انفجار «غامض» على متن ناقلة إيرانية في البحر الأحمر

طهران تحدثت عن تعرضها لـ«هجوم صاروخي»

الناقلة الإيرانية {سابيتي} التي تعرضت لانفجار غامض خلال إبحارها في البحر الأحمر أمس (رويترز)
الناقلة الإيرانية {سابيتي} التي تعرضت لانفجار غامض خلال إبحارها في البحر الأحمر أمس (رويترز)
TT

انفجار «غامض» على متن ناقلة إيرانية في البحر الأحمر

الناقلة الإيرانية {سابيتي} التي تعرضت لانفجار غامض خلال إبحارها في البحر الأحمر أمس (رويترز)
الناقلة الإيرانية {سابيتي} التي تعرضت لانفجار غامض خلال إبحارها في البحر الأحمر أمس (رويترز)

أثارت إيران لغطاً واسعاً، أمس، عندما نشرت وسائل إعلام تابعة لها تقارير عن تعرض ناقلة نفط مملوكة لحكومة طهران إلى ضربتين يُشتبه في أنهما «صاروخيتان» في البحر الأحمر. وفي حين أدى الحادث الغامض إلى ارتفاع فوري في أسعار النفط، لاحظت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن هذه أول حادثة استهداف لسفينة تابعة للحكومة الإيرانية منذ سلسلة هجمات شهدتها منطقة الخليج وحمّلت واشنطن طهران مسؤوليتها.
وقالت الشركة الإيرانية المالكة للناقلة إن جسم السفينة تعرض لانفجارين منفصلين على بعد نحو 100 كلم من سواحل المملكة العربية السعودية، ما أدى إلى الحاق أضرار بأحد صهريجي الناقلة. وذكرت الشركة أن الناقلة المستهدفة هي «سابيتي»، ورجّحت أن يكون الانفجاران على متنها ناجمين عن «ضربات صاروخية»، بحسب ما أشارت إليه «وكالة الصحافة الفرنسية». وأكدت الشركة أن «جميع أفراد الطاقم سالمون، والسفينة مستقرّة كذلك»، مضيفة أن العمل جارٍ لإصلاح الناقلة التي تسرّب النفط منها إلى البحر الأحمر.
وذكر الأسطول الخامس الأميركي الذي يعمل في المنطقة أنه عَلِم بالأنباء المتعلقة
بالناقلة الإيرانية، لكن ليس لديه المزيد من المعلومات، فيما أشارت وكالة «رويترز» إلى أن بيانات مؤسسة «رفينيتيف» لرصد السفن أظهرت أن الناقلة الإيرانية كانت تبحر جنوب البحر الأحمر، وتتجه باستخدام محركها إلى جزيرة لارك قبالة الساحل الجنوبي لإيران.

ولم يصدر أي تأكيد من جهات مستقلة إلى أن ما حصل كان نتيجة هجوم صاروخي بالفعل، وليس نتيجة حادثة وقعت على متن السفينة الإيرانية.
من جهتها، أوضحت وزارة الخارجية الإيرانية أن الناقلة تعرضت للهجوم «من موقع قريب من الممر حيث كانت تبحر، شرق البحر الأحمر». ونقلت «الوكالة الفرنسية» عن المتحدث باسم الوزارة عبّاس موسوي إن «مرتكبي هذا العمل المتهوّر يتحملون مسؤولية هذه الحادثة، بما في ذلك التلوّث البيئي الجدّي» الذي تسببت به، مضيفاً أن التحقيقات لا تزال جارية.
وأفاد موقع «تانكر تراكرز» المتخصص في تعقّب حركة ناقلات النفط بأن الناقلة كانت محمّلة بمليون برميل نفط، وكانت وجهتها الأخيرة منطقة الخليج. بدوره، لم يستبعد التلفزيون الإيراني الرسمي أن تكون الحادثة ناجمة عن «هجوم إرهابي»، بحسب تقرير «الوكالة الفرنسية» التي أشارت إلى أن صوراً بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني أظهرت سطح السفينة من دون أن تظهر عليه أي أضرار واضحة.
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من اثنين في المائة على وقع الحادثة، التي أثارت مخاوف جديدة بشأن الإمدادات، وسط ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة. وقال المحلل في مجموعة «إس إي بي»، بيارن شيلدروب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهجوم «يصبّ الزيت على النار في الشرق الأوسط». أما المحلل في شركة «نورديا ماركتس»، ثينا مارغيثي سالتفيدت، فقال إن ما يثير قلق المتعاملين ليس حيثيات الحادث الأخير «بل ما يمكن أن ينتج عنه».
وأضاف أن «التأمين على المخاطر يرتفع... ليس لأن الناقلة تحتوي على كمية من النفط يمكن أن تضغط على السوق، ولكن بسبب المخاوف من حدوث هجمات أخرى».
وذكرت وكالة «رويترز» أن أسعار النفط ارتفعت إلى 60.65 دولار للبرميل عقب حادثة الناقلة في البحر الأحمر. وسجل خاما النفط القياسيان أكبر ارتفاع يومي منذ 16 سبتمبر (أيلول). وتخضع صادرات النفط الإيرانية لعقوبات أميركية مما يقلص أثر إيران على الإمدادات العالمية.
ويأتي الهجوم المفترض على الناقلة الإيرانية، أمس، بعد أسابيع فقط من تعرّض منشأتين نفطيتين في السعودية تابعتين لمجموعة «أرامكو» إلى هجمات تسببت بخفض الإنتاج العالمي للنفط، بنسبة خمسة في المائة.
وشهدت منطقة الخليج ومحيطها خلال الشهور الماضية عمليات شملت احتجاز سفن إيرانية وغربية، على حد سواء.
وفي مسعى لتأمين حركة الملاحة في المنطقة، شكّلت الولايات المتحدة تحالفاً بحرياً لمرافقة السفن التجارية التي تمرّ عبر مضيق هرمز الاستراتيجي. وانضمت كل من أستراليا والبحرين وبريطانيا والسعودية والإمارات إلى التحالف.
وكانت حادثة الجمعة هي الأولى المرتبطة بسفينة إيرانية منذ تعطّلت سفينة «هابينس 1» قرب المنطقة ذاتها في مطلع مايو (أيار). وتم إصلاح هذه السفينة في السعودية، وبقيت في المملكة حتى 21 يوليو (تموز).
وفي أول رد فعل دولي على حادثة الناقلة الإيرانية في البحر الأحمر، دعت الصين جميع الأطراف إلى «ضبط النفس»، في ظل وضع «معقّد وحساس للغاية» في الخليج، فيما نقلت «وكالة الإعلام الروسية» عن وزارة الخارجية قولها إن من السابق لأوانه إلقاء اللوم على أي جهة بشأن الانفجار في ناقلة النفط الإيرانية.
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي تم تخفيف العقوبات عنها بموجبه مقابل وضعها قيوداً على برنامجها النووي.
وأواخر الشهر الماضي، وصلت ناقلة النفط «ستينا إمبيرو» التي كانت ترفع العلم البريطاني إلى دبي بعدما احتجزت مع أفراد طاقمها في إيران لأكثر من شهرين. واحتجز الحرس الثوري الإيراني السفينة في مضيق هرمز بتاريخ 19 يوليو، واقتادها إلى ميناء بندر عباس. وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن طهران اتهمت الناقلة البريطانية بتجاهل نداءات الاستغاثة وإطفاء جهاز الإرسال بعدما اصطدمت بقارب صيد، لكن كثيرين رأوا في عملية الاحتجاز خطوة انتقامية بعدما احتجزت سلطات جبل طارق ناقلة نفط إيرانية للاشتباه بأنها كانت تنقل النفط إلى سوريا في خرق للعقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي. ونفت إيران مراراً وجود أي صلة بين الحادثتين.
وفي أوج الأزمة، أمر ترمب بشن ضربات انتقامية ضد إيران، بعدما أسقطت إيران طائرة أميركية مسيّرة قبل أن يتراجع في اللحظة الأخيرة.



طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
TT

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

انتقدت طهران تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن خطورة البرنامج النووي الإيراني، وما تشكله من تحدي أمني استراتيجي في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الكلام «لا أساس له، ومتناقض، ويستند إلى تكهنات»، كما وصف كلام ماكرون بشأن البرنامج النووي الإيراني بـ«المخادعة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ بقائي أن البرنامج الإيراني «سلمي ويندرج في إطار القانون الدولي».

وكان ماكرون قد قال، الثلاثاء، أمام السفراء الفرنسيين في الإليزيه: «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير».

إيمانويل ماكرون (رويترز)

«سناب باك»

وحذَّر من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى نقطة الانهيار»، مشدداً على أن موضوع إيران سيكون من الأولويات في الحوار الذي سيباشره مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب.

وحذَّر من أن الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران يجب أن يفكروا في معاودة فرض العقوبات، إذا لم يتحقق أي تقدم، وذلك في إشارة إلى آلية «سناب باك».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على «إكس»، اليوم (الأربعاء): «الادعاءات الكاذبة التي تسوقها حكومة رفضت الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ولعبت دوراً رئيسياً في حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، خادعة ومبالغ فيها». وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تملك أسلحة نووية وقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصناعة سلاح نووي.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية. بينما تنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وافقت فيه إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الدولية.

اجتماع أوروبي - إيراني

ومن المقرر أن يعقد دبلوماسيون فرنسيون وألمان وبريطانيون اجتماع متابعة مع نظرائهم الإيرانيين، في 13 يناير (كانون الثاني)، بعد اجتماع انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة إمكان إجراء مفاوضات جادة في الأشهر المقبلة.

وتسعى طهران إلى نزع فتيل التوتر مع الأوروبيين، قبيل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

ولم يذكر بقائي تعليق وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بشأن 3 مواطنين فرنسيين محتجزين في إيران.

وقال بارو، أمس (الثلاثاء)، إن العلاقات المستقبلية مع طهران وأي رفع للعقوبات على إيران سيعتمد على إطلاق سراحهم.

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل ما يُسمى بآلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ومن المقرر أن ينقضي مفعول آلية «سناب باك» في 18 أكتوبر (تشرين الأول) مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وتخشى طهران أن تقدم القوى الأوروبية الثلاثة على مثل هذه الخطوة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عودة ترمب

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً أن تشكيلة إدارته ستضم عدداً من المسؤولين الذين يتخذون موقفاً متشدداً إزاء طهران. وانسحب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما في عام 2015 ما أدى إلى انهياره.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات مع إيران؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

وقد بعثت كل من إدارة ترمب المقبلة وطهران رسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير.