وفاة المخرج التونسي شوقي الماجري صاحب «الاجتياح» بعد «دقيقة صمت»

فاز بجائزة «إيمي» العالمية عام 2008

وفاة المخرج التونسي شوقي الماجري صاحب «الاجتياح» بعد «دقيقة صمت»
TT

وفاة المخرج التونسي شوقي الماجري صاحب «الاجتياح» بعد «دقيقة صمت»

وفاة المخرج التونسي شوقي الماجري صاحب «الاجتياح» بعد «دقيقة صمت»

غيب الموت، أمس الخميس، المخرج التونسي الشهير شوقي الماجري، بأحد مستشفيات القاهرة عن عمر يناهز 58 عاماً، بعد إصابته بوعكة صحية، نقل على أثرها إلى المستشفى قبل أن يفارق الحياة، تاركاً إرثاً مميزاً من الأعمال التلفزيونية العربية. وتواصلت أسرة المخرج الراحل مع السفارة التونسية بالقاهرة، ونقابة المهن التمثيلية المصرية، لتسهيل عملية نقل الجثمان ليوارى الثرى في بلده تونس.
اكتسب شوقي الماجري المولود في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1961، شهرة عربية لافتة؛ لإخراجه عدداً من الأعمال العربية والعالمية، من أبرزها: مسلسل «دقيقة صمت»، و«حلاوة الروح»، و«أبناء الرشيد»، و«أسمهان»، و«الاجتياح» الذي حصل من خلاله على جائزة «إيمي» العالمية كأفضل مسلسل أجنبي، و«الأرواح المهاجرة»، و«هدوء نسبي»، وفيلم «مملكة النمل»، وغيرها من الأعمال الناجحة.
وصدم خبر وفاة الماجري الفنانين العرب الذين نعوه أمس عبر حساباتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، إذ نشر الفنان السوري عابد فهد، على حسابه الرسمي بموقع «إنستغرام»، صورة للمخرج الراحل، وعلق عليها قائلاً: «رحلة انتهت بدقيقة صمت، عن روح الأخ والصديق المخرج المبدع شوقي الماجري... رحلة بدأت في 2009 في مسلسل (أسمهان)، تلاها (مملكة النمل)، (هدوء نسبي)، وانتهت بـ(دقيقة صمت)... وداعاً شوقي الماجري».
وكتبت الفنانة التونسية هند صبري على «تويتر»: «رحل اليوم مخرج كبير، أكد عبر كل أعماله أن الفن لا يحتويه وطن واحد، ولا مكان واحد... ابن بلادي المخرج الذي يستحق لقب مخرج عربي كبير، شوقي الماجري».
وعلق الفنان التونسي ظافر العابدين، عبر صفحته بـ«إنستغرام»: «رحمك الله، المخرج التونسي شوقي الماجري... الإنسان الرائع والخلوق، والمخرج المبدع». كما قالت الفنانة التونسية درة: «خبر صادم وحزين خبر وفاتك، الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة يا صديقي وابن بلدي، المخرج العربي التونسي المبدع شوقي الماجري».
وقال الفنان المصري عمرو سعد، عبر «إنستغرام»: «فقدت الساحة الفنية العربية مبدعاً كبيراً، المخرج التونسي صاحب الروح المصرية شوقي الماجري، رحمك الله وشملك بإحسانه». ونشرت الفنانة اللبنانية ستيفاني صليبا، عبر «تويتر»، صورة للمخرج الراحل، وكتبت: «دقيقة صمت لا تكفيني، شوقي الماجري إلى نور الله».
أما الفنانة التونسية لطيفة، فعلقت عبر «إنستغرام»: «شوقي الأخ والصديق، وولد الدار، الغالي المبدع المشرف اللي ياما رفعت بك راسي بأخلاقك وأعمالك. موتك صدمة لي ولكل أهلي، الله يرحمك يا غالي». ونشرت الفنانة الأردنية صبا مبارك، طليقة المخرج التونسي الراحل ووالد ابنها الوحيد عمار، صورة سوداء على «إنستغرام» بعد خبر وفاته.
وقالت وزارة الشؤون الثقافية التونسية في بيان صحافي أمس: «إن المخرج الراحل يعد من أبرز المخرجين العالميين؛ حيث برز إتقانه الإبداعي، وتجلت موهبته المبتكرة منذ بداية مشواره الفني».
المخرج التونسي الراحل الذي ولد ونشأ في منطقة باب سويقة الشعبية، كان شديد الحرص على العودة إلى بلاده، كلما سنحت الفرصة لمراجعة الذكريات ولقاء الأهل، قبل الشروع في تصوير أعمال فنية جديدة.
ووفق تصريحاته السابقة، فإنه كان يؤمن بأن لكل مخرج تلفزيوني وسينمائي عالمه وأسلوبه الخاص في الإخراج والرؤية الفنية، وأشار إلى أنه نجح في تحقيق ذلك عبر أعماله بسوريا والأردن ومصر وتونس، وأبدى سعادته بإشادة النقاد به وبرؤيته، وبلقطاته الفنية المميزة، وذلك بعد سنوات من دراسته في المعهد الوطني للسينما والمسرح والتلفزيون بمدينة لودز في بولندا، والذي يعد أحد المعاهد الفنية المرموقة في أوروبا.
وساهم مسلسله «الاجتياح» الذي فاز بجائزة الأكاديمية الدولية للفنون التلفزيونية في نيويورك «إيمي أورد» عام 2008، في تحقيقه شهرة لافتة وانتشاراً واسعاً في الوسط الفني بالعالم العربي، لا سيما أنه أول مسلسل عربي يفوز بهذه الجائزة. وتدور أحداث المسلسل الذي عرض عام 2007 في مخيم جنين بالضفة الغربية، أثناء عملية «الدرع الواقي» الإسرائيلية عام 2002، وما رافقها من عملية إبادة جماعية لسكان المخيم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».