علماء «كاوست» يطورون منصة لتوصيل تقنية «القص الجيني»

غلاف نانوي يتيح إدخالها إلى الخلية الحية

مواد مسامية نانوية تُكوِّن سقَّالة تشبه القفص على آلية «كريسبر-كاس9»
مواد مسامية نانوية تُكوِّن سقَّالة تشبه القفص على آلية «كريسبر-كاس9»
TT

علماء «كاوست» يطورون منصة لتوصيل تقنية «القص الجيني»

مواد مسامية نانوية تُكوِّن سقَّالة تشبه القفص على آلية «كريسبر-كاس9»
مواد مسامية نانوية تُكوِّن سقَّالة تشبه القفص على آلية «كريسبر-كاس9»

من شأن نظام توصيل جديد صُمم لإدخال تقنية القص الجيني إلى داخل الخلايا أن يساعد على تصحيح الطفرات المسببة للأمراض لدى المرضى بصورة آمنة وفعَّالة. والقص الجيني هو عملية تحرير المادة الوراثية، ويمكن تعريفه أنه بمثابة إعادة كتابة الحمض النووي، وذلك بتصميم أو استبدال أو حتى حذف الحمض النووي المعطوب.
ويُعَدُّ النظام، الذي طوره علماء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، هو الأول في استخدام المجموعات الشبيهة بالإسفنج المكوَّنة من أيونات المعادن والجزيئات العضوية في تغطية المكونات الجزيئية لتقنية قص الحمض النووي الدقيقة، التي تُعرف باسم «كريسبر - كاس9» (CRISPR - Cas9)، ما يسمح بالإطلاق الفعَّال لآلية تحرير الجينوم داخل الخلية. وتمتاز تقنية «كريسبر» التي تعتمد على إنزيم يُسمى Cas9 بكونها رخيصة التكلفة، وسهلة الاستعمال. يستخدم إنزيم Cas9 جزيئاً إرشادياً من الحمض النووي الريبي، بغرض استهداف الجزء المطلوب من الحمض النووي (DNA)، لتصحيح أحرفه. والهدف من كل ذلك هو القضاء على الأمراض، وإكساب النباتات قوة تحمُّل، والتخلص من مسببات الأمراض.
ووفقاً للدكتورة نيفين خشَّاب، الأستاذة المشاركة في مجال العلوم الكيميائية بكاوست التي قادت الدراسة، فإن هذه الطريقة تقدِّم مساراً سهلاً ومُـجدياً من الناحية الاقتصادية لتحسين مشكلات التوصيل المصاحبة للمناهج العلاجية القائمة على الحمض النووي الريبي. وتضيف: «قد يسمح ذلك باستخدام هذه التركيبات في المستقبل لعلاج الأمراض الوراثية على نحوٍ فعَّال».
تعاني تقنية «كريسبر - كاس9» مشكلة مزدوجة في التوصيل؛ فلكي تصبح تقنية القص الجيني أداة جزيئية متعددة الاستخدامات يجب العمل على إيصال كل من البروتين الكبير (وهو إنزيم القطع كاس9 ) ومكوِّن الحمض النووي الريبي ذي الشحن المرتفع (وهو الحمض النووي الريبي المرشِد المستخدم لاستهداف الحمض النووي) من خارج الخلية إلى السيتوبلازم (أحد مكونات الخلية ويتكون من عضيّات)، ثم أخيراً إلى النواة، وكل ذلك دون أن يعْلقا في الفقاقيع الصغيرة الموجودة داخل الخلايا، التي تُعرف باسم الجسيمات الداخلية.
ولحل هذه المشكلة، لجأت خشَّاب ومختبرها إلى نوع من المواد المسامية النانوية يُعرف باسم «إطار‏ الزيولايت والإيمادو زاليت»، الذي يكوِّن هيكلاً يشبه القفص يمكن وضع الجزيئات الأخرى داخله. وقد غلَّف الباحثون بروتين «كاس9» والحمض النووي الريبي المرشِد داخل هذه المادة، ومن ثَم أدخلوا الجسيمات النانوية الناتجة إلى خلايا حيوان القَداد.
تتسم بِنى «كريسبر - كاس9» المغلَّفة بكونها غير مسممة للخلايا. ولأن الجسيمات في مادة الغلاف تُشحَن بشحنة موجبة عندما تُـمتص إلى داخل الجسيمات الداخلية بالخلايا، فهي تتسبب في انفجار هذه الفقاعات المرتبطة بالغشاء، ما يحرر آلية «كريسبر - كاس9» ويسمح لها بالانتقال إلى النواة، وهي موطن جينوم الخلية. وفي النواة، تتمكن تقنية تحرير الجينات من العمل.
باستخدام الحمض النووي الريبي المرشِد المصمم لاستهداف جينٍ تَسبب في توهُّج الخلايا باللون الأخضر تحت ضوء الفلورسنت، كشفت خشَّاب وفريقها عن إمكانية تقليل تعبير هذا الجين بنسبة 37 في المائة على مدار أربعة أيام باستخدام تقنيتهم. وتقول المؤلفة الأولى للدراسة شهد السياري، وهي طالبة دكتوراه في مختبر خشَّاب: «هذه الهياكل الشبيهة بالأقفاص متوافقة حيويّاً ويمكن استحثاثها عند الطلب، ما يجعلها خيارات ذكية للتغلُّب على مشكلات توصيل المواد الجينية والبروتينات».
ويخطط الباحثون لاختبار نظامهم على خلايا الإنسان والفئران، كما يأملون في اختباره في نهاية المطاف عن طريق التجارب السريرية.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

علماء يرصدون نجماً يبتلع كوكباً

نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
TT

علماء يرصدون نجماً يبتلع كوكباً

نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)

شهد نجم، يقع بالقرب من كوكبة العقاب، تضخّماً طبيعياً غير متناسق؛ نظراً إلى كونه قديماً، جعله يبتلع الكوكب، الذي كان قريباً منه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وسبق لعلماء فلك أن رصدوا مؤشرات لمثل هذا الحدث، ولمسوا تبِعاته. وقال الباحث في «معهد كافلي» بـ«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)»، والمُعِدّ الرئيسي للدراسة، التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة «نيتشر»، كيشالاي دي، إن ما كان ينقصهم هو «ضبط النجم في هذه اللحظة خاصة، عندما يشهد كوكبٌ ما مصيراً مماثلاً». وهذا ما ينتظر الأرض، ولكن بعد نحو 5 مليارات سنة، عندما تقترب الشمس من نهاية وجودها بصفتها قزماً أصفر وتنتفخ لتصبح عملاقاً أحمر. في أحسن الأحوال، سيؤدي حجمها ودرجة حرارتها إلى تحويل الأرض إلى مجرّد صخرة كبيرة منصهرة. وفي أسوأ الأحوال، ستختفي بالكامل.
بدأ كل شيء، في مايو (أيار) 2020، عندما راقب كيشالاي دي، بكاميرا خاصة من «مرصد كالتك»، نجماً بدأ يلمع أكثر من المعتاد بمائة مرة، لمدة 10 أيام تقريباً، وكان يقع في المجرّة، على بُعد نحو 12 ألف سنة ضوئية من الأرض.
وكان يتوقع أن يقع على ما كان يبحث عنه، وهو أن يرصد نظاماً نجمياً ثنائياً يضم نجمين؛ أحدهما في المدار المحيط بالآخر. ويمزق النجم الأكبر غلاف الأصغر، ومع كل «قضمة» ينبعث نور.
وقال عالِم الفلك، خلال عرض للدراسة شارك فيها مُعِدّوها الآخرون، التابعون لمعهديْ «هارفارد سميثسونيان»، و«كالتك» الأميركيين للأبحاث، إن «الأمر بدا كأنه اندماج نجوم»، لكن تحليل الضوء، المنبعث من النجم، سيكشف عن وجود سُحب من الجزيئات شديدة البرودة، بحيث لا يمكن أن تأتي من اندماج النجوم.
وتبيَّن للفريق خصوصاً أن النجم «المشابه للشمس» أطلق كمية من الطاقة أقلّ بألف مرة مما كان سيُطلق لو اندمج مع نجم آخر. وهذه الكمية من الطاقة المكتشَفة تساوي تلك الخاصة بكوكب مثل المشتري.
وعلى النطاق الكوني، الذي يُحسب ببلايين السنين، كانت نهايته سريعة جداً، وخصوصاً أنه كان «قريباً جداً من النجم، فقد دار حوله في أقل من يوم»، على ما قال دي.
وبيّنت عملية الرصد أن غلاف الكوكب تمزّق بفعل قوى جاذبية النجم، لبضعة أشهر على الأكثر، قبل امتصاصه. وهذه المرحلة الأخيرة هي التي أنتجت وهجاً مضيئاً لمدة 10 أيام تقريباً.