ترقب سعودي للفرص الاقتصادية في زيارة بوتين

العاصمة السعودية الرياض تستقبل وفداً روسياً رسمياً رفيعاً هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض تستقبل وفداً روسياً رسمياً رفيعاً هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
TT

ترقب سعودي للفرص الاقتصادية في زيارة بوتين

العاصمة السعودية الرياض تستقبل وفداً روسياً رسمياً رفيعاً هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض تستقبل وفداً روسياً رسمياً رفيعاً هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)

في خضم الأسبوع الحالي، يتفاعل الوسط الاقتصادي في السعودية بزيارة رسمية رفيعة المستوى يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ويرافقه وفد تجاري واستثماري ضخم للقاء النظراء السعوديين. ما الفائدة من التقارب المنتظر بين الجانبين، وإلى أي نقطة يمكن أن يصل هذا الاقتراب؟
البداية
كانت روسيا، وهي عملاق زراعة القمح، والصناعات العسكرية، وتصدير الزيت الأسود، من أوائل الدول التي اعترفت بالمملكة من خارج نطاق الدول العربية؛ وتحديداً في عام 1926، إبان كيانها السابق «جمهورية الاتحاد السوفياتي»، لكن عام 1990 كان نقطة فعلية لبدء العلاقة الحديثة مع كيانها المتبقي على أثر استقلال بلدان الاتحاد السوفياتي، لتظهر دولة «روسيا الاتحادية»، حيث صدر بيان مشترك وقتها يعلن استئناف الحياة الدبلوماسية بين البلدين على أسس ومبادئ ثابتة.
باتت العلاقات في وتيرة باردة لحين من الدهر، تخللتها تقلبات وتباينات في مراكز القوى والأحداث في العالم، إلا إن العقد الأخير شهد بداية تلمس السعودية مصلحتها الدولية في كل أرجاء العالم، وتحديداً مع التوجه شرقاً في آسيا؛ وبالأخص مع تلك القوى التي أخمد الزمن العلاقات معها، لتقشع فتور الاتصال والامتداد التواصلي معها؛ وفي طليعتها روسيا.
ويمكن القول إن زيارات المسؤولين في البلدين خلال العقد الأخير كان لها دور في تحريك المياه الراكدة، لا سيما زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حينما كان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي في عام 2015، إلى مدينة بطرسبرغ الروسية، التي التقى خلالها الرئيس الروسي بوتين؛ إذ ينظر إلى هذه الزيارة بأنها «أشعلت زخم انطلاقة الدم في شرايين العلاقة بين البلدين»، بل وعودتها للحياة والحيوية من جديد.
مصالح مشتركة
ويبدو أن عناية البلدين عبر مستويات رفيعة جاءت لتضطلع بتفاهمات واتفاقيات حيوية من باب تحسس المصالح وتجاهل السياسي، فانتهت الزيارة السياسية الرفيعة التي قادها الأمير الشاب باتفاقيات استراتيجية فتح بها قنوات التواصل لتثمر التعاون في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري، والتعاون في مجال الفضاء، بالإضافة إلى اتفاقيات تعاون في مجالات الإسكان والطاقة والاستثمار.
وفي يونيو (حزيران) من عام 2018، زار موسكو الأمير محمد بن سلمان، ولكن هذه المرة بصفته ولياً للعهد السعودي ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، حيث عقد لقاء مع الرئيس الروسي، وبحثا مجدداً القضايا الاقتصادية، واتفقا على مساهمة الصناديق السيادية في مشهد العلاقة المشتركة بين الطرفين.
وأبرز ما يمكن التطرق إليه سياسياً هنا، أن الأمير السعودي أكد مدى التقارب بين الدولتين والتوجه نحو تجاوز العراقيل والتحديات بين الجانبين، لكنه في المقابل لفت إلى أن التعاون بمجال السياسات النفطية بين البلدين «عاد بالخير على العالم أجمع». وأوضح أن روسيا والسعودية «قطعتا شوطاً كبيراً في تطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والصناعية والنفطية»، مضيفاً: «أعتقد أن مثل هذا العمل المثمر يمكن أن يقينا من الأخطار الكثيرة التي تتربص بنا، لذلك أرى أن العالم كله قد استفاد من هذا التعاون».
التبادل التجاري
وفي خضم سعي المملكة وروسيا للتقارب، فإن حجم التبادل التجاري بين الطرفين ظل ضئيلاً جداً ولا يرتقي لتطلعات قادة البلدين وما يبديانه من اهتمام بتقوية العلاقات المشتركة؛ وإذ لا توجد بيانات رسمية صادرة، فإن الإحصاءات الأخيرة المتداولة تفصح عن رقم تبادل تجاري متواضع جداً يقدر بـ500 مليون دولار فقط، رغم ارتفاعه بين البلدين بنسبة 72 في المائة. وهذا الحجم بالقطع لا يرتقي إلى مكانة الدولتين الاقتصادية والاستراتيجية على المستوى الدولي. وتبلغ حصة صادرات الروس إلى السعودية 350 مليون دولار مقابل صادرات سعودية بقيمة 150 مليون دولار. وترتكز الأنشطة والسلع التي تصدرها روسيا إلى المملكة على المواد الزراعية والغذائية وكذلك منتجات كيميائية، بينما تصدر السعودية إلى روسيا البلاستيك ومصنوعاته. ومعلوم أن روسيا تعد من أكبر البلدان في إنتاج القمح، كما يعد الإنتاج العسكري لديها من أكثر الصناعات المعروفة على مستوى العالم.
الوعد المنتظر
وفي ظل ما تشهده العلاقات الروسية - السعودية في السنوات الأخيرة من تطور ملحوظ، يتطلع الطرفان لتكثيف هذا الرقم المتواضع لحجم التبادل التجاري، في ظل تقديرات تشير إلى تخطي التعاون التجاري حاجز 10 مليارات دولار خلال 10 سنوات. وشهد الأسبوع الماضي إعلان الصندوق السيادي الروسي عن خطوة عملية تؤكد نية تفعيل العلاقات المشتركة في مجالات الاستثمار؛ إذ يعتزم افتتاح مكتب تمثيلي له في المملكة في خطوة هي الأولى من نوعها لهذا الصندوق على المستوى الدولي.
ونقلاً عن رئيس صندوق الثروة السيادي صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف، في تصريحات صحافية قبل أيام، فإن روسيا والسعودية تعتزمان توقيع 10 اتفاقيات بقيمة تزيد على ملياري دولار خلال زيارة الرئيس الروسي إلى السعودية. وبحسب ديمترييف فإن الاتفاقات المقرر توقيعها ستشمل قطاعات الزراعة والسكك الحديدية والأسمدة والبتروكيماويات.
رابط النفط
وفي غضون توثق العلاقات بين موسكو والرياض في السنوات الأخيرة، تعضد تأثير البلدين في المشهد النفطي، حيث تقود الدولتان بوصفهما المنتجين الأكبر للنفط في العالم، جهوداً جبارة لدعم استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية بموازنة قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» للمنتجين والمستهلكين.
ومع ازدياد العلاقات وتواصل المسؤولين من البلدين، أثمرت الجهود نجاح الرياض وموسكو في قيادة أسواق النفط إلى توقيع اتفاق تاريخي يعرف بصفقة «أوبك+» التي تتسق فيها مواقف منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) مع مجموعة دول خارجة عن المنظمة تقودها روسيا، وذلك لتحقيق التوازن في أسواق وأسعار النفط.
وينتظر أن تشمل زيارة الرئيس بوتين إلى المملكة توقيع 30 اتفاقاً؛ بعضها في مجال الطاقة، بحسب وزير الطاقة ألكسندر نوفاك، بينما يوضح كيريل ديمترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي، أن الزيارة التاريخية تؤكد أهمية دور روسيا بوصفها طرفاً فعالاً في تحقيق الاستقرار في المنطقة، كما ستتم مناقشة اتفاق «أوبك+» أيضاً أثناء الاجتماعات.
الاستراتيجي الاقتصادي
وبعيداً عن مدى الدور السياسي الذي تلعبه روسيا في يومنا هذا، خصوصاً مع نجاحاتها في تشكيل المحاور والتكتلات العالمية كما هو في بلدان «كومونولث المستقلة» و«الاتحاد الأوراسي» ومجموعة «بريكس»، وأخيراً المساهمة الفاعلة في تأسيس «أوبك+»... وغيرها، فإن السعودية وروسيا أبديتا نوايا مشتركة وعملاً دؤوباً لتقارب المواقف بين البلدين في كثير من القضايا الدولية والإقليمية، واضعتين نصب أعينها الهدف الاستراتيجي الاقتصادي.
لا تزال تؤمن السعودية بأن لدى روسيا مساحات واسعة من القدرات الاقتصادية التي يمكن التكامل معها، ولعب أدوار استراتيجية دولية، كما هو الأمر في الملف النفطي، حيث المؤشرات الأولية توحي بنجاح التعاون المشترك، لتبقى ملفات اقتصادية حيوية؛ بينها استخدام الطاقة النووية في مجالاتها المدنية المتعددة، بالإضافة إلى ملف الاستثمارات؛ إذ يحظى الطرفان بوجود صندوقين سياديين عملاقين يمكنهما عمل قفزات تنموية وتحديثية وتطويرية في القطاعات التي يستثمران بها.
أيضا في مجال الموارد والثروات الطبيعية الهائلة على الصعيد الزراعي، يمكن أن يكون اهتمام السعودية بالأمن الغذائي عنصراً مهماً في الاستفادة من ذلك، في مقابل ما يمكن أن تستفيد به روسيا من مقدرات الصناعة البتروكيماوية الضخمة لدى السعودية، بالإضافة إلى فرص الاستثمار في قطاع الأسمدة وتأجير الطائرات وتوصيل الأقمار الصناعية ومضخات التنقيب عن النفط.


مقالات ذات صلة

مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية: نمو السعودية 4.8 % في الربع الثالث

الاقتصاد الاقتصاد السعودي يواصل الأداء القوي مع تسارع النمو مدعوماً بتحسّن نشاط القطاع الخاص غير النفطي وارتفاع مستويات الإنتاج الصناعي (الشرق الأوسط)

مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية: نمو السعودية 4.8 % في الربع الثالث

تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى 4.8 في المائة على أساس سنوي، مسجلاً أعلى معدل نمو خلال العام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي خلال كلمته في ملتقى الأعمال بالرياض (الشرق الأوسط)

السعودية ضمن أكبر 10 دول مستثمرة في تونس بأكثر من 375 مليون دولار 

شهدت الاستثمارات السعودية في تونس نمواً متنامياً خلال الأعوام الأخيرة، حيث تعد المملكة ضمن أكبر 10 دول مستثمرة، بإجمالي يتجاوز 375 مليون دولار بنهاية عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد الطرقات في العاصمة الرياض (واس)

تنفيذ «المجموعة الثالثة» من تطوير طرق الرياض بقيمة 2.13 مليار دولار

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض بدء تنفيذ مشاريع «المجموعة الثالثة» من برنامج تطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسية في العاصمة، التي تشمل 6 مشاريع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى وزارة المالية السعودية بالعاصمة الرياض (واس)

«المالية» السعودية تتملك 86 % من أسهم «بن لادن» مقابل تسوية ديون

أقرّت الجمعية العمومية لمجموعة بن لادن القابضة زيادة رأسمال الشركة عبر تحويل الديون القائمة إلى أسهم، بما يمكّن وزارة المالية السعودية من تملك 86 % من الشركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موظفات في السعودية يقمن بعملهن (واس)

معدل البطالة الإجمالي في السعودية يسجل 3.4 % في الربع الثالث

سجّل معدل البطالة الإجمالي للسعوديين وغير السعوديين في المملكة انخفاضاً سنوياً بمقدار 0.3 نقطة مئوية خلال الربع الثالث من عام 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

استقرار الأسهم الأوروبية قرب مستوياتها القياسية قبيل نهاية العام

رسم بياني لمؤشر أسهم «داكس» الألماني في بورصة الأوراق المالية في فرنكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسهم «داكس» الألماني في بورصة الأوراق المالية في فرنكفورت (رويترز)
TT

استقرار الأسهم الأوروبية قرب مستوياتها القياسية قبيل نهاية العام

رسم بياني لمؤشر أسهم «داكس» الألماني في بورصة الأوراق المالية في فرنكفورت (رويترز)
رسم بياني لمؤشر أسهم «داكس» الألماني في بورصة الأوراق المالية في فرنكفورت (رويترز)

استقرت الأسهم الأوروبية، يوم الثلاثاء، بعد أن سجل المؤشر القياسي مستويات قياسية في الجلسة السابقة، وسط حذر المستثمرين في الأسبوع الأخير من عام 2025.

وصعد مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.08 في المائة ليصل إلى 589.69 نقطة عند الساعة 08:14 بتوقيت غرينتش، محلقاً قرب أعلى مستوياته على الإطلاق. ومن المتوقع أن يسجل المؤشر مكاسب قوية على المستويات الشهرية والربع سنوية والسنوية مع اقتراب العام من نهايته، وفق «رويترز».

وشهدت الأسواق الإقليمية الرئيسية يوم الثلاثاء تحركات هادئة؛ حيث ارتفع المؤشر القياسي في لندن بنسبة 0.1 في المائة، بينما تراجعت الأسهم الفرنسية بنسبة 0.1 في المائة.

وتصدرت أسهم الموارد الأساسية قائمة الرابحين في مؤشر «ستوكس 600»، بارتفاع قدره 1.04 في المائة، في ظل استقرار أسعار الذهب والفضة بعد موجة تراجع حادة من مستويات قياسية. كما ارتفعت أسهم البنوك بنسبة 0.7 في المائة، بينما سجل قطاعا الطيران والدفاع زيادة طفيفة بنسبة 0.2 في المائة.

في المقابل، أسهمت أسهم قطاعي الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية في الضغط على المؤشر؛ حيث تراجعت بنسبة 0.1 في المائة و0.2 في المائة على التوالي.

ويتوقع أن يكون التداول هذا الأسبوع ضعيفاً نظراً لقصر فترة التعاملات بسبب عطلة رأس السنة، ومع محدودية الأخبار المتعلقة بالشركات وقلة المحفزات السوقية، من المرجح أن يتركز اهتمام المستثمرين بشكل أكبر على محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، المقرر صدوره في وقت لاحق من اليوم.


الهند تتخطى اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي وتتطلع إلى إزاحة ألمانيا

رجل يمشي على الواجهة البحرية فيما تظهر بعض الغيوم المتفرقة في أفق مومباي (رويترز)
رجل يمشي على الواجهة البحرية فيما تظهر بعض الغيوم المتفرقة في أفق مومباي (رويترز)
TT

الهند تتخطى اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي وتتطلع إلى إزاحة ألمانيا

رجل يمشي على الواجهة البحرية فيما تظهر بعض الغيوم المتفرقة في أفق مومباي (رويترز)
رجل يمشي على الواجهة البحرية فيما تظهر بعض الغيوم المتفرقة في أفق مومباي (رويترز)

تجاوزت الهند اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، ويأمل المسؤولون الهنود في تجاوز ألمانيا خلال ثلاث سنوات، وفقاً لتقديرات المراجعة الاقتصادية الحكومية في نهاية العام.

ومع ذلك، يعتمد التأكيد الرسمي على البيانات النهائية للناتج المحلي الإجمالي السنوي، المقرر صدورها في عام 2026، حيث يشير صندوق النقد الدولي إلى أن الهند ستتجاوز اليابان خلال العام المقبل، وفق «وكالة الأنباء الفرنسية».

وجاء في مذكرة الإحاطة الاقتصادية الحكومية، الصادرة مساء الاثنين: «تُعد الهند من بين أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً في العالم، وهي في وضع جيد للحفاظ على هذا الزخم».

ووفقاً للمذكرة، فإن الناتج المحلي الإجمالي للهند بلغ 4.18 تريليون دولار، متجاوزاً اليابان، ما يجعلها رابع أكبر اقتصاد عالمي، مع توقعات بإزاحة ألمانيا من المركز الثالث خلال عامين ونصف العام إلى ثلاثة أعوام، ووصول الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.3 تريليون دولار بحلول عام 2030.

وتشير توقعات صندوق النقد الدولي لعام 2026 إلى أن حجم الاقتصاد الهندي سيبلغ 4.51 تريليون دولار، مقارنةً بـ4.46 تريليون دولار لليابان. ويأتي هذا التقييم المتفائل على الرغم من المخاوف الاقتصادية الناتجة عن فرض واشنطن في أغسطس (آب) رسوماً جمركية عالية على مشتريات الهند من النفط الروسي. وأكدت نيودلهي أن استمرار النمو يعكس «مرونتها في ظل حالة عدم اليقين المستمرة في التجارة العالمية».

غير أن مؤشرات أخرى تقدم صورة أقل تفاؤلاً؛ فمن حيث عدد السكان تفوقت الهند على جارتها الصين، لتصبح الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في عام 2023. أما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند فبلغ 2694 دولاراً في 2024، أي أقل بـ12 مرة من نظيره في اليابان (32487 دولاراً) وأقل بـ20 مرة من نظيره في ألمانيا (56103 دولارات).

وأظهرت الأرقام الحكومية أن أكثر من ربع سكان الهند، البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، تتراوح أعمارهم بين 10 و26 عاماً، ويواجه الاقتصاد تحدياً كبيراً في توفير وظائف ذات رواتب مجزية لملايين الخريجين الشباب. وأكدت المذكرة: «بوصفها إحدى أحدث دول العالم، فإن قصة نمو الهند تتشكل بقدرتها على توفير فرص عمل نوعية تستوعب بكفاءة القوى العاملة المتنامية وتحقق نمواً شاملاً ومستداماً».

وكشف رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، هذا العام عن تخفيضات واسعة النطاق في ضرائب الاستهلاك، ودفع بإصلاحات في قانون العمل، بعد أن بلغ النمو الاقتصادي أدنى مستوى له في أربع سنوات خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في 31 مارس (آذار).

وسجلت الروبية الهندية أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، بعد أن انخفضت بنحو 5 في المائة خلال 2025، نتيجة المخاوف بشأن عدم التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن وتأثير الرسوم على صادرات البلاد. وكانت الهند قد أصبحت خامس أكبر اقتصاد في العالم عام 2022، عندما تجاوز ناتجها المحلي الإجمالي ناتج بريطانيا، وفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي.


«ميتا» تستحوذ على «مانوس» الصينية لتعزيز الذكاء الاصطناعي المتقدم

شعار «ميتا» (رويترز)
شعار «ميتا» (رويترز)
TT

«ميتا» تستحوذ على «مانوس» الصينية لتعزيز الذكاء الاصطناعي المتقدم

شعار «ميتا» (رويترز)
شعار «ميتا» (رويترز)

أعلنت «ميتا»، يوم الاثنين، أنها ستستحوذ على شركة مانوس الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار تسريع جهود عملاق التكنولوجيا لدمج الذكاء الاصطناعي المتقدم عبر منصاتها. ولم تُكشف الشروط المالية للصفقة مع «مانوس»، لكنّ مصدراً مطلعاً على الأمر أفاد بأن قيمة الصفقة تُقدّر بما بين ملياري دولار و3 مليارات دولار. وكانت «مانوس»، التي وُصفت سابقاً بأنها خليفة «ديب سيك» الصينية، قد حققت انتشاراً واسعاً في وقت سابق من هذا العام على منصة «إكس» بعد إطلاقها ما زعمت أنه أول وكيل ذكاء اصطناعي عام في العالم، قادر على اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام بشكل مستقل، مع الحاجة إلى توجيهات أقل بكثير من روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

وأبدت بكين اهتماماً بدعم شركة مانوس، التي تدّعي أن أداء نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها يتفوق على أداء نظام «ديب ريسيرش» التابع لشركة «أوبن إيه آي». كما أبرمت الشركة شراكة استراتيجية مع «علي بابا» للتعاون في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما. وصرحت شركة «ميتا» بأنها ستتولى تشغيل وبيع خدمة «مانوس»، ودمجها في منتجاتها الموجهة للمستهلكين والشركات، بما في ذلك منصة «ميتا» للذكاء الاصطناعي. وتُكثّف شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «ميتا»، استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال عمليات الاستحواذ الاستراتيجية واستقطاب الكفاءات، في ظل المنافسة الشديدة التي تشهدها هذه الصناعة.

وفي وقت سابق من هذا العام، استثمرت الشركة المالكة لـ«فيسبوك» في شركة «سكيل إيه آي»، في صفقة قُدّرت قيمة الشركة الناشئة المتخصصة في تصنيف البيانات فيها بـ29 مليار دولار، وجلبت معها الرئيس التنفيذي الشاب ألكسندر وانغ، البالغ من العمر 28 عاماً. وجمعت «مانوس»، المدعومة من شركتها الأم «بكين باترفلاي إيفيكت تكنولوجي»، 75 مليون دولار هذا العام، بقيمة سوقية تُقدّر بنحو 500 مليون دولار، وفقاً لتقارير إعلامية. وقادت شركة بنشمارك الأميركية للاستثمار الجريء جولة التمويل. وتُعدّ هذه الشركة واحدة من بين العديد من الشركات الصينية التي اتخذت من سنغافورة مقراً لها في السنوات الأخيرة، مُراهنة على أن الانتقال إلى هذه المدينة ذات التوجه التجاري سيُقلل من مخاطر تعرّض عملياتها للاضطراب نتيجة التوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة.