مسؤولون في تعز يرحبون بمبادرة حوثية ويسخرون من طلب «فتح المعابر»

البحر: الميليشيات لم تحقق أهدافها في المحافظة ولن تستطيع

غالونات لتعبئة المياه في صنعاء التي يعاني أهلها من شح في المياه الصالحة للشرب (رويترز)
غالونات لتعبئة المياه في صنعاء التي يعاني أهلها من شح في المياه الصالحة للشرب (رويترز)
TT

مسؤولون في تعز يرحبون بمبادرة حوثية ويسخرون من طلب «فتح المعابر»

غالونات لتعبئة المياه في صنعاء التي يعاني أهلها من شح في المياه الصالحة للشرب (رويترز)
غالونات لتعبئة المياه في صنعاء التي يعاني أهلها من شح في المياه الصالحة للشرب (رويترز)

في الوقت الذي يجري الحديث، خلال اليومين الماضيين، عن إحياء اتفاق فتح المعابر في مدينة تعز، المحاصرة من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية منذ خمسة أعوام، وهو الحديث الذي تروج له ميليشيات الانقلاب بأنها تقدمت بمبادرة لفتح الطرق إلى مدينة تعز وتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، رحبت السلطة المحلية في المبادرة وأكدت التزامها بدعم كل الجهود الهادفة لكسر الحصار عن المدينة وفتح المنافذ والطرقات أمام المواطنين، في الوقت الذي سخرت فيه من طلب الميليشيات الانقلابية بالموافقة على فتح المعابر.
وحصلت «الشرق الأوسط»، على وثيقة عنوانها «محضر تنفيذ فتح الطريق إلى مدينة تعز وتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وفق الاتفاق الموقع عليه في 16 أبريل (نيسان) 2016. والذي احتوى على عدد من البنود، بما فيها «يتم فتح طريق يصل مدينة تعز بخط «الراهدة – عدن»، و«تعز – إب – صنعاء»، من خلال خط الحوبان»، وأن «يكون الخروج من مدينة تعز أو الدخول إليها من خلال خط الحوبان (الخاضع لسيطرة الانقلابيين) الذي يمر عبر جولة فندق سوفياتيل مرورا إلى جولة القصر لنفذ عبر عقبة منيف حوض الأشراف، أو من جولة فندق سوفياتيل إلى جولة القصر مرورا بوادي صالة وصولا إلى منطقة صالة ثم إلى حي الجحملية».
كما ذكرت الوثيقة أن «يتم تبادل الأسرى والمعتقلين على ما تم الاتفاق والتوقيع عليه بين الطرفين بتاريخ 21 سبتمبر (أيلول) 2017».
وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، علق العقيد عبد الباسط البحر، نائب ركن التوجيه المعنوي بمحور تعز العسكري، بالقول بأن «الحوثيين هم من يحاصرون تعز منذ 5 سنوات طمعا في إذلالها وكانوا ينكرون ذلك ويأتون بعذر وكلام غير معقول أن تعز تحاصر نفسها بنفسها، فكونهم اليوم ينوون كما يزعمون مناقشة فك الحصار فهو تأكيد واعتراف رسمي منهم بجريمتهم ضد الإنسانية وبعقابهم الجماعي للمواطنين وهي جريمة حرب مكتملة الأركان يجب محاكمتهم عليها لا شكرهم، وكما هي عادتهم وأسلوبهم أن يحولوا جرائمهم إلى منح يشكرون عليها».
وأضاف «لا نعتقد أن الميليشيات استطاعت تحقيق هدفها من الحصار ولن تستطيع بإخضاع وإذلال أبناء تعز وأحرارها المدنيين أو الحصول على مكاسب سياسية أو عسكرية عجزت عن الحصول عليها من خلال الحرب»، و«من صياغة الوثيقة يبدو أنها غير صادقة وفيها لغة كيدية غير جادة، ونحن لا ندري تفصيلا بما يدور بين الحوثيين والمتحوثين في مقائلهم (جلساتهم) في الحوبان وإب من نقاشات على وجه الدقة وهل كان فعلا موضوع فك الحصار عن تعز من ضمن ذلك؟!».
وتابع «نحن نرحب ونسهل بكل ما من شأنه تسهيل مرور المواطنين ورفع الحصار عنهم وكما ذكر الحوثي هو من يحاصرهم أما من جانب الشرعية والجيش الوطني فالمعابر مفتوحة ومؤمنة تماما ولا يوجد لدينا أي إشكال في ذلك، والألغام والقناصات والحواجز الترابية والخرسانية والعسكرية هي من اتجاه الميليشيات الانقلابية الحوثية والجميع في الداخل والإقليم والعالم بما فيها المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومبعوثها لليمن يعلمون ذلك جيدا».
وأكد البحر في مجمل تصريحاته أن «موضوع حصار تعز كان مطروحا في كل الحوارات والمفاوضات مع ميليشيات الحوثي الانقلابية وكانت دائما إما تتعنت فيه أو توافق عليه ثم تنقض الاتفاق قبل أن يجف حبره. وفي 16 أبريل (نيسان) 2016 تم التوقيع برعاية أممية على اتفاق لفتح المعابر في ظهران الجنوب السعودية وتشكلت لجنة من الطرفين للإشراف على التنفيذ ولكنها للأسف اصطدمت بتعنت الحوثيين ورفضهم كل ما وقعوا عليه والتزموا به».
وقال «يجري الحديث الآن عن إحياء تلك الاتفاقات من قبل الحوثة والمتحوثين بشروط يضعونهاـ وفي الوقت الذي نرحب فيه بأي حلحلة لهذا الموضوع الإنساني إلا أننا من تجاربنا السابقة مع هذه الميليشيات لا نتوقع حدوث تقدم فيه أبدا حتى تضع الحرب أوزارها أو يفتحه أبناء تعز بطريقتهم بما فيها القوة لأننا ندرك يقينا مراوغات هذه الميليشيات ومتاجرتها بالمعاناة الإنسانية للاستهلاك الإعلامي والتسويق الخارجي والأممي فقط لا غير دون حدوث تقدم يذكر وحقيقي على الأرض، وما اتفاق استوكهولم عنا ببعيد فها هو وبعد مضي ما يقرب العام من التزام وتعهد الحوثيين بتطبيقه في الحديدة لا يزال يراوح مكانه أو يتم تطبيقه بطريقتهم الخاصة والتي تفرغه تماما من محتواه وتجعله في إطارهم وحكرا عليهم وفي صالحهم دون مراعاة لبقية المواطنين، بل إننا نشهد في الحديدة ممارسات حوثية وتحشيدات عسكرية وأعمالا قتالية مستمرة تجعل ما قبل اتفاق الحديدة أفضل وأقل خطرا على المواطنين مما بعده».
ولفت إلى أنه «ليس هناك أي اتفاق نفذته الميليشيات الحوثية بالمطلق طوال مسيرتها الإجرامية حتى الآن يمكننا البناء عليه أو القياس إليه كل تاريخها بالمطلق دون أي استثناء غدر ونقض لجميع اتفاقاتها ومراوغات وكذب على الداخل والخارج وفبركات وتزوير وكسب للوقت فقط لا غير».
وقال إن «الكثير من المدنيين يعانون وبأشكال مختلفة من المعاناة نتيجة هذا الحصار الجائر الذي يعتبر جريمة العصر الحاضر، فهناك ضحايا الألغام في هذه الطرقات وهناك ضحايا القناصات من النساء والأطفال وهناك القذائف العشوائية التي تسبب الموت والدمار وهناك من تم اختطافهم وإخفاؤهم قسريا واستخدامهم دروعا بشرية وابتزاز أسرهم ماليا من الأبرياء والأطفال من الحواجز والنقاط العسكرية. بالإضافة إلى صعوبة تنقل البضائع وحركة المواطنين ومشقة ووعورة الطرق البديلة وهي بعيدة جدا وعبر سلاسل جبلية خطيرة وغير مأمونة وغير مسلوكة تستغرق ساعات طويلة».
من جانبه، سخر وكيل أول محافظة تعز، الدكتور عبد القوي المخلافي، من طلب الميليشيات للسلطة والجيش بالموافقة على فتح المعابر. وقال «لا أحد يحاصر نفسه وأن محاولة ميليشيا الحوثي لخلق هذا الانطباع أمام الرأي العام عمل مثير للسخرية».
وأكد، وفقا لما نقل عنه مكتب إعلام محافظة تعز، أن «السلطة المحلية مستمرة في الالتزام بدعم كل الجهود الهادفة لكسر الحصار عن المدينة وفتح المنافذ والطرقات أمام المواطنين. والسلطة ظلت في كل لقاءاتها واجتماعاتها مع الوفود الأممية تشدد على الضغط من أجل فتح الطرقات والمنافذ أمام حركة المدنيين والمركبات والبضائع».
وقال بأن «موضوع كسر الحصار وإعادة فتح المنافذ التي أغلقتها ميليشيا الحوثي هدف لا رجعة عنه، سواء عبر العمل العسكري أو دعم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه»، وأن «لجوء ميليشيا الحوثي لحصار المدينة وإغلاق منافذها، مثل انتهاكا سافرا لحقوق الإنسان ولكل الدساتير والقوانين والمواثيق والمعاهدات والأخلاق والأعراف».
واعتبر «ما قامت به ميليشيا الحوثي من حصار مطبق على تعز منذ سنوات هو جريمة مشينة لم يسبق لجماعة أو فئة أن أقدمت عليها، حيث جعلت الميليشيات من هذا الحصار ورقة للمساومة والابتزاز، ضاربة بحقوق الإنسان وكافة النداءات والضغوط المحلية والدولية عرض الحائط».
وجدد وكيل أول المحافظة دعم السلطة المحلية في تعز «لأي مبادرة أو جهود تسعى لرفع هذا الحصار على تعز وإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة منذ نحو أربعة أعوام».
وبدوره، رحب البرلماني عبد الكريم شيبان، رئيس لجنة المفاوضات من قبل الشرعية، بشأن فتح الطرقات بتعز، بمبادرة الحوثيين التي أعلنها، مساء الأربعاء، القيادي الحوثي علي القرشي بفتح منفذ غرب مدينة تعز المحاصرة منذ خمسة أعوام.
وقال، في بلاغ صحافي، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام مختلفة، أن «غالب مطلق وزير الأشغال في حكومة صنعاء (غير معترف بها) تواصل معه، وأبلغه بوجود توجيهات حوثية عليا لفتح الطرقات في مدينة تعز خلال الأيام القادمة، وتمنى على الحوثيين المصداقية في تنفيذ المبادرة».
وكشف شيبان عن «إرسالهم مسودة الاتفاق إلى الحوثيين والوزير المكلف بفتح الطرقات غالب مطلق، بالطرق التي حددناها لكي يتم فتحها من بينها إزالة الألغام من طرفهم ومن طرفنا تأمين المنافذ ووقف إطلاق النار من الطريق المفتوح من أجل سلامة العابرين والمسافرين».
وأضاف «نحن كمواطنين وسلطة محلية وجيش وطني في تعز نرحب بمبادرة فتح الطرقات، ونتمنى أن يصدقوا، وقمنا بتحديد طريق (جولة القصر - وادي صالة - العسكري - الجحملية) أو (جولة القصر - فرزة صنعاء - عقبة منيف - الحوض) وكذلك اقترحنا فتح طريق (مفرق الذكرة - الستين - مصنع السمن والصابون - المطار القديم) من أجل الناقلات الكبيرة فقط حتى لا يسبب زحاماً في بقية المنافذ».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.