شدّد مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا على أهمية احترام التنوع وقبول التعددية وتصحيح النظرة نحو الاختلافات الدينية، مشيراً إلى أن الحوار والتفاهم هما الميدان المناسب لبناء جسور المعرفة والثقة بين أتباع الأديان والثقافات من خلال برنامج واسع لتفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات وخصوصاً في المنظمات الدولية.
جاء ذلك خلال مشاركة المركز في اللقاء الدولي: «حوار العرب والأوروبيين التعايش السلمي... الفرص والتحديات: كيف يمكن للأشخاص من مختلف الديانات العيش بسلام معاً؟)، الذي أقامته المنظمة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بالتعاون مع شبكة «Oikosnet Europe» ومؤسسة «Sigtuna» في القاهرة أول من أمس.
ويهدف اللقاء الدولي إلى تبادل الآراء والتجارب بين العرب الأوروبيين؛ لتفعيل التعاون والعمل المشترك حول القضايا التي تشكل تهديدا حقيقيا وملموسا للنسيج والتماسك الاجتماعي في مناطق متعددة من العالم.
وأكد فيصل بن معمر الأمين العام لـ«مركز الملك عبد الله للحوار» أن اللقاء يشكّل فرصة مهمة؛ لمساندة برامج التعايش وبناء السلام وتجسير التواصل بما ينسجم مع رؤية المركز. وتساءل في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: «كيف يمكن للناس من مختلف الأديان العيش معا بسلام؟» وأجاب أن ذلك يكون عبر الحوار بوصفه استعدادا فطريا للتواصل والاستماع رغم الاختلافات؛ لافتا إلى أنه لولا الحوار والاختلاف لاختل توازن العالم ونظامه؛ لقدرتهما على فتح مسارات تجسّر سبل السلام وتؤسس مشاريع مشتركة لمعالجة أشد التحديات استعصاءً على العالم.
وركّز بن معمر على أنه لا سبيل لإجراء أي حوار إلا إذا تم احترام التنوع وقبول التعددية وصيانة المواطنة المشتركة؛ وتصحيح النظرة نحو الاختلافات الدينية، بوصفها جزءا لا يتجزَّأ من حياتنا على هذه الأرض، ثم التفكير في كيفية التعايش معها، والتكيُّف مع مقتضياتها ومتطلباتها بما يحقق التعارف الذي أمرنا به خالقنا؛ لفهم الآخر المختلف دينيا وثقافيا، والتعرف عليه، والتواصل والعيش معه بسلام وطمأنينة؛ كي لا يتحوّل الحوار والاختلافات إلى وبال على حياة البشر واستقرارهم.
وقال بن معمر: «مركز الحوار العالمي تأسس بمبادرة السعودية وبمشاركة النمسا وإسبانيا والفاتيكان كعضو مراقب، ومجلس إدارته المكون من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس، ويبلغ عدد أعضاء مجلسه الاستشاري 50 عضواً من 11 ديانة ومعتقدا، مختصين ومهتمين ببناء جسور الحوار وتعزيزها في أنحاء العالم لتقريب المسافات وإزالة جدران الخوف والحواجز النفسية؛ لأننا نؤمن أن الدين جزءٌ من الحل وليس أساس المشكلة، خصوصاً أن 84 في المائة من البشر لديهم انتماء ديني، جنبا إلى جنب مع تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات في بناء السلام والتعايش تحت مظلة المواطنة المشتركة».
وأشار إلى تطبيق المركز أنشطة تعزز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل السلام وترسيخ الحوار والتعايش في خمس مناطق عالمية: أوروبا والمنطقة العربية وجمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا وميانمار.
واستعرض جهود المركز ونجاحاته في إدارة الحوارات مع المجموعات الدينية في جمهورية أفريقيا الوسطى والمساهمة في إجراء المصالحات الوطنية بالحوار.
وتطرق إلى أن المركز عمل في أوروبا التي تتزايد فيها ظاهرة كراهية الإسلام ومعاداة السامية، على دعم إطلاق المجلس الإسلامي اليهودي، الذي تعمل من خلاله القيادات الدينية من 18 دولة يدا بيد من أجل حل القضايا المشتركة، وتعزيز المواطنة المشتركة، مع إطلاق برنامج اللاجئين في أوروبا للاندماج في نسيج المجتمعات المستضيفة.
وأشار إلى أن المركز أطلق مبادرة «مـتـحـدون لمـناهـضة الـعنف باسم الـدين» عام 2014، بعد عقد اجتماع تاريخي جمع القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين وغيرهم من جميع أنحاء العالم العربي؛ الذين شجبوا جميعا العنف المرتكب باسم الدين، وعزموا على العمل لمواجهته.
ولفت إلى تنفيذ المركز برنامجه العلمي والتطبيقي للحوار العالمي منذ عام 2015 «الزمالة» الذي سيحتفل خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل بتخريج 276 زميلا وزميلة من 59 دولة و9 ديانات ومعتقدات متنوعة، لنقل صورة ذهنية متجددة وحديثة عن فاعلية ثقافة الحوار والتعايش وبناء السلام بشكل علمي ومعرفي رصين، لبناء وتعزيز شخصية المشارك وفق أحدث المعايير.
مركز «الملك عبد الله للحوار» يشدد على أهمية تصحيح النظرة للاختلافات الدينية
مركز «الملك عبد الله للحوار» يشدد على أهمية تصحيح النظرة للاختلافات الدينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة