تجار لبنان يحذرون من كارثة اجتماعية ويخشون من صعوبة الاستمرار

مع تراجع الاستهلاك وعمليات التهريب وصعوبات التمويل

TT

تجار لبنان يحذرون من كارثة اجتماعية ويخشون من صعوبة الاستمرار

علت صرخة تجار لبنان تعبيرا عن الخطر الجدي الذي يهدد القطاع في ظل ازدياد تراجع الاستهلاك والمضاربة غير المشروعة عبر التهريب ومزاحمة التجار السوريين والضرائب المرتفعة والإرباكات المستجدة في سوق القطع وتزايد الصعوبات التمويلية.
وأفضت كل تلك العوامل إلى إقفال مئات المحلات التجارية في الأشهر الماضية واللجوء إلى تقليص الأعمال وصرف آلاف العاملين، شمل مؤسسات عريقة ومحلات شهيرة تابعة لمؤسسات عالمية في مجالات الأزياء والمطاعم واللوازم المنزلية وسواها. ونبّه رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إلى «تمدد المخاطر ليشمل نحو 90 في المائة من المؤسسات التجارية»، مؤكدا «أن المبيعات تتهاوى، والمنافسة غير المشروعة تأكلنا والتهريب يطحننا، وكلّ القطاعات تؤكد أنه لا يمكن الاستمرار بالوضع الراهن ولا يمكن أن نسكت عن ذبح القطاع الخاص».
ولفت خلال الوقفة المركزية أمام غرفة التجارة والصناعة في بيروت بالتزامن مع تنفيذ القطاع أمس إضرابه التحذيري إلى «أن المؤسسات تشعر بالخطر ولا يمكننا السكوت بعد الآن». وقال: «القطاع التجاري هو (الشريان التاجي) في الاقتصاد اللبناني لأنه يوظف ويستثمر، لكنه اليوم في أسوأ أيامه ونحن نعيش في معادلة مستحيلة، فاستمرارية التجار باتت مهددة، والكلام ينطبق على القطاعات الاقتصادية الأخرى. ونحن معا لمنع انهيار القطاع الخاص الأمين على الاستقرار الاقتصادي، وحارس النظام الليبرالي الذي ارتضيناه لأنفسنا منذ قيام لبنان».
وفي تطور ذي صلة بإرباكات سوق القطع وأسواق الاستهلاك، أشار رئيس نقابة أصحاب المخابز والأفران كاظم إبراهيم عقب اجتماع للجمعية العمومية إلى أنه «لم يعد أمامنا سوى إعلان الإضراب يوم الاثنين المقبل، فمعاناتنا تتخطّى موضوع الدولار. نحن نتعامل بالليرة اللبنانية ونسدد بالدولار، والموردون أبلغونا أنّهم يريدون أموالهم هذا الشهر بالدولار فماذا نفعل؟ لا يمكننا أن نبيع بالعملة اللبنانية ونسدد بالدولار، وكيف لي أن أشتري الدولار بـ1600 ليرة»، محذراً «الرغيف في مهبّ الريح ولا مَن يسأل أو يهتم».
ولا توجد إحصاءات مكتملة حول حجم عمليات إقفال المؤسسات، إذ إن الكثير منها غير مسجلة وخصوصا خارج العاصمة. ويتمدد الالتباس إلى المحلات التي يديرها تجار وعمال سوريون وهي تحمل تراخيص بأسماء لبنانيين. لكن المعطيات المتوفرة تؤكد أن عمليات الإقفال، التي ارتفعت وتيرتها بحدة ملحوظة عقب اشتداد أزمة الاقتصاد وزيادة انكماش الاقتصاد في العامين الحالي والسابق، تجاوزت ثلاثة آلاف مؤسسة بعضها يضم عشرات العاملين. وهذه الظاهرة تتنوع فعلياً بين إقفال نهائي أو إقفال فروع تابعة لشبكات تجارية محلية أو سلاسل وعلامات تجارية أجنبية، تجاوزت ثلاثة آلاف مؤسسة بعضها يضم عشرات العاملين. وبحسب رصد مالي أجرته «الشرق الأوسط»، تبيّن أن إيرادات الضريبة على القيمة المضافة، والتي تشكل نحو 22 في المائة من موارد الموازنة، انحدرت بنسبة 8 في المائة توازي نحو 19 مليون دولار شهريا كإيرادات فائتة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي. ومن المرجح أن تزيد هذه الخسارة في الأشهر التالية، حيث بوشر بتطبيق زيادة الضريبة بنسبة 10 في المائة، من 10 إلى 11 في المائة.
ويعتبر مسؤول مالي أن «المخاطر تشمل جديا كل مفاصل الاقتصاد الوطني الذي انخرط في سباق انحداري مشترك وحتمي منذ سنوات مع تقلص النمو تدريجياً ليتدحرج بوتيرة أسرع بعد إقدام الحكومة على إدخال زيادات كبيرة على رواتب القطاع العام وحسابات التقاعد، مما أدى إلى أزمة مالية مستعصية انعكست سلبا على دورة الإنتاج وأنشطة القطاع الخاص، في ظل فترة ركود طويلة وتداعيات إقليمية مؤثرة وتقلص غير مسبوق في حركة ومستويات التحويلات والرساميل الوافدة».
ويسأل رئيس جمعية تجار بيروت: «مَن هي العقول النيرة التي تريد زيادة الضرائب في الوضع الاقتصادي الراهن والانكماش والنمو المتدني؟ وعلى المسؤول أمام هذا الواقع أن يبحث في سبل رفع النمو وليس العكس. وعندما يكون الوقت مصيرياً نعرف جيداً كيف نقول لا. ونحذر من الضرائب التي ستؤدي إلى الفوضى وإلى اهتزاز الأمن الاجتماعي بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «العنف يبدأ عندما تشعر فئات بأنها خارج المجتمع وفئة الشباب تشعر بذلك والتاريخ لن يرحم من ساهم بانهيار القطاع الخاص في لبنان». ولفت إلى أن «المؤسسات ليست وحدها التي تنهار، بل القطاعات بأكملها، وعلى رأسها قطاع التعليم الخاص وقطاع السكن والعقارات والمستشفيات الخاصة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المقاولين. فالدولة فضلت القطاع العام الذي يمثل 25 في المائة من المجتمع، على القطاع الخاص الذي يشكل 75 في المائة من المجتمع، الأمر الذي سيوصلنا إلى كارثة اجتماعية. وكقطاع خاص دقينا ناقوس الخطر، وقلنا إن سلسلة الرتب والرواتب ستكون لها نتائج عكسية، وإنّ الحل يتحوّل إلى مشكلة رهيبة ما لم يتمّ تأمين الظروف المناسبة له». وذكر أن «الهيئات الاقتصادية قالت إنها مع تحسين مداخيل كل اللبنانيين، ونحن قلنا إن القطاعين العام والخاص، لا فرق بينهما، إلا أن هناك غيابا للظروف المطلوبة».
بدورها، أعلنت نقابة أصحاب السوبرماركت في لبنان برئاسة نبيل فهد، أن «أوضاع المؤسسات التجارية في قطاع السوبرماركت تزداد صعوبة يوما بعد يوم وتتحمل الخسائر، نتيجة الأوضاع المعيشية وضعف القدرة الشرائية للمستهلك». وأكدت تأييدها للتحرك الذي يقوم به القطاع التجاري، وكذلك دعمها لموقف الهيئات الاقتصادية من الأزمة المالية التي يمر بها البلد، لا سيما رفضها زيادة الأعباء الضريبية بأي شكل، والتي سينتج منها انكماش اقتصادي أكثر حدة ولن يعزز النمو ولن يصل بالاقتصاد إلى بر الأمان.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.