فيلم «ليل/ خارجي» المصري يفوز بجائزة «مالمو للسينما العربية»

مخرج الفيلم لـ«الشرق الأوسط»: نجاح العمل في المهرجانات الدولية يعوضنا عن ضعف إيراداته

لقطة من فيلم «ليل/ خارجي»
لقطة من فيلم «ليل/ خارجي»
TT

فيلم «ليل/ خارجي» المصري يفوز بجائزة «مالمو للسينما العربية»

لقطة من فيلم «ليل/ خارجي»
لقطة من فيلم «ليل/ خارجي»

فاز الفيلم المصري «ليل/ خارجي» بجائزة «أفضل فيلم روائي طويل»، في الدورة التاسعة لـ«مهرجان مالمو للسينما العربية»، في السويد. الفيلم من بطولة كريم قاسم وعمرو عابد وبسمة وأحمد مالك، ومن تأليف شريف الألفي، وإخراج أحمد عبد الله، وإنتاج شركة «حصالة»، وتدور أحداثه حول ثلاثة أشخاص ينتمون لثلاث طبقات اجتماعية مختلفة، ويجمعهم القدر معاً، ليقضوا ليلة كاملة يتجولون فيها بشوارع القاهرة.
وقال مخرج الفيلم، أحمد عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم كان محظوظاً في الفترة الأخيرة بسبب الجوائز العديدة التي حصل عليها في أكثر من مهرجان دولي، وكان للفنان شريف الدسوقي، الذي جسَّد دور سائق التاكسي نصيب الأسد من هذه الجوائز»، مشيراً إلى أن جائزة «مهرجان مالمو» تكليل لمجهود كل مَن شاركوا في الفيلم، وتُعدّ بمثابة رسالة شكر لكل مَن عملوا فيه حتى مَن وقفوا خلف الكاميرا، وأضاف: «رغم سعادتي بحصول أي فنان على جائزة عن دوره بالفيلم، فإنني أكون أكثر سعادة بحصول الفيلم على جائزة عامة، خصوصاً أنها تنطوي على إجماع من لجنة التحكيم على أنه الأفضل من بين الأفلام المعروضة».
وعما إذا كانت جوائز المهرجانات قد نالت رضاه على المستوى الشخصي، خصوصاً بعدما عجز الفيلم عن حصد إيرادات جيدة عند عرضه التجاري، العام الماضي، قال عبد الله: «بالتأكيد نجاح الفيلم وحصده جوائز يكون مرضياً لصناعه، أما مسألة الإيرادات فمرتبطة بأمور كثيرة أخرى، ففيلمنا تجاوزت إيراداته المليون ونصف المليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16.3 جنيه مصري)، وهو رقم جيد مقارنة بالأفلام التي تسير على غراره من نوعية السينما المستقلة، فأعتقد أن (ليل/ خارجي) حقق أعلى إيراد في سياق هذه النوعية السينمائية، فموضوع الإيرادات مرتبط بأمور أخرى، منها توقيت الطرح ونوعية دور العرض التي طرح فيها».
ولفت مخرج فيلم «ليل/ خارجي» إلى أن «طبيعة هذه الأفلام مهدور حقها في العرض بسبب صورة ذهنية لدى المنتجين والموزعين عليهم تصحيحها»، مضيفاً أن «الفيلم عُرِض تجارياً بالتزامن مع الامتحانات عبر دور عرض محددة، لم تنجح في حصد إيرادات أكبر، فضلاً عن أن بعض الموزعين تعجلوا في رفعه من دور العرض رغبة في عرض أفلام أخرى أكبر، فالإيرادات دوماً مرهونة بشكل السوق وتوقيت النزول».
ونجح الفنان شريف الدسوقي في حصد جائزة «أفضل فنان»، في آخر دورات «مهرجان القاهرة السينمائي»، بجانب «جائزة التمثيل الخاصة» من «جمعية كُتّاب ونقاد السينما المصرية»، كما حصل الفيلم على «جائزة لجنة التحكيم الخاصة» في «مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية»، إضافة إلى عرضه في عدة مهرجانات عربية ودولية، منها «مراكش» و«استوكهولم» و«تورونتو».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».