«100 سنة ثورة» يفتتح مهرجان الإسكندرية السينمائي

تكريم نبيلة عبيد ومحمود قابيل ورفيق علي أحمد في الحفل

نبيلة عبيد بعد تكريمها في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي
نبيلة عبيد بعد تكريمها في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي
TT

«100 سنة ثورة» يفتتح مهرجان الإسكندرية السينمائي

نبيلة عبيد بعد تكريمها في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي
نبيلة عبيد بعد تكريمها في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي

على خشبة مسرح دار أوبرا الإسكندرية «مسرح سيد درويش» افتتح العرض الغنائي «100 سنة ثورة» مساء أول من أمس، الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط بحضور عدد من الفنانين العرب والأجانب. واستعاد العرض الذي أخرجه عادل عبدة مسيرة الحراك الشعبي المصري بدءاً من ثورة 1919 وحتى اليوم، وامتزج بمشاهد فيلمية من أعمال المكرمين والمحتفى بهم في الدورة الحالية، ومنها فيلم «بين القصرين» للمخرج حسن الإمام، ولقطات أخرى من فيلم «رد قلبي» للمخرج عز الدين ذو الفقار الذي تحتفي الدورة بمئوية ميلاده أيضاً، ومشاهد من فيلم «ناصر 56» للمخرج الكبير محمد فاضل أحد المكرمين في الدورة الحالية. وأعقب العرض تقديم أغنية «يلا نبني بلدنا»، قبل تقديم الحفل بواسطة مقدمة البرامج المصرية بوسي شلبي والمذيع إبراهيم الكرداني.
وكرمت إدارة المهرجان في افتتاح الدورة الـ35 الفنانة المصرية الكبيرة نبيلة عبيد، التي تحمل دورة هذا العام اسمها في تقليد متبع مع نجوم السينما المصرية منذ خمس سنوات، بالإضافة إلى المخرج محمد فاضل والفنان المصري محمود قابيل، والفنان اللبناني رفيق علي أحمد.
وقلد المهرجان «وسام عروس البحر المتوسط» للمخرج التونسي رشيد فرشيو. التي تحل «ضيف الشرف». كما كرم المهرجان الممثل هوغو سيلفا والمخرج كولدو سيرا من إسبانيا. ويعرض المهرجان الذي تنظمه سنوياً «الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما» على مدى ستة أيام أكثر من 86 فيلماً من 30 دولة، معظمهم من دول حوض البحر المتوسط.
ويحتفي المهرجان هذا العام بمئوية ميلاد ثلاثة من صناع السينما المصرية هم المخرج حسن الإمام، والكاتب إحسان عبد القدوس، والمخرج عز الدين ذو الفقار، كما ينظم مجموعة من الورش المتخصصة في المونتاج والإخراج والتصوير وكتابة السيناريو. بالإضافة إلى تنظيم معرض بعنوان (35 سنة مهرجان) يبرز أهم إصدارات وملصقات الدورات السابقة وبعض الصور الفوتوغرافية الخاصة التي تؤرخ لها. وحضر حفل الافتتاح عدد من نجوم الفن المصريين والعرب.
من جهتها، عبرت الفنانة المصرية نبيلة عبيد عن فرحتها الكبيرة بتكريمها في المهرجان، واعتبرته تكريماً خاصاً بعد حصولها على جوائز فنية منه في دورات سابقة، مشيرة إلى أنها «تعتبر المهرجان من أهم المهرجانات في منطقة دول البحر الأبيض المتوسط».
وقال المخرج الكبير محمد فاضل إن «تكريمه يعد بطعم الجائزة لأنه جاء من مهرجان عريق وهو مهرجان الإسكندرية».
وعبر فاضل كذلك عن سعادته بالمكان الذي يكرم فيه، وهو الإسكندرية، وعلى المسرح الذي كان يحمل اسم محمد علي في البداية ثم سيد درويش، وأضاف في نهاية كلمته أنه يهدي التكريم إلى زوجته ورفيقة مشواره الفنانة فردوس عبد الحميد، إضافة إلى كل كتاب السيناريو الذي عمل معهم، وكل مديري التصوير والفنانين وعمال البلاتوهات، وكل شخص له دور في وصوله إلى هذا التكريم. فيما أهدى الفنان محمود قابيل جائزته إلى زملائه في الدفعة 49 حربية، بجانب رفقائه في مجال الفن.
ومن لبنان، تم تكريم النجم رفيق علي أحمد، الذي قال إن كثيراً من المبدعين كانوا يلتقون منذ 40 سنة في مهرجانات، وكانوا لا يفهمون بعضهم بعضاً بسبب اختلاف اللهجات، ولكنهم بفضل السينما المصرية صارت لغة التواصل سهلة ويسيرة، مضيفاً: «شكراً للسينما لأنها أوجدت هذه الثقافة. تحية من لبنان، ومحروسة يا مصر».
كما كرمت إدارة المهرجان المخرج التونسي الكبير رشيد فيرشو، الذي قال: «أنا فخور بهذا التكريم، لأنه جاء من بلد قريبة من قلبي وعزيز علي، وهي مصر بلدي الثاني، والتي لي فيها أصدقاء وذكريات كثيرة»، مضيفاً: «مصر علمتني كثيراً، وهي التي أعطتني فرصاً كثيرة للتقريب بين الشعوب، فمصر هي عائلتي وتحيا مصر وتحيا تونس».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».