باحثون: إقامة السائحين في الفضاء لن تخلو من خطر الجراثيم

تستضيف المحطة الفضائية نحو 12 سائحاً كل عام

رائد فضاء «ناسا» يعمل خارج المحطة الفضائية الدولية (أ.ف.ب)
رائد فضاء «ناسا» يعمل خارج المحطة الفضائية الدولية (أ.ف.ب)
TT

باحثون: إقامة السائحين في الفضاء لن تخلو من خطر الجراثيم

رائد فضاء «ناسا» يعمل خارج المحطة الفضائية الدولية (أ.ف.ب)
رائد فضاء «ناسا» يعمل خارج المحطة الفضائية الدولية (أ.ف.ب)

اعتباراً من العام المقبل، تعتزم وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) استضافة سائحين على متن سفينة الفضاء الدولية.
لم يراعِ المسؤولون في الوكالة بعض الأمور الجوهرية لدى الإعلان الصيف الماضي عن بدء الرحلات السياحية لسفينة الفضاء، حيث أظهرت إحدى الدراسات أن هناك جراثيم في نظام مياه الشرب الخاص بالمحطة الدولية، وهي جراثيم لا تضر رواد الفضاء الأصحاء، ولكنها يمكن أن تمثل خطراً على الأشخاص ذوي نظام المناعة الأضعف.
وكان الباحثون البريطانيون قد نشروا نتائج هذه الدراسة في العدد الحالي من مجلة «مايكرو بايولوجي» العلمية، المعنية بأبحاث الكائنات الدقيقة. تدور محطة الفضاء الدولية منذ عام 2000 على ارتفاع نحو 400 كيلومتر من الأرض. زار المحطة أكثر من 200 شخص حتى الآن بالفعل، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
فحص معدو الدراسة تحت إشراف ماثيو وارجو من جامعة فيرمونت بمدينة برلينجتون الأميركية، عينات جلبها رواد الفضاء إلى وكالة «ناسا»، والتي جعلتها متوفرة للبحث العلمي. قال الباحثون إنهم عثروا في عينات الرقائق الحيوية (بيوفيلم) التي أخذت من مياه الصنبور وحاويات المياه الموجودة في محطة الفضاء على مزيج من الكائنات الحية المعهودة في محطات المياه الأرضية. تتضمن هذه الرقائق الحيوية الطبقة اللزجة التي تحتوي على الكائنات الدقيقة المعتاد وجودها في الجدار الداخلي لمواسير المياه أو زهريات الورود. وتدخل الطبقة اللزجة التي توجد أحياناً على الأسنان، اللويحة السِنية، ضمن هذا النطاق أيضاً.
وقال الباحثون إنه من المعروف عن البكتريا التي عثر عليها في نظام مياه الشرب الخاص بمحطة الفضاء الدولية أنها يمكن أن تتسبب في مرض الأشخاص ذوي النظام المناعي الضعيف. ورغم أن هذه الجراثيم لا تعني كثيراً بالنسبة للسياحة الفضائية، فإنها تمثل خطراً موجوداً بالفعل، ولو بحجم صغير. ولم يصل للمحطة منذ عام 2001 سوى سبعة رواد فضاء بصفة شخصية.
ومن المقرر أن تستضيف المحطة مستقبلاً نحو 12 سائحاً فضائياً كل عام. ولن ينعم هؤلاء السائحون بعطلة مترفة على متن المحطة، من الناحية المادية، حيث سيعيشون، على سبيل المثال، على المياه الناتجة عن معالجة البول. وسيضطر سائحو الفضاء للتكيف مع الضوضاء التي تحدثها بعض محركات التهوية بشكل دائم، وسينامون مربوطين إلى الحائط بأحزمة خاصة. كما أن قائمة الطعام المتوفرة على متن المحطة لن تروق لهم، على الأغلب، بشكل دائم. وفي المقابل سيتمتع هؤلاء بمناظر فريدة لا يمكن أن يروها على الأرض. وفقاً لخطط «ناسا»، فإن سعر الليلة على متن محطة الفضاء الدولية يبلغ نحو 35 ألف دولار، يضاف إليها تكاليف رحلتي الذهاب والإياب، والتي تزيد عن 50 مليون دولار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».