أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»: دولنا ثاني أكثر منطقة تأثراً بالتغير المناخي

ناصر كامل أشاد بالاستثمار السعودي في الطاقات المتجددة واعتبر مجلس التعاون الخليجي مصدر إلهام

أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، السفير ناصر كامل
أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، السفير ناصر كامل
TT

أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»: دولنا ثاني أكثر منطقة تأثراً بالتغير المناخي

أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، السفير ناصر كامل
أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، السفير ناصر كامل

يجتمع اليوم، في برشلونة، وزراء خارجية دول «الاتحاد من أجل المتوسط»، لبحث سبل تعزيز التعاون الأورومتوسطي، ومواجهة التحديات المناخية التي تهدد التنمية الاقتصادية في المنطقة.
وقال أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، السفير ناصر كامل، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، عشية المنتدى، إنه «لا مجال أمام المنطقة الأورومتوسطية بدولها الـ43، إلا أن تصبح كتلة متعاونة ومتكاملة، إن أرادَتْ أن يكون لها صوت مسموع في عالم الغد». واستعرض كامل التقدم الذي أحرزه الاتحاد في السنوات القليلة الماضية، على مستوى التعاون التجاري ودعم التنمية المستدامة. وأوضح أن هناك «إرادة سياسية لدى دول الاتحاد لتفعيل هذا الإطار من التعاون، وأن الوضع الجيواستراتيجي والاستقرار النسبي في المنطقة أدى إلى إتاحة مجال لمزيد من التعاون الإقليمي».
وتهيمن قضية التغير المناخي على أعمال المنتدى الإقليمي هذا العام، وسيشهد استعراض النتائج الأولية لدراسة قيّمت تداعيات التقلبات المناخية على دول حوض البحر الأبيض المتوسط. وكشف الأمين العام أن «الدراسة خلصت إلى أن منطقة المتوسط هي ثاني أكثر منطقة تأثراً بالتغير المناخي في العالم، بعد القطب الجنوبي»، لافتاً إلى أن التحدي الذي يواجهه الاتحاد هو تحويل السياسات المناخية الناجحة في المنطقة من جهد حكومي إلى جزء أساسي من البنى التحتية للاقتصادات الوطنية. وعبّر كامل في هذا الإطار عن إعجابه باستثمار كل من السعودية والإمارات في الطاقات الجديدة والمتجددة «رغم وفرة مواردها ومخزونها من الطاقة الأحفورية». إلى

نص الحوار:
> وزراء خارجية الاتحاد يجتمعون اليوم لتعزيز التعاون الأورومتوسطي، ما أولويات المرحلة المقبلة؟
- ينعقد اليوم المنتدى الإقليمي الرابع لدول «الاتحاد من أجل المتوسط»، الذي يجمع وزراء خارجية الدول الأعضاء، وهي 28 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، و15 دولة مشاطرة في جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط.
هذا الاجتماع في نسخته الرابعة أصبح منتظم الانعقاد على مستوى وزراء الخارجية. ولنكن صرحاء؛ جاء هذا الانتظام بعد فترة من التباطؤ في معدل التئام الدول الأعضاء على خلفية أحداث ما يُسمّى بـ«الربيع العربي»، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها أوروبا منذ عام 2008، وما بعد ذلك.
ويحمل هذا الانتظام رسالة واضحة هي أن هناك إرادة سياسية لدى دول الاتحاد لتفعيل هذا الإطار من التعاون، وأن الوضع الجيواستراتيجي والاستقرار النسبي في المنطقة أدى إلى إتاحة مجال لمزيد من تعزيز التعاون الإقليمي في كل ما يتّصل بالتنمية المستدامة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتأتي فعالية اليوم قبل سنة من احتفالنا بمرور 25 عاماً على إطلاق «عملية برشلونة»، وهي الأب الروحي لهذه المنظمة، التي تمثّل منهجيتنا ودستورنا في التعامل مع ملفات وأطر التعاون في المنطقة. والمطلوب غداً (اليوم الخميس) مراجعة أنشطة الاتحاد في المجالات الستة التي نهتم بها، والتي تشمل تغير المناخ والطاقة الجديدة والمتجددة، والأعمال والتجارة، والبحث العلمي والتعليم، والشؤون الاجتماعية المختصة تحديداً بقضايا تمكين المرأة والشباب، والبنية الأساسية والتنمية الحضرية، والبيئة والمياه.
وستتم مراجعة أنشطة الاتحاد، على ضوء خريطة الطريق التي اعتمدها وزراء خارجية الاتحاد في عام 2017، والنظر فيما تحقق وما لم يتحقق خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فضلاً عن وضع توجيهات لتفعيل المنظمة في الأعوام المقبلة لإعطاء انطلاقة جديدة للتعاون الأورومتوسطي تزامناً مع مرور 25 عاماً منذ «إعلان برشلونة».

> كيف تقيمون التعاون بين دول شمال المتوسط وجنوبها، بالنظر إلى التفاوت الاقتصادي والتحديات السياسية المختلفة؟
- أولاً، هذا التعاون لا يعبّر فقط عن إرادة سياسية، أتصوّر أنه ضرورة ملحّة، لأن العشرة أعوام السابقة أكّدت بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يحدث في إحدى ضفتي المتوسط يؤثر سلباً أو إيجاباً على الضفة المقابلة؛ فما عانته المنطقة العربية من آثارِ ما يُسمّى بـ«الربيع العربي»، كان له تداعيات واضحة على دول الاتحاد الأوروبي، ومنها قضية الهجرة التي تابعنا جميعاً حجم التوتر الذي شهدته النقاشات الأوروبية الداخلية بشأنها.
إلى ذلك، فإن دول المتوسط، من منظور علمي، هي منطقة واحدة فيما يتعلق بالتحديات المناخية.
فضلاً عن ذلك، فإنه لا مجال أمام المنطقة الأورومتوسطية بدولها الـ43 ككتلة اقتصادية إلا أن تصبح كتلة متعاونة ومتكاملة، إن أرادت أن يكون لها صوت مسموع في عالم الغد، الذي يشهد بروز قوى اقتصادية بازغة، كالصين والهند، إلى جانب العملاق الاقتصادي الأميركي. وبالتالي، فإن التكامل الإقليمي ليس خياراً، بل صار حتمياً ليكون صوتنا مسموعاً على الساحة الاقتصادية الدولية.

> يهيمن على اللقاء الرابع لوزراء الخارجية تقرير التغير المناخي على المنطقة، هل تتوقعون أن تخرج هذه القمة بالتزامات أو خريطة عمل لعكس تأثير هذه الظاهرة؟
- دعيني أعُدْ قليلاً إلى الوراء؛ اعتُبِر «الاتحاد من أجل المتوسط» نافذة إقليمية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي وضعها المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة. وإحدى أولويات هذه الأهداف هي التعامل مع التغير المناخي. وفي هذا الإطار، تولَّت شبكة تضم أكثر من 80 عالماً من جميع أنحاء المنطقة الأورومتوسطية (شبكة خبراء المتوسّط حول التغيّر المناخي والبيئي «Medecc») مهمة وضع تقرير رئيسي وغير مسبوق، ليكون بمثابة التقييم العلمي الأكبر للتغير المناخي والبيئي على المستوى الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وخلصت هذه الدراسة إلى أن منطقة المتوسط هي ثاني أكثر منطقة تأثراً بالتغير المناخي في العالم، بعد القطب الجنوبي. وتؤثر الأرقام التي خرجت بها الدراسة، المتعلقة بالتقلبات المناخية والفقر المائي وفقدان جزء من التنوع البيولوجي الضروري والهام والحيوي لديمومة المتوسط على الصعيد البيولوجي، والآثار الصحية المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة، على فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتقودنا، هذه التداعيات المحتملة، إلى التعامل مع التغير المناخي من منظور شامل، والنظر إليه كفرصة لتعزيز التعاون والتكامل اقتصادياً وتجارياً وخلف اقتصاد أزرق يكون قادراً على التعامل مع التأثيرات السلبية الحتمية للتغير المناخي من ناحية، وخَلْق فرص عمل ونمو اقتصادي يرتبط بتنمية مستدامة صديقة للبيئة.

> كيف يمكن تحفيز القطاع الخاص في المنطقة على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة؟
- التغير المناخي تحدٍّ، وظاهرة سلبية، لكن ينبغي التعامل معه كفرصة بناء بنية اقتصادية مستدامة. وبالتالي، فإن هناك تطوراً أساسياً يسهم في تحفيز القطاع الخاص، وهو أن معظم الاستثمارات الموجهة لأنشطة واستثمارات صديقة للبيئة، سواء فيما يتعلّق بالطاقات الجديدة والمتجددة أو في مجال تدوير النفايات، أو الاقتصاد الأزرق، وكل ما يتّصل بالأنشطة المرتبطة بسواحل البحر الأبيض المتوسط أثبت جدواه الاقتصادية. أي أن العائد على الاستثمار في هذه القطاعات أصبح جاذباً للاستثمار العام والخاص في هذه المجالات.
ولحظنا خلال السنوات القليلة الماضية توجه صناديق الاستثمار الدولية للاستثمار في هذه المجالات بحثاً عن الربح من ناحية، فضلاً عن إدراك القائمين على هذه الصناديق لدورهم الاجتماعي في التعامل مع هذا التحدي الذي يواجه البشرية جمعاء.
وتعود هيكلة مشاريع استثمارية وتصميمها وتقديمها بشكل جاذب لرأس المال الخاص، لمنظمات مثل «الاتحاد من أجل المتوسط» والدول الأعضاء. ولا يقلّل ذلك من مسؤولية الدول عن تخصيص الموارد اللازمة، وتقديم ما تعهَّدت به من التزامات في هذا المجال. لكنني أتصور أن التعامل الناجح مع هذا التحدي ينبغي أن يشمل، إلى جانب دور الحكومات والمنظمات الإقليمية، دوراً فاعلاً للقطاع الخاص الوطني والدولي.

> هل من أمثلة عربية بارزة على مبادرات حكومية أو خاصة في المجال البيئي؟
- هناك كثير من المشاريع، لكن لفتتني تجربتا مصر والمغرب في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة؛ فقد قرر البلدان الاستثمار منذ سنوات في الطاقة الشمسية، حيث طورا إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. وينطبق الأمر نفسه على طاقة الرياح في عدد من الدول، كالأردن وتونس ومصر.
لفتني كذلك «البرنامج المتكامل لحماية بحيرة بنزرت من التلوث»، والحفاظ على النوعية البيئية للنظم الإيكولوجية البحرية والساحلية ونوعية الحياة في منطقة بنزرت في شمال تونس.
الواقع يقول إن دولنا أصبحت واعية بهذه التحديات، لكن الهدف اليوم هو أن ينتقل الاستثمار من جهد دولة إلى البنية التحتية للاقتصادات الوطنية في المنطقة، ليس فقط في دول البحر المتوسط، لكنه ينطبق كذلك على دول الخليج وغيرها. وقد أبهرني في هذا الإطار أن السعودية والإمارات، رغم وفرة مواردهما ومخزونهما من الطاقة الأحفورية، أصبحتا تنظران إلى الطاقة الجديدة والمتجددة كمجال يجب الاستثمار فيه، وتستثمر فيما يسمى بـ«مزيج الطاقة». كما نجد أن دولاً مثل مصر وتونس والأردن والمغرب ولبنان لديها سياسات واضحة بالاستثمار في مزيج الطاقة.
وتعكس كل هذه المشاريع الوعي بأهمية مواجهة تحديات التغير المناخي في دولنا. وتبقى الخطوة المقبلة تأطير المجتمع الدولي ومنظمات إقليمية هذه السياسات الوطنية الناجحة لجذب المستثمر الأجنبي، حتى يصبح الاقتصاد الأزرق والاقتصاد الأخضر المتلقي الأول للاستثمارات، والمشغّل للمزيد من الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنويّاً، وخالقاً للثورة وللقيمة المضافة في مجتمعنا.

> ما خصوصية منطقة المتوسط فيما يتعلق بالمناخ؟ لماذا ينبغي لدول المنطقة العمل بينها بدل العمل في إطار جغرافي قاري؟
- أولاً، نحن كدول «الاتحاد من أجل المتوسط»، نعمل في إطار الفعاليات الدولية المهمة. لكن لهذه الدول خصوصيتها كذلك؛ فمنطقة البحر الأبيض المتوسط منطقة بيئية متكاملة من منظور التغير المناخي. هذه حقيقة علمية، ولا علاقة لها بالإطار المؤسسي لـ«الاتحاد من أجل المتوسط». ثانياً، معظم الدراسات السابقة كانت دراسات قارية، وكما نعلم، فإن المتوسط يقع على ثلاث قارات (أفريقيا، وأوروبا، وآسيا). وبالتالي، كان من المهم أن نقوم بدراسة، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، لتقييم أين تقع الدول المتوسطية من الآثار السلبية لهذه الظاهرة. ثالثاً، تشير النتائج المبدئية لهذه الدراسة إلى أننا ثاني أكثر المناطق تأثراً بالتغيير المناخي، ما يتطلب منا جهداً قد يفوق الجهد المبذول في مناطق أخرى. وفي الوقت الذي تحتل فيه منطقة القطب الجنوبي المهمة لمستقبل البشرية المرتبة الأول من حيث أسوأ التداعيات المناخية، إلا أنها غير مأهولة. في المقابل، فإن منطقة البحر الأبيض المتوسط تضم نحو 500 مليون نسمة.
إلى جانب ذلك، فإن الدراسة أشارت إلى أن 10 مدن من أصل «20 أكثر مدينة ستعاني من التغير المناخي عبر العالم» ستكون مدناً متوسطية، وأن 37 مليون مواطن حول حوض البحر الأبيض المتوسط سيتأثرون بتداعيات التغير المناخي. لكن هذا السيناريو المتشائم يفترض أن دولنا لن تستجيب للتحديات المناخية، ولن تقوم بالإجراءات اللازمة لمواجهتها في الوقت المناسب.
وأثبت الواقع أن التغير المناخي لدى جوارنا الأفريقي أدّى إلى ما نشهده اليوم من ظاهرة نزوح جماعي من عدد من الدول الأفريقية التي تقع على حزام الدول الأكثر تأثراً بالتقلبات البيئية. ويعكس ذلك الأبعاد الجيوسياسية للتغير المناخي الذي أصبح أحد العوامل الطاردة للسكان في المنطقة الأفريقية، والتحدي الحقيقي الذي يطرحه على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

> إلى جانب المناخ، يواجه الاتحاد تحديات أخرى بارزة، في مقدمتها التعاون التجاري. ماذا حقق الاتحاد في هذا الإطار؟
- هناك تحولات إيجابية هي أن الوضع الاقتصادي، على ضفتي المتوسط، تحسن بشكل نسبي خلال السنوات الثلاث الماضية. فرغم وجود بعض بؤر التوتر في حوض البحر الأبيض المتوسط، ارتفعت درجة الاستقرار السياسي، ومعها معدلات النمو الاقتصادي في دول جنوب المتوسط، التي تصل إلى نحو 3 في المائة في بعض الدول، وتتجاوزها إلى 5 و6 في المائة في كل من مصر والمغرب، فيما نرى أن تونس في طريقها إلى تجاوز عثراتها الاقتصادية والانطلاق مجدداً، وينطبق الأمر ذاته على الأردن الذي يطبق إصلاحات سياسية واقتصادية ناجحة. أما في الضفة الشمالية للمتوسط، فنجد أن الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية بدأت تنحسر، وأصبحت قادرة اليوم على تحقيق معدلات نمو إيجابية. وفي هذه الأجواء من النمو الاقتصادي، تزيد الرغبة لدى الأطراف في تعزيز التعاون والاقتصادي، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لدول جنوب المتوسط.
لكن التحدي الذي لم ننجح في تحقيقه بعد، هو إنشاء منطقة تجارية حرة أورومتوسطية شاملة. والأسباب طبعاً معروفة، وهي غياب تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. ورغم ذلك، فحن نعمل على إعداد قواعد منشأ أورومتوسطية موحدة لتسهيل التجارة، وتعزيز التجارة الإلكترونية وتسهيل انسيابها بين دول جنوب وشمال المتوسط، وتسهيل اعتماد دول أوروبية على مراكز خدمات للتجارة الإلكترونية في الجنوب، وتعزيز الاقتصاد الابتكاري الخالق لفرص عمل محفزة للنمو الاقتصادي، فضلاً عن تأطير الخطط الوطنية للاستثمار بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية.

> ارتبط اسم البحر الأبيض المتوسط بأزمة الهجرة نحو السواحل الأوروبية، وتداعيات ذلك على الضفتين. ما استراتيجية الاتحاد لتجاوز هذه الأزمة؟
- ظاهرة الهجرة بلغت ذروتها في كل من 2013 و2014 و2015، وما نشهده اليوم لا يُقارن بأي حال من الأحوال بالتدفقات السابقة. ويعود ذلك إلى التحسن النسبي في الأوضاع السياسية والاقتصادية لدول المنطقة من جهة، وزيادة فعالية سياسات ضبط الهجرة غير الشرعية في دول الشمال والجنوب.
لكن دور «الاتحاد من أجل المتوسط» لا يمكن في تنظيم وإدارة عمليات الهجرة، خصوصاً أننا ندرك أن ملف الهجرة خلافي، ليس فقط بين الدول في الضفتين الجنوبية والشمالية، وإنما فيما بين دول الشمال.
ويهتم الاتحاد في هذا الإطار بالتعامل مع جذور أزمة الهجرة، عبر دعم خلق فرص العمل، وتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً (المزيد من انخراط المرأة العربية في سوق العمل جنوب المتوسط سيؤدي إلى زيادة 10 في المائة في الناتج الإجمالي للمنطقة)، ومواجهة التحديات المناخية.

> هناك توتر بين بعض الدول الأعضاء في الاتحاد حول التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط. ما موقف الاتحاد من ذلك، وهل يعمل مع الاتحاد الأوروبي مثلاً لتخفيف هذا التوتر؟
- المنطقة تعجّ بعدد من الخلافات بين دول «الاتحاد من أجل المتوسط»، وبالتالي فإن المقاربة التي اعتمدناها هي العمل حول ما نتفق بشأنه، وتفادي العمل فيما قد يؤدي إلى خلافات. ومن المثير أن معظم الاجتماعات الوزارية القطاعية (أي وزراء العمل والتجارة والطاقة والبيئة) لا تشهد في غالبية الأحيان أي توترات على خلفية الأزمات التي تشهدها بعض الدول فيما بينها.
ومن هنا، فإن منهجيتنا فيما يتصل بالتنمية المستدامة والبشرية نأَتْ بالمنظمة إلى حد ما عن التأثر بالخلافات الموجودة بين الدول الأعضاء. ونحن لا ندعي أننا رقم مؤثر فيما يتعلق بتسوية النزاعات.

> ما أوجه تعاون الاتحاد مع دول مجلس التعاون الخليجي؟ وما أبرز المشاريع المشتركة؟
- تجربة مجلس التعاون الخليجي تجربة رائدة، وهي تمثّل مصدر إلهام لـ«الاتحاد من أجل المتوسط»؛ فقد نجحت هذه الدول في خلق سوق مندمجة، وفي رسم سياسات مشتركة للتعامل مع عدد من الملفات الاقتصادية والتجارية والدفاعية وغيرها. وبالتالي، فإننا نستلهم من قصص النجاح التي حققها مجلس التعاون الخليجي، لتكون درساً لنا في منهجيتنا وعملنا. إلى جانب ذلك، فإننا نستدعي دعم ومساندة دول المجلس والمجلس نفسه في عدد من المبادرات، لاهتمامه بالاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ويحضرني إسهامه المتميز في دعم إخواننا الفلسطينيين في مشروع إنشاء أول محطة كبيرة للمياه العذبة في غزة. كما تحضرني مشاركة صناديق التنمية الخليجية في كثير من المشاريع التي يرعاها «الاتحاد من أجل المتوسط». وبناء عليه، فإن مجلس التعاون الخليجي هو نموذج من جهة، وشريك فاعل لمبادرات الاتحاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة أخرى.


مقالات ذات صلة

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة في كاليفورنيا (رويترز)

صيف 2024 الأعلى حرارة على الإطلاق

أعلنت خدمة مراقبة تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، أن العالم مرّ بأشد فصول الصيف سخونة في نصف الكرة الأرضية الشمالي منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.