منسوجات تحكي جمال كولومبيا وتنوعها البيولوجي

مشغولة بما يزيد على 2500 نوع من الألياف النباتية من الأمازون وجبال الأنديز

منسوجات تحكي جمال كولومبيا وتنوعها البيولوجي
TT

منسوجات تحكي جمال كولومبيا وتنوعها البيولوجي

منسوجات تحكي جمال كولومبيا وتنوعها البيولوجي

ماذا يجمع بين الممثلة الأميركية أنجلينا جولي والمهندس البريطاني نورمان فوستر ومتحف الفن المعاصر في نيويورك وسكان الأحياء الفقيرة في العاصمة الكولومبية بوغوتا؟ إنها الأنسجة الحرفية الرفيعة التي تحيكها نساء العائلات التي نزحت إلى تلك الأحياء هرباً من عنف الصدامات المسلحة بين الجيش والثوار، والتي يتهافت عليها مصممو دور الأزياء العالمية الكبرى، واستحوذت على إعجاب المشاهير والمشرفين على كثير من المتاحف العالمية. أنسجة تحولت أيضاً إلى أداة لتغيير الصورة التي ارتسمت في أذهان الناس عن كولومبيا، كمعقل لعصابات المخدرات وأحد أشد البلدان عنفاً في العالم.
في الضاحية الجنوبية من بوغوتا يعيش 3 ملايين شخص في أكواخ من الصفيح المتراصة المكدسة فوق هضاب من الركام، تخرج من بين أيديهم كل يوم بعض أفخر الأنسجة في العالم.
سبعون حرفياً يعملون بشغف وانتظام في حياكة منسوجات تباع لاحقاً في أشهر صالات العرض في نيويورك وميلانو، وتزين القصور الملكية في أوروبا وآسيا؛ إنهم طاقم المعلمين الحرفيين في مشغل «Hechizoo» الذي تتهافت على منتوجاته دور الأزياء العالمية، مثل ديور وشانيل وفندي ولوي فويتون، ومكاتب الهندسة والديكور الكبرى، مثل هرزوغ وفوستر وبيتر مارينو وغيرهم. منسوجات تحكي جمال البلد الذي يضم أكبر مجموعة من التنوع البيولوجي في العالم، مشغولة بخيوط الذهب والفضة والنحاس، متشابكة مع ما يزيد على 2500 نوع من الألياف النباتية الآتية من مجاهل الأمازون وقمم جبال الأنديز الشامخة.
خورخي ليزارازو هو مؤسس هذا المشغل، بعد أن غادر باريس حيث عمل مهندساً في مكتب سانتياغو كالاترافا. عاد إلى كولومبيا إثر فشل عملية السلام الأولى في عام 2002، حيث كانت مجموعات الحرفيين تعيش في مناطق يتعذر الوصول إليها لوقوعها في قبضة الثوار أو تحت سيطرة الميليشيات المسلحة. لكن ذلك لم يمنعه من المجازفة مراراً، إلى أن تمكن من إقناع عشرات المعلمين الحرفيين، والتعاقد معهم لتنفيذ مشروعه الذي مضى اليوم على انطلاقه عشرون عاماً. يقول ليزارازو: «في البداية، كنت أدعي وجود الزبائن أمام الحرفيين لتشجيعهم على العمل، لكن في الواقع كنت أواجه صعوبة كبيرة في تسويق المنسوجات، وكدت أن أصرف النظر عن المشروع، إلى أن تعرفت على سيدة كولومبية تدير صالة للعرض الفني في مانهاتن، تجاوبت مع الفكرة وتعاونت معنا إلى أن أصبحت اليوم وكيلتنا الحصرية في الولايات المتحدة. وفي صالتها، وقعت الممثلة أنجلينا جولي وزوجها الممثل براد بيت على أحد المنسوجات واشترتها. وفي العام الماضي، قررت إدارة متحف المتروبوليتان اقتناء أحد الأعمال التي أنتجها المشغل لعرضه مع مجموعته الدائمة.
ويصدر «Hechizoo» اليوم 90 في المائة من إنتاجه الذي يوزع على دور أزياء عالمية، مثل برادا وبوتيغا فينيتا ولورو بيانا، التي يقدر المسؤولون فيها التمازج اللامتناهي بين المواد والألوان، وجودة الحياكة اليدوية وإتقانها. وفي الطرف الآخر من العاصمة الكولومبية يوجد مشغل آخر للأنسجة الحرفية، هو «Verdi Design» الذي يعمل فيه 55 معلماً غزت منتوجاتهم سوق السلع الفاخرة في أوروبا والولايات المتحدة، ويتسابق المشاهير على اقتنائها، كما حصل عندما أطلق المشغل حقيبة للظهر مصنوعة من الألياف المعدنية لاقت رواجاً واسعاً، وصفته رئيسة تحرير «فوغ» الأميركية، آنا وينتور، بأنه حالة غير مسبوقة لم تشهد مثلها.
مؤسس «Verdi» هو توماس فيرا المولود في مدينة بارانكيا الساحلية التي ينحدر معظم سكانها من أصول عربية، والتي كانت مسرحاً تدور فيه أحداث عدد من روايات غارسيا ماركيز، خصوصاً «وقائع موت معلن» التي ينحدر بطلها سانتياغو نصار من أصل لبناني.
يقول فيرا إن مؤسسته شهدت النور في قرية صغيرة تدعى «كوريتي»، وتقع على سفح جبال الأنديز، وهي مشهورة بسحر طبيعتها ومناخها الاستوائي، ويعيش أهلها منذ مئات السنين على إنتاج الألياف النباتية. وتعمل اليوم 18 أسرة في القرية بصورة حصرية لهذه المؤسسة التي دخلت مؤخراً في مشروع مشترك مع الملياردير السويدي ستيفان بيرسون، مؤسس الدار المعروفة للملابس الجاهزة «H&M»، وتوزّع المؤسسة منتوجاتها أيضاً عن طريق المنصات الكبرى للتجارة الإلكترونية، وينتشر زبائنها في كل أنحاء العالم، من لوس أنجلوس إلى بيروت.
وتنكب مهندسة كيميائية، تعمل في المشغل حالياً، على تطوير 130 لوناً جديداً لتطبيقها على الألياف بالوسائل المخبرية الحديثة، فيما يقوم الحرفيون بحياكة الأنسجة يدوياً، بمساعدة برنامج معلوماتي يحدد لهم الأنماط التي ينبغي اتباعها، ويجففون الأنسجة في آلة تعمل بالتكنولوجيا الدقيقة والأشعة فوق البنفسجية. ويقول فيرا: «قيمتنا المضافة تكمن في إعلاء شأن العمل الحرفي، عن طريق رفع مستوى الجودة، وإتقان التصميم والتفاصيل، وهذا ما فتح لنا أبواب السوق الفاخرة».
وتقول كارولينا آغوديلو، المشرفة على برنامج «الموضة والنسيج» في جامعة بوغوتا: «كانت الأنسجة تُعد من الفنون الدنيا، كالخزف والحرفيات الأخرى. وبما أنها حرفة نسائية، كان أهل الفن يعتقدون أنها أقل شأناً وأدنى قيمة فنية». لكن الأنسجة الحرفيّة الكولومبية أصبحت اليوم في عداد المجموعات الدائمة لمتحف الفن المعاصر ومتحف الفنون والتصميم والمتروبوليتان في نيويورك، ومتحف الفن الحديث في العاصمة الفرنسية.
وهي أعمال تنطلق من تصاميم الشعوب الأصلية في أميركا اللاتينية، والمذهبات السابقة لوصول كولومبوس إلى القارة الأميركية، وأجواء الباروك الذي انتقل من هناك إلى أوروبا. وتجدر الإشارة أن دار الأزياء الفرنسية المعروفة «ديور» وقع اختيارها مؤخراً على الحرفية الكولومبية أولغا آمارال لتصميم حقيبتها الذائعة الصيت «Lady Dior».
ومنذ سنوات، تولي الحكومة الكولومبية اهتماماً خاصاً بالقطاع الحرفي، عن طريق وكالة تابعة لوزارة التجارة تقدم له المساعدات والقروض الميسرة، وتسهل تسويق منتجاته في الداخل والخارج، وتسهر على حمايته وتطويره. وتقول آنا ماريا فرييس، مديرة هذه الوكالة: «إن الحرفيين رياديون بالسليقة، ومبتكراتهم تتمتع بكل المواصفات التي يبحث عنها المستهلك المسؤول والذواق: قطع فريدة مستدامة تحافظ على البيئة، تصاميمها جذابة وصناعتها متقنة، وهي تؤدي خدمة اجتماعية».
وقد ساعدت الوكالة مجموعات الحرفيين من السكان الأصليين على اجتذاب عدد من دور الأزياء وصناعة المجوهرات التي تبحث عن مهارات ليست متوفرة في أوروبا، مثل دار «بولغاري» التي أطلقت مجموعة من الأقراط، بالتعاون مع منظمة «Save The Children» وبعض مجموعات السكان الأصليين الكولومبيين في المناطق المطلة على المحيط الهادئ. وتقول مديرة الوكالة: «الصناعات الحرفية هي وسيلة تواصل بالنسبة للسكان الأصليين، تحمل عناصر رمزية وصوفية يعبرون من حلالها عن أفكارهم ورؤيتهم للحياة والكون»، وتشير إلى أن مجموعات السكان الأصليين الكولومبيين صغيرة وضعيفة، مقارنة بتلك الموجودة في بلدان أخرى مجاورة، مثل بوليفيا وبيرو والمكسيك، حيث تشكل الأغلبية.
وتعمل الجهات الرسمية المعنية في كولومبيا على حماية الحقوق الفنية والثقافية للمجموعات الأصلية، بوضع تشريعات تحول دون استغلال تراثها ومبتكراتها من غير موافقتها، أو من دون مقابل. وقد أصدرت السلطات الكولومبية مؤخراً تعليمات بمنع توزيع وبيع قبعات من البلاستيك مصنوعة في الصين، ومنسوخة عن القبعة التقليدية لإحدى القبائل الأصلية، ونجحت في تعميم هذه التعليمات على عدد من الدول المجاورة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتساهم هذه المجهودات التي تتعاون فيها الجهات الرسمية مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى حماية التراث الحرفي الكولومبي، في المساعدة على إعادة إدماج ضحايا العنف والمقاتلين السابقين في النسيج الاجتماعي.
ولم يعد مستغرباً أن يعمل مقاتلون سابقون كانوا ينتمون إلى مجموعات متناحرة في المشغل الحرفي نفسه جنباً إلى جنب، مما يعطي صورة أخرى عن كولومبيا التي ارتبط اسمها منذ عقود بالعنف والفساد والمخدرات، لأنه كما تقول كلارا أوسبينا، التي فازت العام الماضي بالجائزة الأولى في المسابقة الوطنية للمعلمين الحرفيين: «كل قطبة، وكل خيط أو تطريزة، تحمل قيمة تاريخية ورسالة تراثية، إلى جانب فنها وجمالها».



كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
TT

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية. اختارت لها بصمات دائمة: عبر تاريخ وحقبات المملكة العربية السعودية Perpetual Footprints:

Across Saudi Times and Eras عنواناً وست شخصيات سعودية أبطالا. هؤلاء جمعهم حذاء بسيط لكن معروف بعمليته وما يمنحه من راحة صحية.

فهدفها لم يكن استعراض مهارتها وخبرتها في صناعة الأحذية التي تتحدى الزمن والاختلاف والمسافات فحسب، بل أيضاً التعبير عن اهتمامها بسوق تعرف أهميته بالنسبة لها، وفي الوقت ذاته التعبير عن إعجابها بالثقافة السعودية لما فيها من تنوع وحيوية تكتسبها من شبابها. لكي تنجح حملتها وتكتسب عبق المنطقة، استعانت بمواهب محلية ناجحة في مجالاتها، لعرض الإرث الثقافي الغني للملكة، وتلك الديناميكية التي تميز كل منطقة. حتى مهمة تنسيق جلسة التصوير أوكلتها لمصمم الأزياء ورائد الأعمال السعودي حاتم العقيل من باب أن «أهل مكة أدرى بشعابها».

عبد العزيز الغصن يظهر في الحملة في عدة لقطات تعبر عن المنطقة التي يُمثِلها (بيركنشتوك)

جمعت ستة مؤثرين، ثلاث نساء هن فاطمة الغمدي وديم القول وداليا درويش، وثلاث رجال، هم خيران الزهراني وعبد العزيز الغصن وأحمد حكيم، كثنائيات لإبراز السمات الفريدة التي تُميز ثلاث مناطق هي نجد والحجاز والشرقية. وبينما كانت أحذية «بيركنشتوك» الخيط الرابط بينهم جميعاً، تركت لكل واحد منهم حرية التعبير عن رؤية تعكس أسلوب حياته ومجال تخصصه، سواء كان موسيقياً أو رياضياً أو رائد أعمال.

الحجاز القديم

خيران الزهراني ابن مدينة الباحة ممثلاً منطقة الحجاز (بيركنشتوك)

مثَل المنطقة كل من خيران الزهراني وفاطمة الغمدي. خيران وهو ابن مدينة الباحة معروف في عالم الأوبرا بصفته الكاونترتينور الأول في البلاد، يمزج عمله ما بين الفخر الثقافي والإبداع الفني. غني عن القول إنه يلعب دوراً ريادياً في أداء أعمال أوبرالية بارزة باللغة العربية، بما فيها مشاركته في أول أوبرا عربية تمثّل المملكة العربيّة السعوديّة في قمة BRICS لعام 2024. في هذه الحملة يظهر خيران في حذاء «بوسطن» Boston Suede المصنوع من الشامواه، والمتعدد الاستخدامات مع ملابسه العصرية. في صورة أخرى نسَق حذاء «جيزيه» Gizeh مع زيه التقليدي.

خيران الزهراني ابن مدينة الباحة والفنانة فاطمة الغمدي ممثلان منطقة الحجاز (بيركنشتوك)

تنضم إليه الفنانة والرسامة «فاطمة الغمدي» وهي من الطائف لإكمال قصة منطقة الحجاز. تظهر في حذاء «أريزونا» المتميز ببكلة بارزة، باللون الزهري الفوشيا. تظهر ثانية بحذاء «مدريد»، الذي يأتي هو الآخر ببكلة كبيرة الحجم، ليُكمل زيها التقليدي.

منطقة نجد

عبد العزيز الغصن كما ظهر في الحملة (بيركنشتوك)

هنا ينضم الموسيقي عبد العزيز الغصن، المقيم في الرياض، إلى الحملة للاحتفال بمنطقة نجد. الجميل في هذا الفنان أنه تأثر بعدة ثقافات موسيقية وشغف دائم لخوض غمار الجديد، بأسلوب موسيقى يمزج ما بين الـ«أفروبيت»، الـ«أر أند بي» والـ«هيب هوب». يظهر في الحملة محاطاً بأشجار النخيل النجدية، وهو يرتدي حذاء «كيوتو» Kyoto ثم حذاء «بوسطن» Boston.

عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو (بيركنشتوك)

تنضم إليه «ديم القو»، وهي عارضة أزياء سعودية ومؤثرة عُرفت بأسلوبها الخاص يجعل أكثر من 230 ألف شخص يتابعونها و3.2 مليون معجب على تطبيق «تيك توك». تظهر في حذاء «مدريد» ويتميز ببكلة ضخمة باللون البيج الشديد اللمعان يعكس جانبها النجدي المعاصر، في حين يعكس حذاء «جيزيه» Gizeh باللون الذهبي الإرث الغني المتجدر في التاريخ.

المنطقة الشرقية

رائد الأعمال والرياضي ومؤسس علامة «أستور» للأزياء (بيركنشتوك)

يُمثِلها «أحمد حكيم»، وهو رائد أعمال ورياضي وصانع محتوى، كما تمثّل علامته التجارية الخاصة بالملابس، Astor أسلوب حياة يعمل من خلالها على تمكين الأفراد من التعبير عن أنفسهم بثقة ومصداقية. يظهر في الحملة وهو يتجوّل تحت قناطر مدينة الدمام القديمة منتعلاً حذاء «أريزونا» Arizona الكلاسيكي ذا قاعدة القدم الناعمة باللون الأزرق. في لقطة أخرى يظهر في كورنيش المدينة مع داليا درويش، منتعلاً لوناً جديداً، الأزرق الأساسي.

داليا درويش تشارك في الحملة بصفتها محررة ومصممة وصانعة محتوى وسيدة أعمال (بيركنشتوك)

أما ابنة مدينة الخبر الساحليّة، داليا درويش، فتشارك في الحملة بصفتها محررة، ومصممة، وصانعة محتوى وسيدة أعمال، لتُعبِر عن طبيعة المنطقة الشرقية المتعددة الأوجه. ولأنها تعشق السفر، اختارت حذاء «أريزونا» Arizona، الذي يجمع الكلاسيكية بالعصرية، باللونين الذهبي والأزرق المعدني.