بيج مطرزاً بخيوط الدانتيل الذهبية من توقيع المصمم العالمي إيلي صعب. ودعيت في المناسبة وجوهاً لبنانية بارزة من فنانين وسياسيين وإعلاميين. وأحيا الحفل الموسيقي ميشال فاضل والمغني المصري «أبو»، أحد سفراء مؤسسة «مينتور العربية» في الشرق الأوسط. وكانت ملكة السويد قد التقت قبلها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي اعتذر عن عدم حضور المناسبة لانشغاله بأحداث الحرائق التي عمّت مختلف المناطق اللبنانية فحضر الرئيس تمام سلام ممثلاً عنه. وجرى خلال الحفل تسليم جائزة «مينتور العربية للمبادرين الشباب» بدورتها الثانية.
وقام كل من وزيرة التربية الأردنية السابقة د. رويدا المعايطة والممثل التونسي ظافر العابدين بتسليم الجائزة للفائزة عن فئة الإناث السيدة مها العزيري، وهي شابة مغربية قامت بتأسيس منظمة لبناء المدارس في المناطق المحرومة في المغرب.
كما قام رئيس مجلس إدارة BDD محمد رباح ورئيس مجلس إدارة Ievents عمرو منسي بتسليم الجائزة للفائز عن فئة الذكور أحمد بايرام وهو شاب سوري قدم منصات للاجئين والمهاجرين لابتكار الأعمال وتمكينهم اقتصادياً.
وتحدث في المناسبة الأمير تركي بن طلال رئيس مجلس أمناء «مينتور العربية»، مشيراً إلى المسؤولية التي تلعبها المؤسسة في توجيه الشباب وإلهامهم على اتخاذ قرارات سليمة تحقّق إمكاناتهم.
وأبدت ملكة السويد سيلفيا بعد تذوقها الأكلات اللبنانية في مطعم «أم شريف» في منطقة السوديكو، إعجابها بالمازة اللبنانية الغنية بمكونات لذيذة وبالتنوع الذي يطغى عليها.
وتختتم ملكة السويد اليوم زيارتها إلى لبنان ضمن جولة تقوم بها على مدينة جبيل وبلدة جعيتا الكسروانية. وذلك وفقاً لبرنامج سياحي وضعته وزارة السياحة اللبنانية خصيصاً لزيارتها هذه، بهدف إطلاعها والوفد المرافق لها على أهم المناطق السياحية اللبنانية أملاً في عودتها مجدداً إلى ربوعه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».