قمة مصرية ـ إثيوبية مرتقبة في روسيا لحلحلة أزمة «سد النهضة»

السيسي: نتعامل مع القضية بهدوء ونحتاج لوسيط دولي

TT

قمة مصرية ـ إثيوبية مرتقبة في روسيا لحلحلة أزمة «سد النهضة»

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، إنه سيلتقي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في روسيا قريبا لبحث الخلاف بشأن سد «النهضة» الذي تقوم أديس أبابا ببنائه على أحد الفروع الرئيسية لنهر النيل لتوليد الكهرباء، وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها في المياه.
ولم يحدد السيسي موعد اجتماعه برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لكن روسيا ستستضيف أول اجتماع قمة روسي - أفريقي في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وأوضح السيسي خلال ندوة تثقيفية للقوات المسلحة بالقاهرة أمس، «اتفقت مع رئيس الوزراء الإثيوبي أن نلتقي في موسكو ونتحدث في الموضوع كي نتحرك للأمام»، متمنيا أن تسير الأمور بما يؤدي إلى «حل المسألة».
وفي كلمته، حمل السيسي مجدداً الإضرابات التي أعقبت ثورة «25 يناير» عام 2011 في مصر، مسؤولية تفاقم أزمة سد النهضة، قائلا إن «لو لم تكن 2011 كان سيصبح لدينا فرصة في التوافق على بناء السد، وأن تصبح كل الاشتراطات المطلوبة تحقق المصلحة لنا ولأشقائنا في السودان وإثيوبيا ولم تكن أحادية».
وأضاف «لو لم تكن 2011 كان من الممكن أن يكون هناك اتفاق قوي وسهل من أجل إقامة هذا السد». ونوه إلى أنه «بدأ في التحرك عقب توليه المسؤولية (عام 2014)، وفي مارس (آذار) 2015 كان هناك لقاء مع القيادتين السودانية والإثيوبية في ذلك الوقت في الخرطوم، اتفق خلاله على اتفاق إطاري مكون من 10 نقاط، تتبقى نقطتان فيها ينتظر تحقيقهما، الأولى ضمنها أسلوب التشغيل أو أسلوب ملء الخزان وتشغيله وأنه لن يضر ضررا بالغا بمصر، والثانية أننا إذا لم نتوصل لاتفاق فإننا سنطالب بوجود وسيط دولي كي يُوجد حل لهذا الموضوع، وهذا هو المسار الذي نتحرك فيه الآن».
وقال «إننا كمصريين نتعامل مع أي قضايا بهدوء وبتوازن وحكمة، وبالفعل خلال السنوات الماضية لم نتوصل لاتفاق بخصوص سد النهضة، لذلك فإننا بحاجة إلى طرف رابع نحتكم إليه ونسمع له ونشرح له القضية ثم نرى ما هي الخطوة القادمة».
وأضاف السيسي أن «حصة مصر من المياه حاليا مع بلوغ عدد سكانها 100 مليون نسمة هي نفس الحصة التي كانت تحصل عليها عندما كان عدد سكانها 15 مليونا، ووفقا للمعايير الدولية نحن دخلنا في مستوى الفقر المائي للإنسان 500 متر في السنة، ونحن كدولة قمنا بإعداد خطة متكاملة منذ 2014 وحتى الآن، أنفقنا فيها ما يقرب من 200 مليار جنيه ؛ لإعادة تدوير المياه من خلال محطات معالجة ثلاثية متطورة عشان نقدر نستخدم المياه أكثر من مرة يعني تعظيم المتاح».
وتابع: «إننا نقوم بإنشاء حجم ضخم من محطات المياه بالتحلية، وهناك محطة في العلمين وأخرى في الجلالة ومحطة في شرق بورسعيد ومحطة في السخنة لإنتاج 150 ألف متر مكعب لكل محطة، نحن نتحدث عن مليون ونصف مليون متر في اليوم، هناك محطات أنشأناها للتحلية في شمال وجنوب سيناء وفي الغردقة وفي مطروح»، لافتا إلى أن هذه المشروعات ليست مقامة فقط لمجابهة سد النهضة، وإنما لتوفير المياه اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين».
وأشار إلى أنه تابع خلال الفترة الماضية التعليقات التي وردت على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص هذا الموضوع، ووجد أن هناك مبالغة كبيرة جدا في ردود الأفعال، مخاطبا الإعلاميين، قائلا «القضية لن تحل بهذا الشكل بل بالحوار وبالهدوء وهناك سيناريوهات مختلفة للتعامل مع كل موضوع».
وقال السيسي «إنني كرئيس للاتحاد الأفريقي ورئيس لمصر قمت بتهنئة رئيس وزراء إثيوبيا لحصوله على جائزة نوبل للسلام، لأن العلاقة بين مصر وإثيوبيا والسودان علاقة أشقاء والاعتدال والتوازن هو أساس التعامل فيما بيننا».
ويوم الجمعة الماضي تحدث السيسي وآبي هاتفيا بعد فوز رئيس الوزراء الإثيوبي بجائزة نوبل للسلام، كما هنأ السيسي آبي على «فيسبوك».
وقال بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الاتصال تضمن التأكيد على أهمية التغلب على أي عقبة في المفاوضات بشأن سد النهضة.
وتابع السيسي في كلمته أمس «الكثيرون يتساءلون لماذا يقوم الجيش المصري بشراء معدات كثيرة ومتقدمة... نحن نقول للجميع إن مصر ليست دولة معتدية أبدا ولا تسعى للتدخل في شؤون الآخرين... نحن دولة تريد أن تحافظ على حدودها وعلى أرضها وعلى أمنها القومي وعلى مصالحها».
وأضاف «كان من الضروري أن تكون هناك خطة لدى الجيش للحصول على معدات تمكنه من ملاحقة التطور الكبير الذي يحدث خلال العشرين سنة الأخيرة على الأقل في مجال نظم التسليح المختلفة... وأنا أقول إن هذا تحقق ولم نعلن عنه من باب أن مصر لا تريد إعطاء رسالة يفهمها الآخرون بشكل أو بآخر... ما أستطيع أن أقوله هو أن جيش مصر قادر وترتيبه متقدم جدا».
ويجري البلدان، بمشاركة السودان، مفاوضات مكوكية منذ نحو 8 سنوات، وقبل نحو أسبوع أعلنت مصر، وصول المفاوضات لـ«طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية». كما طالبت مصر بتدخل وسيط دولي في المفاوضات، وهو المقترح الذي وُوجه برفض إثيوبي قاطع.
وعلى صعيد متصل، عقد السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، أمس، اجتماعاً مع سفراء كل من ألمانيا وإيطاليا والصين، وهي الدول التي تعمل شركاتها في سد النهضة الإثيوبي.
وأعرب نائب وزير الخارجية، بحسب بيان أمس، عن «استياء مصر لمواصلة تلك الشركات العمل في السد، رغم عدم وجود دراسات حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذا السد على مصر، وكذلك رغم علمها بتعثر المفاوضات بسبب تشدد الجانب الإثيوبي».
واعتبر نائب وزير الخارجية أن «عدم إجراء الدراسات وعدم التوصل إلى اتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة يمثل مخالفة لالتزامات إثيوبيا، بموجب اتفاق إعلان المبادئ، وبموجب قواعد القانون الدولي».
وشدد نائب وزير الخارجية على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في التأكيد على التزام إثيوبيا بمبدأ عدم إحداث ضرر جسيم لمصر، والعمل على التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح مصر المائية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.