الموت يغيب الفنان طلعت زكريا «صديق مبارك»

«طباخ الرئيس» الأبرز في مشواره الفني

الفنان طلعت زكريا
الفنان طلعت زكريا
TT

الموت يغيب الفنان طلعت زكريا «صديق مبارك»

الفنان طلعت زكريا
الفنان طلعت زكريا

غيب الموت أمس الفنان المصري طلعت زكريا الذي كان يلقبه البعض بـ«صديق الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك»، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 59 عاماً، ونعاه عدد كبير من الجمهور المصري والفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبروا عن حزنهم الشديد لوفاته.
حياة الفنان طلعت زكريا كانت تراجيدية عكس طبيعة الأفلام الكوميدية التي قدمها على مدار سنوات حياته، فبعد صعوده إلى قمة الشهرة والنجاح، وتحقيق معظم أحلامه وطموحاته المؤجلة أجبره المرض على بيع ممتلكاته وأبعده عن الساحة الفنية لمدة ثلاث سنوات شهدت تغيرات سياسية وفنية كبرى.
طلعت زكريا المولود في عام 1960 في مدينة الإسكندرية عاش طفولة غير مرفهة وسط أسرة مكونة من 12 أخاً وأختاً، كان ينفق عليهم والده الموظف البسيط، لذا حُرم من أشياء عدة، كان يحلم بها في طفولته من بينها دراجة هوائية كان يتمنى شراءها مثل أقرانه بالشارع، وكان يدفعه شعوره بمعاناة والده إلى عدم طلب أي شيء ترفيهي منه، متمنياً تحقيق كل أحلامه في المستقبل بالاعتماد على نفسه.
بعد سنوات من البحث عن ذاته، حقق زكريا شهرة لافتة في مجال الفن، واشترى بيتاً أنيقاً بدلاً من الشقة الضيقة التي عاش بها صغيراً، وسيارة رائعة بدلاً من الدراجة التي حلم بها.
زكريا عبّر في حوارات صحافية سابقة عن «انكساره» ومعاناته الكبيرة بعد مرضه المفاجئ في وقت كانت الدنيا قد بدأت تفتح له ذراعيها بعد النجاح الكبير الذي حققه في فيلمه «طباخ الرئيس» عام 2008، والذي كان يعتبره علامة مضيئة في مشواره الفني بعد أفلام «حاحا وتفاحة» و«قصة الحي الشعبي»، لكن المرض أصابه في آخر أيام تصوير «طباخ الرئيس» الذي شاهد عرضه الخاص على كرسي متحرك.
«المرض كسرني، وأجبرني على بيع سيارتي والفيلا التي أسكن بها، وأدركت خلال هذه المحنة أنّ المال لا يساوي أي شيء بجانب الصحة»، حسب زكريا الذي أصيب بمرض نادر اسمه «جوليان براي» وهو يدمر العظام، ويصيب عضلات القفص الصدري بالشلل ويوقف الجهاز التنفسي عن العمل، وعلى إثر ذلك وُضع على جهاز التنفس الصناعي لمدة 60 يوماً، أبعده عن الساحة الفنية لمدة ثلاث سنوات، سافر خلالها للعلاج في الخارج، وقد ساهم عدد كبير من الفنانين في دفع تكاليف علاجه بجانب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي دفع له 800 ألف يورو من أمواله الخاصة، وفق ما قاله الفنان الراحل في أكثر من حوار سابق.
وعشق الفنان الراحل التمثيل منذ صغر سنه، حتى اكتشفه المخرج محمد فاضل والمخرج جمال عبد الحميد في الدراما التلفزيونية والسينمائية، والمخرج حسن عبد السلام في المسرح.
وخلال سنواته الأخيرة كان زكريا يتطلع إلى لعب بطولة فيلم «حارس الرئيس»، لكن القدر لم يمهله حتى يرى خروج هذا المشروع للنور، بعدما ظلّ سيناريو الفيلم حبيس أدراج «الرقابة على المصنفات الفنية».
وشارك زكريا الذي كان يتمتع بكاريزما مميزة وخفة ظل لافتة في أكثر من 170 عملا فنيا، وكانت معظم أدواره كوميدية، لكن بطولته لفيلمي «حاحا وتفاحة» و«طباخ الريس»، حققت له شهرة واسعة في مصر والعالم العربي.
وكان فيلم «حليمو أسطورة الشواطئ»، الذي عرض في بداية العام الماضي، آخر الأعمال السينمائية التي قدم زكريا بطولتها على شاشة السينما، وأرجع حينها ضعف إيرادات الفيلم إلى «توقيت عرضه غير المناسب» أثناء موجة الطقس الباردة التي ضربت مصر وقتئذ، بجانب «امتحانات نصف العام الدراسي» وارتفاع سعر تذكرة السينما.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقّع الفنان طلعت زكريا، على المشاركة في فيلم سعودي - إماراتي، يحمل اسم «بعد الخميس»، من إنتاج شركة «العنود برودكشن» للإنتاج الفني، ومن إخراج حيدر سمير الناصر، ويضم نخبة من نجوم الدراما والسينما، من 5 جنسيات هي مصر والسعودية والإمارات ولبنان وسوريا، لكن المرض منعه من إنجاز دوره بالفيلم.
تصدر طلعت زكريا محرك البحث غوغل الشهر الماضي، بعد ظهوره في حفل زفاف أحمد فهمي وهنا الزاهد، حيث نشرت ابنته إيمي مقطع فيديو لها مع والدها عبر حسابها في موقع «إنستغرام»، يظهر زكريا وهو يجلس على كرسي.
وبعد شائعات متكررة رددتها بعض وسائل الإعلام ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة عن وفاة الفنان المصري طلعت زكريا، فإنّ الموت أسدل الستار أمس، على هذه الشائعات للأبد، وغيبه عن أحلامه ومشروعاته الفنية وسط حالة كبيرة من الحزن في الوسط الفني المصري.
يشار إلى أنّ الفنان الراحل شارك في أفلام «الفيل في المنديل» و«صياد اليمام»، و«طباخ الرئيس» و«قصة الحي الشعبي» و«كلام في الحب» و«حريم كريم» و«سيد العاطفي»، و«السيد العربي»، و«أبو علي»، و«عوكل»، و«غبي منه فيه»، و«جاءنا البيان التالي»، ومسلسلات «مبروك جالك قلق» و«العراف» و«من غير معاد» و«ضبط وإحضار» و«الزيبق» ومسرحيات «البعبع»، و«دو ري مي فاصوليا»، و«وراء كل مجنون امرأة»، و«كحيون ربح المليون»، و«سكر هانم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».